إبراهيم عبدالله مفتاح


كتابتي ــ هذه ــ عن الأخطبوط لم تكن نتيجة دراسة درستها في المدرسة أو قراءات قرأتها في الكتب، ولكن معلوماتها مستمدة من واقع شاهدته بعيني وتعاملت معه بحكم أني ابن جزيرة عندما كنت ــ وخاصة أيام شبابي ــ أقضي بعض أوقاتي في البحر على متن قارب صيد أو على رؤوس بعض الجبال الممتدة من اليابسة إلى العمق حيث أجلس على أحد تلك الرؤوس وأقذف بسنارتي التي لا تخيب ظني في الحصول على سمكة أو أكثر إلا أنها ــ في بعض الأحيان ــ كانت تخيفني عندما يعلق بها أخطبوط أو كما يسميه البحارة laquo;أبو حبالraquo; بسبب أذرعه الرخوة الثمانية التي يوجد في كل منها مصاصات هي مكمن الخطورة فيه. عندما أحس بجذب هذا الكائن البحري للسنارة سرعان ما أجذبها بسرعة شديدة حتى لا أمكن أحد أذرعته من ملامسة أي شعب مرجاني لأن ذلك يمكنه من الالتصاق بذلك الشعب أو أي جسم آخر ولا يستطيع الصياد انتزاعه وعندئذ لابد من قطع خيط السنارة. أما في حالة التمكن من صيده وإخراجه إلى القارب أو إلى اليابسة فإن على الصياد أن يكون حذرا من ملامسة أذرعه لأن لديه القدرة على أن يمد تلك الأذرعة من أسفل القدمين إلى الرقبة ليحكم الالتفاف عليها وخنق صاحبها حتى الموت لذلك فإن الصيادين يحتاطون لأنفسهم بحمل السكاكين لتقطيع تلك الأذرع. كما أنه يقال: إن الحيتان الكبيرة ــ التي يقال إنها حيتان العنبر ــ التي يصل طول أحدها إلى خمسة عشر أو عشرين مترا والتي توجد منتحرة على بعض السواحل ــ يقال إن سبب انتحارها هو التصاق الأخطبوط بمكان معين من أجسامها الأمر الذي يؤدي بهذه الحيتان إلى الانتحار..
هذه المعلومات استدعتها فعاليات كأس العالم التي أقيمت في دولة laquo;جنوب أفريقياraquo; عندما نشرت وسائل الإعلام المختلفة حكاية الأخطبوط الألماني الذي كانت له مجموعة من التنبؤات ــ صدقت معظمها ــ بما في ذلك تنبؤه بهزيمة laquo;المانشافتraquo; الألماني أمام laquo;الماتادورraquo; الأسباني ثم تنبؤه ــ فيما بعد ــ بهزيمة laquo;الطواحينraquo; الهولندية أمام الماتادور أيضا.. كنت أظن أن هذا الأخطبوط الألماني لقب لشخص يمتهن الشعوذة أو الكهانة أو العرافة كما يفعل قارئو الفنجان وقارئو الكف وضاربو الودع ولكني ــ بعد متابعتي ــ وجدتهم يقصدون بذلك أخطبوطا حقيقيا نشرت صوره وسائل الإعلام المقروءة والمرئية وقرأت أن الألمان يطالبون بتقطيعه وتقديمه وجبة للاعبي المنتخب الألماني .. عندئذ عرفت أن هؤلاء المروجين الموقنين بتنبؤات هذا الحيوان البحري أكثر غباء من تلك الأخطبوطات التي يدعوها غباؤها لأن تعلق بسنارتي لأقطعها إربا وأقدمها طعما شهيا للأسماك الأخرى عندما أمارس هوايتي كل مساء على سواحل جزيرتي.