اسطنبول - هوشنك أوسي

تسعى حركات سياسيّة إسلاميّة إلى استقطاب أكراد تركيا بشتّى الوسائل، منها ما هو اقتصادي (العمل في شركاتها، أو منح قروض ميسّرة من بنوكها) أو ما هو تعليمي (مِنح دراسيّة خارجيّة، وتخفيض في رسوم التسجيل في المدارس والمعاهد الداخليّة الإسلاميّة) أو ما هو إعلامي، عبر الصحف والإذاعة وشبكات التلفزة. ولم يعد خافياً أن قسماً كبيراً من الإعلام التركي بات إسلاميّاً، بنسب متفاوتة. فحزب العدالة والتنمية، ومن خلفه، الداعية الإسلامي فتح الله غولان، له امبراطوريّة إعلاميّة، وحزب السعادة الإسلامي له إعلامه، من صحف وقنوات تلفزة، وحتّى حزب الله التركي، المحظور له صحفه ومجلاته، وهناك أخبار عن نيّة هذا الحزب السنّي، المقرّب من إيران، (يتبنّى نهج الخميني)، إطلاق فضائيّة. لكنّ، آخر تفريخات الإعلام الإسلامي، هو إطلاق جماعة فتح الله غولان قناة فضائيّة جديدة، ناطقة بالكرديّة تسمّى laquo;دنيا تي فيraquo;. واللافت أن مقرّ هذه القناة لن يكون اسطنبول أو أنقرة أو حتّى دياربكر (كبرى المدن الكرديّة جنوب شرق تركيا) بل مدينة عنتاب الكرديّة، على الحدود السوريّة - التركيّة. مع العلم أن أوّل قناة محليّة كرديّة في تركيا، كانت قناة laquo;غون تي فيraquo; التي تبثّ برامجها من دياربكر. ولا تزال هذه القناة تحاول أخذ ترخيص البثّ الفضائي، إلّا أن السلطات المعنيّة تماطل وتعرقل الأمر. من هنا، فإن laquo;دنيا تي فيraquo; ستكون أوّل قناة فضائيّة خاصّة، ناطقة بالكرديّة في تركيا، بعد قناة laquo;تي آر تي 6raquo; التابعة للدولة.

وبحسب المعنيين ستبدأ هذه الأخيرة قريباً البثّ بالفارسيّة والعربيّة والإنكليزيّة أيضاً. ومعلوم أن قناة laquo;سمان يول - اس تي فيraquo; هي أبرز قنوات التلفزة التابعة لجماعة فتح الله غولان. وهذه القناة، (سمان يول) هي نفسها التي أنتجت وتعرض الآن مسلسل laquo;تك تركيا/ تركيا الواحدةraquo; والذي تعرض قناة laquo;أم بي سيraquo; دبلجته العربيّة، تحت اسم laquo;الأرض الطيّبةraquo;. هذا العمل الذي لاقى شجباً وتنديداً كردياً واسعَ النطاق، لتناوله laquo;النضالraquo; الكردي في شكل مشوّه وتضليلي، وفق وجهة نظر الجيش التركي، غالباً ستقوم قناة laquo;دنيا تي فيraquo; بدبلجته الى الكرديّة، وعرضه على شاشتها، لكون laquo;دنيا تي فيraquo; و laquo;سمان يولraquo; تابعتين للجهة نفسها، وخاضعتين للتوجّه والنهج ذاتهما.

وبحسب الكثير من المراقبين، فإن laquo;دنيا تي فيraquo; لن تنافس القنوات الكرديّة التي تبثّ من خارج تركيا، كـ روج تي فيraquo;، laquo;نوروز تي فيraquo;، laquo;أم أم سيraquo;، laquo;كردستان تي فيraquo;، laquo;زاغروس تي فيraquo;، laquo;كردساتraquo;...، بل ستكون منافسة لقناة laquo;تي آر تي 6raquo; التركيّة، الناطقة بالكرديّة. وحين تبثّ laquo;دنيا تي فيraquo; بالعربيّة، ربما تصبح منافسة لقناة laquo;التركيّةraquo; الناطقة بالعربيّة، والتابعة للدولة.

أيّاً يكن من أمر، فإنّ قناة laquo;دنيا تي فيraquo; التي تبثّ برامجها على القمر التركي laquo;تورك ساتraquo;، لن تخرج من إطار التسويق للخطاب الدعوي الإسلامي - التركي، الذي تتبنّاه جماعة فتح الله غولان، بعدما باتت معاهد ومدارس وجامعات هذه الجماعة منتشرة في مصر والخليج وبريطانيا واميركا وجنوب آسيا وأوروبا وروسيا والبلقان والقفقاس والعراق، وبخاصّة كردستان العراق.