رضا محمد لاري

تحولت دعوة الأمم المتحدة التي تطالب بالوصول إلى شرق أوسط خال تماماً من الأسلحة النووية، وتسميه إسرائيل بشكل خاص في هذه القضية إلى مصدر جديد للتوتر في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، التي لا ترى بإمكانها الاستمرار في الاعتماد على ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، متناسية ان هذه القضية المتعلقة بمنع الانتشار النووي في منطقة الشرق الأوسط، تستند في مرجعها إلى معاهدة عقدت في شهر مايو الماضي من عامنا الحالي ٢٠١٠م يدعو إسرائيل إلى التوقيع على المعاهدة الدولية المتعلقة بمنع الانتشار النووي مما كشف بشكل صريح عن ترسانتها النووية في ديمونة التي كانت تحاول ان تخفي معالمها عن طريق احاطتها بسرية تامة متناسية ان العالم كله يعرف حقيقة هذه الترسانة النووية منذ بدايتها عندما قدمت فرنسا لإسرائيل أسرار انتاج السلاح النووي ومدتها بالتقنية اللازمة لانتاجه.

نقلت صحيفة laquo;نيويورك تايمزraquo; عن لسان وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك قوله ان بلاده إسرائيل كانت تعتقد ان لديها ضمانات من ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما برفض الموافقة على الإشارة إلى إسرائيل في البيان المتعلق بحظر الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط، غير أنها رأت في الإذعان للضغوط العربية إشارة جديدة على عدم تمكنها من الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية كالحليف الأهم لها، ولكن هذه الحقيقة لم تمنع وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك من إثارة هذه المسألة مع المسؤولين الأمريكيين اثناء زيارته الأخيرة إلى واشنطن الذين لم يستطيعوا تطمين تل أبيب بضمانات تحفظ لهم الاحتفاظ بسلاحهم النووي في ظل التوجه الدولي الذي عبّرت عنه الأمم المتحدة والقاضي بتطهير منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي.

ظهرت بعض بوادر التحسن في العلاقات بين واشنطن وتل أبيب بعد موافقة رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة إلا انه لاتزال مسألة امتلاك إسرائيل للسلاح النووي تشكل سبباً في بقاء إسرائيل غير مطمئنة لنيات ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي تقف بكل ثقلها إلى جانب تطهير منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي وهذا الموقف الأمريكي مكن الأمم المتحدة من تحديد إسرائيل في البيان الختامي لها الذي دعا إلى اجتماع عقد مؤتمر اقليمي في عام ٢٠١٢م لوضع أرضية خالية من الأسلحة النووية، وكذلك يتوقع ان توجه فيه إلى إسرائيل انتقادات تجعل من امتلاكها للسلاح النووي قضية غير شرعية وتلزم بالتخلص منه وهذا التوجه الجديد بالنسبة للسلاح النووي الإسرائيلي الذي تضمنه البيان الختامي للأمم المتحدة، ليس بالقضية الجديدة فلقد طالبت به الأمم المتحدة في عام ٢٠٠٥م غير ان ادارة الرئيس السابق جورج بوش اعترضت على ذكر إسرائيل في البيان الختامي مما كان أحد الأسباب الأساسية لانتهاء الاجتماع للأمم المتحدة بدون بيان ختامي.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي افيجدور ليبرمان ان إسرائيل كانت تعتقد ان ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ستدافع بدورها عن إسرائيل، وقد استشار مسؤولون أمريكيون إسرائيل عن موقفهم من تطهير منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وأدت هذه الاستشارة إلى تعميق الخلاف بين واشنطن وتل أبيب التي أعلنت عن دهشتها من الموقف الأمريكي.

لم يأت الموقف الأمريكي من فراغ وإنما جاء من خلال مفاوضات مع العرب لأشهر طويلة حتى لا يتم ذكر اسم إسرائيل في البيان الختامي للأمم المتحدة، غير أن العرب رفضوا هذا التوجه الأمريكي وقرروا بأن تطهير منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي يتطلب تخلص إسرائيل من أسلحتها النووية بشكل كلي وان بقاء هذه الأسلحة النووية بها لا ينسجم مع التوجه الرامي بجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وإسرائيل أحد دول هذا الاقليم، بجانب ان امتلاك إسرائيل للسلاح النووي يفتح الباب للدول الأخرى في اقليم الشرق الأوسط إلى السعي إلى امتلاك السلاح النووي للتوازن في داخل الاقليم.

هذه الحقيقة دفعت مسؤولين في ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى القول بأن واشنطن واجهت خياراً صعباً لأن رفض التنازل أمام الدول العربية كان يعطل مراجعة المعاهدة في الوقت الذي كانت فيه ادارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعلق أهمية كبرى على اجتماع نزع الأسلحة النووية من منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً وان الولايات المتحدة الأمريكية كانت ترمي إلى بناء جسور من العلاقات مع العالم العربي.

لم يغير الاجتماع الذي عقد بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما وبين رئيس الوزارة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض بواشنطن لمناقشة كثير من القضايا منها الهجوم العدواني الإسرائيلي على أسطول الحرية التركي، والتفاوض حول المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين، وفك الحصار عن قطاع غزة، وقضية المستوطنات اليهودية فوق الأراضي المحتلة الفلسطينية، أما السلاح النووي الإسرائيلي فغير خاضع للنقاش لأنه قضية منتهية ولابد من تطهير منطقة الشرق الأوسط منه إذا استطاعت الأمم المتحدة في عام ٢٠١٢م ان تلغي تماماً السلاح النووي الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط ليتم الوصول إلى اخلائها تماماً من السلاح النووي.