محمد خرّوب

من استمع الى النبرة الواثقة التي تحدث بها عبدالرزاق الكاظمي معلناً عن قيام تحالف جديد يضم الكتلتين الشيعيتين الاكبر في البرلمان الجديد، الذي افرزته انتخابات السابع من اذار الماضي، ومن منزل د.ابراهيم الجعفري (وما ادراك ما الجعفري)، يلحظ laquo;الزهوraquo; الذي كان عليه الرجل وهو يتلو البيان وكأنه البيان رقم واحد.. ما اشاع انطباعاً بأن صفقة ما، قد عقدت وان رائحة المذهبية بردائها الطائفي تفوح من بين سطور ومضامين البيان الذي بدا وكأنه يتوسل لغة تصالحية معتمدة على شعارات تبدو هي الاخرى رائجة مثل وصف التحالف بانه خطوة اساسية للانفتاح على القوى الوطنية الاخرى، لكنها من أسف نقيض لما كان laquo;أنجزهraquo; هذا الائتلاف (الرباعي القديم) قبل ان يتصدع وتنهشه الخلافات حد الاحتراب في صولات الفرسان وغيرها من الاسماء الكودية التي اعتمدها المالكي في حربه على جيش المهدي (الذراع العسكري للتيار الصدري) ثم laquo;تصفيتهraquo; السياسية والمعنوية لرئيسه السابق في حزب الدعوة ابراهيم الجعفري قبل ان يضطر الاخير للاستقالة والخروج من صفوف الحزب الذي حمل عضويته وشارك في قيادته سنوات طويلة.

فهل يمكن بالفعل استمرار تحالف كهذا إذا لم يكن نوري المالكي ضَمِنَ بقاءه في موقعه الراهن؟.

ثمة من يراهن على انهيار هذا التحالف حتى لو انضم التحالف الكردستاني (43 مقعداً) اليه، اللهم إلاّ اذا كانت (صفقة سرية برعاية أو ضغط احدى العواصم الاقليمية النافذة) سبقت اشهار الاعلان، تنص ربما على التناوب في رئاسة الحكومة بين الجعفري والمالكي، إذ ليس معقولاً ان يخوض المالكي كل هذه (المعارك) ويوصل الأمور مع القائمة العراقية (علاوي) الى نقطة اللاعودة (رغم وجود اقتراح بالتناوب على الموقع بهدف اخراج البلاد من اتون الطائفية والمذهبية التي حكمت المشهد العراقي طوال السنوات الاربع التي انقضت على وجود المالكي في موقعه، بل وفي فترة الجعفري ذاته رغم قصرها).

ثم ما الذي حدث كي يتحالف التيار الصدري مع إئتلاف دولة القانون، بعد ان اجرى استفتاء بين انصاره وجاء المالكي في المرتبة الخامسة laquo;الأخيرةraquo;، ناهيك عن اختلاف laquo;البرنامجraquo; السياسي مع زعيم حزب الدعوة.

هل لدول الجوار صلة بهذا التحول الذي شكل خلطاً واضحاً للاوراق، بل ليس مغامرة القول ان المالكي استطاع قلب الطاولة وإحباط محاولة اقصائه (ولو مؤقتاً) واجباره على الجلوس في مقاعد المعارضة التي ستعني تجفيفه سياسياً وفقدان طموحه بالبروز كرجل العراق الجديد.. القوي، كطموح بل عقدة لم تفارقه منذ ان سطع نجمه فجأة..

الكرة ليست في ملعب أحد.. فكل الاطراف تتقاذفها ويصعب القول انها ستستقر في مرمى ما.

فواشنطن قد تكون غير راضية إلاّ ان هامش مناورتها أضيق من أن تحول دون استمرار التحالف الجديد الذي لا يحتاج إلاّ لاربعة مقاعد حتى يحوز على الأغلبية البرلمانية التي ستوفر له شبكة حماية في مجلس النواب.

والاكراد لا يضيرهم دعم هذا التحالف (وهو ما كان اشار اليه علانية الرئيس جلال طالباني رغم تراجعه عنه) ما دام يوفر لهم مطالبهم المعروفة في تنفيذ المادة 140 والاتفاقيات النفطية والنسبة المقتطعة من الموازنة المركزية ومكانة البيشمركة ودورها.

يبقى الاعتراف بان اياد علاوي وقائمته في وضع لا يحسدون عليه وهم الى اللحظة الراهنة اكبر الخاسرين حتى لو واصلوا التحذير من اللون الطائفي والمذهبي الذي يهيمن على التحالف الجديد.

اين من هنا؟.

الانتظار سيد الموقف, الى حين انكشاف المخبوء وهو عظيم في ما يبدو.