علي أحمد البغلي


نئن ونشتكي من تطرف أصوليينا في محاولاتهم الدائبة لفرض وجهة نظرهم الاحادية على كل افراد المجتمع، ومن دون قناعة من هؤلاء الافراد المغلوبين على امرهم، لأن الاصوليين اصبح المجتمع يدين لهم بالطاعة والولاء في غفلة من الزمان.. فتغلغلوا في جميع مفاصله، فأصبح من الصعب الفكاك من قبضتهم المتشددة في كثير من مناحي حياتنا.. أصوليونا يكفرون ويفسقون من لا يسير على هوى عقائدهم المتزمتة المعزولة التي أنجبها فقه الصحارى والغلو الممقوت، والبعيدة كل البعد عن سماحة الاسلام المحمدي الاصيل.
في اسرائيل ايضا، يعيث المتزمتون فسادا بفرض آرائهم المتزمتة ــ حتى لو لم تصب في مصلحة بلدهم، أو انها قد تضر مصالحها مع الآخرين.. رئيس طاقم العاملين في البيت الابيض، وهو منصب رفيع بارز يشغله يهودي اميركي هو رام عمانويل.. هذا المنصب الرفيع باقترابه من سيد البيت الابيض، يعتبر من المناصب الحساسة والمؤثرة في السياسة الاميركية، فـ chief of staff هو الذي يُفصّل والرئيس الاميركي يلبس، وهو يدخل ما يريد من معلومات يومية للرئيس، ويعطيه النصائح ويوجهه للقرار المطلوب، ولقلة وقت الرئيس وزحمة جدول اعماله، فقد يأخذ تلك التوصيات على علاتها، ولثقته برئيس طاقم العاملين معه فهو الأقرب إليه، وهو من عيّنه.. إخواننا العرب لطموا الخدود وشقوا الجيوب عند تعيين رام عمانوئيل، وقالوا انه مساند عمياني لاسرائيل، وبأنه سيؤثر في أوباما وسياساته لمصلحة الدولة العبرية ليهوديته ولتعصبه لاسرائيل!
ولكن يظهر كما هو الامر في غالب الاحوال، فالعرب ومحللوهم وخبراؤهم في السياسة الخارجية هم اخر من يعلم! فرام عمانوئيل في زيارته الاخيرة لاسرائيل لاقى اضطهادا من نشطاء اليمين اليهودي المتطرف من المتدينين ما لم يلاقه اليهود ايام النازية، لانهم نسبوا اليه مواقف اوباما غير الودية في مواجهة اسرائيل، رام جاء لاسرائيل بزيارة خاصة، وقد خطط ان يجري حفل البلوغ لابنه الطفل في باحة حائط البراق (المبكى).. فمنعه دهاقنة الاصولية اليهودية من ذلك، زاعمين انه سيدنس حائط المبكى، ناعتينه بالخيانة لشعب اسرائيل وارضها، وهو ليس اليهودي الاول الذي يخون شعبه، بل سبقه في ذلك آخرون، لقوا في الاخير مصيرهم كخونة، اسهموا في الاضرار بشعبهم لقاء المال والجاه.. اليمين الاصولي الاسرائيلي مع اليمين الاميركي من حركة laquo;المسيحيين الصهيونيينraquo; يحاولون ايجاد اي ممسك لتشويه سمعة الموظف الاميركي رفيع المستوى، فلم يجدوا الا قصة دعوته لوجبة غداء على حساب الخارجية الاسرائيلية مع انه في زيارة خاصة لاسرائيل، وهو الامر المنافي للقانون والتقاليد المتبعة في تلك الوزارة، التي لا تدعو للغداء الا المسؤولين الاجانب وهم في زيارات رسمية.. عمانوئيل قرر ان يقيم حفل البلوغ لابنه في قاعة مغلقة في قلعة داوود، ومع ذلك فإن الغوغاء الاسرائيليين يلاحقونه في كل مكان يهتفون ضده ويشتمونه.. هؤلاء الغوغاء يقودهم نائب يهودي اصولي متطرف من حزب الاتحاد القومي اليميني يدعى ميخائيل بن آري واحد مساعديه، الذي بعث للنائب العام الاسرائيلي بشأن عزيمة الغداء.. عندما قرأت هذه الحكايات قلت في نفسي عندنا وعندكم خير، فالمتطرفون من نوابنا الاصوليين اعترضوا على تعيين السفير العراقي الجديد، مع ان هذا ليس من شأنهم.. كما قام مساعد احد نوابنا الاصوليين بالتدخل في شأن خاص في احدى المدارس، مطالبا بمعاقبة طالب مراهق لزعمه انه شتم احد الصحابة.. فالتطرف الاصولي واحد من الكويت الى اسرائيل!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم