الرباط ـ محمود معروف

قال مسؤولون مغاربة ان النهوض بحقوق الانسان في بلادهم خطوة لا رجعة فيها وحريصة على احداث وتعزيز الهياكل والمؤسسات لتوفير ضمانات حماية حقوق الانسان بعد طي صفحة الماضي.
وتحدث المسؤولون المغاربة خلال ندوة نظمت امس الاربعاء بالرباط حول 'دور المؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان في تعزيز حكم القانون' عما عرفته بلادهم من انجازات في ميدان حقوق الانسان والاصلاحات التي عرفتها القوانين الضامنة لهذه الحقوق.
وأكد وزير العدل المغربي محمد الناصري أن النهوض بحقوق الإنسان في المملكة 'خيار استراتيجي لا رجعة فيه انطلاقا من الاهتمام المتميز الذي تحظى به قضايا حقوق الإنسان في المشروع المجتمعي'.
وأوضح الناصري في اللقاء السنوي السادس للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان الذي ينظمه المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أن المغرب حرص على تعزيز منجزاته في هذا المجال، خاصة عبر برامج عمل تهم إحداث وتعزيز المؤسسات والهياكل وتطوير وملاءمة التشريعات مع الاتفاقيات الدولية وتوفير ضمانات حماية حقوق الإنسان وطي صفحة الماضي وجبر أضرارها.
وأبرز الوزير المغربي عمل بلاده الدؤوب لاستكمال انخراطها في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، بالموازاة مع أوراش كبرى مهيكلة تتعلق بحماية حقوق الإنسان وتعزيز شروط ممارستها في الحياة اليومية والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وإصلاح القضاء والجهوية الموسعة والخطط الوطنية والقطاعية وغيرها.
واعتبر أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (حكومي) أن تزايد دور المؤسسات في تعزيز حكم القانون ينعكس على الديناميات الوطنية المرتبطة بالتشريعات القطرية عبر الدساتير أو القوانين التي تكرس الالتزام بمبادئ سمو القانون والمساءلة والمساواة أمام القانون وتوفير شروط المحاكمة العادلة وفصل السلطات واستقلال القضاء والمشاركة والتمثيلية السياسية.
وأوضح أن دور هذه المؤسسات يتمثل في المساهمة في تتبع مدى ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان بناء على مبادئ العدل والمساواة والمسؤولية وعدم الرجعية والخضوع للشرعية القانونية، فضلا عن تقديم مقترحات في هذا الشأن وتوفير آليات الحماية والانصاف في حالة حدوث انتهاكات أو تجاوزات.
ويرى حرزني أن تعزيز حكم القانون مهمة صعبة ومستمرة تتطلب نفسا طويلا ومجهودا متواصلا ونهجا متدرجا وتستدعي مساهمة مختلف الفاعلين واعتماد استراتيجيات وخطط وبرامج تأخذ بعين الاعتبار أهمية المقاربة الحقوقية وغايات التنمية ومرتكزات البناء الديمقراطي.
وقالت عالية الدالي الممثلة المقيمة الدائمة المساعدة لمكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمغرب ان تعدد منظمات وهيئات حقوق الإنسان يعكس عمق اهتمام المجتمع المغربي بالإشكالية الحقوقية، داعية إلى تطوير هذه المؤسسات وتزويدها بالإمكانيات الضرورية لأداء مهمتها المتمثلة في الحث على تفعيل المواثيق الدولية.
وأشار رئيس مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن عدنان بدران إلى أن تبني الدول لمبدأ سيادة القانون أضحى معيارا أساسيا لتقدم الدول والمجتمعات الإنسانية وهاجسا لدى الجميع وأن مهمة النهوض والتمسك به غدت مسؤولية مشتركة للحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على حد سواء.
ودعا نشطاء حقوق الإنسان إلى دمج النواحي القانونية مع تلك المتعلقة بالديمقراطية للوصول في مقاربة واحدة إلى سيادة القانون كمبدأ للحكم يكون فيه الأشخاص والمؤسسات والكيانات، بما في ذلك الدولة، مسؤولين أمام قوانين صادرة علنا تطبق بالتساوي وتحتكم لقضاء عادل ومستقل وتتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ويهدف اللقاء السادس للمؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان إلى الوقوف على الدور المحوري الذي يمكن أن تقوم به المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز حكم القانون خاصة على مستويات 'مراقبة ممارسات الدولة في ما يتصل بمدى التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان'، و'الاقتراح وإبداء الرأي وتقديم المشورة' و'توفير المعلومات والتوعية والتربية على حقوق الإنسان'.
ويشمل برنامج هذا اللقاء السنوي، الذي ينظم أيضا بتعاون مع المركز الوطني لحقوق الإنسان بالأردن وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عقد جلسة عامة حول التدابير اللازمة لضمان تفعيل مبدأ سمو القانون تناقش 'فصل السلط والمشاركة في صنع القرار' و'تجنب التعسف والشفافية الإجرائية والقانونية' و'دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز حكم القانون من خلال التوعية والتربية على حقوق الإنسان'.
كما سينتظم المشاركون في إطار ورشتين، تتناول أولاهما 'رصد ومراقبة ممارسات الدولة ومدى التزامها بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان'، في حين تتطرق الثانية لموضوع 'الوظيفة الاستشارية والاقتراحية في مجال التشريعات والسياسات العمومية'.
ويحضر هذا اللقاء ممثلون عن المؤسسات الوطنية العربية لحقوق الإنسان وعن منظمات دولية وإقليمية ومنظمات غير حكومية، إلى جانب قضاة ومحامين وبرلمانيين وأكاديميين وخبراء دوليين ووطنيين.
ويندرج اللقاء، حسب المنظمين، في إطار الاهتمام المتزايد الذي بات يحظى به موضوع تعزيز حكم القانون على المستويين الدولي والوطني في بداية الألفية الثالثة، وذلك لدوره في استقرار وأمن المجتمعات وتنميتها وتدعيم حكم خاضع للمساءلة، وحماية الأشخاص وتوفير شروط تمتعهم بحقوق الإنسان.