البصرة


اين تنتهي الاعتبارات الاقتصادية وأين تبدأ الهواجس السياسية؟
مصدر في الحكومة المحلية في البصرة افاد أن شركة حمد الجحيلي السعودية تعتزم إقامة مشاريع استثمارية في قطاع الكهرباء، وأن وفدا منها التقى محافظ المدينة شلتاغ عبود وعددا من كبار المسؤولين وقدم مشاريع مختلفة في هذا المجال .
وبناء على دخول المستثمر السعودي جنوب العراق- البصرة بشكل خاص- توجهت القبس لتقصي حركة التجارة بين العراق وإيران أولا، والعراق والمملكة ثانيا، هذه التجارة التي تأثرت كثيرا بالمتغير السياسي خلال السنوات السبع الماضية مما انعكس سلبا على حياة المواطن البسيط والوضع العراقي بشكل عام.

دور السعودية المعتدل
لا شك أن السياسة عملت كموجه لأنشطة التجارة بين العراق وكل من ايران والسعودية .فبعد أن كانت السلع الإيرانية تحظى بتشريف عال في أسواق الجنوب العراقي إثر خلوها من منافس حتى منتصف 2007 ، صارت البضائع السعودية منافسا يحظى اليوم بمرتبة الشرف الأعلى إثر صعود الدور المعتدل الذي تلعبه المملكة في العملية السياسية العراقية، بحسب قول خليل عباس راضي (رجل أعمال).
ويؤكد راضي أنه ومنذ أعمال فرض القانون و laquo;صولة الفرسانraquo; التي مكنت الدولة من فرض سيطرتها على الجنوب أولا ومن ثم الوسط كله، في مقابل انكشاف الدور الأمني الإيراني الذي لعبته أجهزة فيلق القدس والحرس الثوري في زعزعة الأمن هنا، تراجعت شعبية البضاعة الإيرانية،وقل الإقبال عليها، لكن تأخر وصول المنافس السعودي وحاجة السوق المتزايدة مكنت المصدر الإيراني من الاحتفاظ بوجوده .

السياسة الرسمية للمملكة.. وفقهاء الظلام
وعن السلع السعودية يقول عبد السلام المولى (تاجر في سوق العشار الكبير): منذ حوالي 3 سنوات تعارف المستهلك العراقي على المنتج السعودي، مثلما تعارف على جوهر وحقيقة laquo;التدخلraquo; السياسي ـ الأمني السعودي، حتى صار يميز بين سياسة الدولة الرسمية وسياسة فقهاء laquo;الظلامraquo; من أصحاب الفتاوى الذين لا يمثلون برنامج المؤسسة السياسية السعودية، فضلا عن نجاح اختبار المنتج من قبل المستهلك العراقي.
ويضيف : على الرغم من إقبال المتبضع العراقي وفي البصرة بشكل خاص على السلع السعودية، فان التجارة مع المملكة مازالت تخطو خطوات خجولة، لأسباب بينها تردد التجار هناك، وخشيتهم من دخول السوق العراقية المضطربة ..فضلا عن الصعوبة في إيجاد الوكيل القادر على دخول العراق عن طريق دولة الكويت، ناهيك عن قرارات البعض من دول الخليج التي تحظر على مواطنيها السفر الى العراق بسبب أوضاعه المعروفة .
وعلى خلاف ما كان يشاع فان المعتمر العراقي (الشيعي) تحديدا يلاقي معاملة غير حسنة من المواطن السعودي، في الديار المقدسة أو في الأسواق، نفى حسين توفيق علي أن يكون قد شعر بمضايقة من أحد أثناء تأدية مناسك العمرة، بل يؤكد أنه ذهب للمدينة المنورة وصلى في مسجد شيعي ،وانه شاهد تقاليد شيعية داخل الحسينية، القضية التي تحدث عنها بشكل لافت حتى أن كثيرا من أقربائه لم يصدقه.

90 % من السلع مقبولة
ويقول أبو شاكر (مدير شركة بركات المجتبى ) : الملاحظ إن 90 % من المنظفات والشامبوهات ومواد التجميل على سبيل المثال تأتي من المملكة، وأن منتجات الألبان والمعلبات والعديد من أجهزة التكييف وغيرها تأتي وبكميات كبيرة من هناك عبر الحدود مع دولة الكويت أو من المنافذ الحدودية الأخرى. وسرت في السوق مقولة تفيد بأن 90 % من السلع السعودية مقبولة
وعلى الرغم من مجاهرة عوض العبدان أمين عام حركة تحرير الجنوب وشنه عبر وسائل الإعلام لحملة واسعة لمقاطعة السلع الإيرانية قبل فرض العقوبات الدولية على طهران بعامين تقريبا، فان حملته باءت بالفشل،لأن السوق العراقية- في الجنوب خاصة -سوق نهمة لكل شيء، كما يقول فوزي شهاب (ناشط في حقوق الإنسان)، ولأن الحدود مع إيران طويلة وسهلة، إذ هناك من ييسر عملية دخول وخروج المركبات خلاف الصعوبات التي تواجهها في نقاط الحدود الأخرى.

المعتمرون من البصرة إلى السعودية مباشرة
منذ وصول أول دفعة من الحجاج والمعتمرين الى الديار المقدسة في المملكة من مطار البصرة مباشرة قبل نحو عام، وصورة المجتمع السعودي تتغير في ذهن المواطن هنا، لذا بدأ البعض بمراجعة موقفه من وجهات نظر متعددة، يقول أبو علي، الذي عاد من أداء مناسك العمرة قبل يومين: دأبت ومنذ سقوط النظام السابق على السفر الى إيران وزيارة العتبات في قم ومشهد وخراسان، وفي كل مرة أشعر بتعامل متفاوت تجاهي من صاحب الفندق والبقال وسائق التاكسي ..واحيانا يتعاملون معي وكأني زائر غير مرحب بي. لكن خلال وجودي في السعودية شعرت باحتفاء وعناية واضحة بالزائر العراقي .

مكاتب بيع العقارات السعودية
ومنذ أكثر من عامين ومكاتب بيع العقارات في البصرة تنشط بشكل لافت بسبب إقدام بعض المالكين السعوديين ممن لهم عقارات وبساتين هنا على بيعها عبر توكيل محامين لهم، لكن محاولات بعض أصحاب مكاتب بيع العقارات لتزوير سندات التمليك أجبر الحكومة الفدرالية على استصدار قانون يمنع بيع أملاكهم الى ان يتم فتح قنصلية سعودية في البصرة لتسهيل إجراءات البيوع، فيما يفكر البعض باستثمارها في قابل الأيام مع تحسن الوضع الأمني وتسهيل دخولهم الى العراق .

الميناء ..الحدث الأكبر
بدأ البعض بالبحث عن أصحاب الأملاك والتحري عن أماكن إقامتهم عبر الهواتف،وهناك مهاتفات شبه يومية بين هؤلاء والتجار العراقيين، بل والسؤال عن حركة البيع والشراء وإمكانية الاستثمار، خاصة بعد وضع حجر الأساس لميناء البصرة الكبير، الذي سيلهب تجارة العقار فيما إذا باشرت الشركة الإيطالية المنفذة ،العمل خلال العام القادم.
ويتطلع الفلاحون والمزارعون الى اليوم الذي يتمكن فيه أصحاب الأملاك من السعوديين والخليجيين من دخول البصرة واستثمار أملاكهم، لعلمهم بإمكاناتهم المالية على خلاف ما هو بالنسبة للإيرانيين الذين يسود اعتقاد شعبي بأنهم يضعون أموالهم في مشاريع إيرانية داخلية، على خلاف المستثمر السعودي والخليجي الذي سيسهم ببناء البنى التحتية المخربة منذ أكثر من 30 عاما فيما لو دخل العراق.
6 مليارات حجم الاستثمارات السعودية في العراق
ونقلت وسائل الأعلام عن رئيس مجلس الغرف التجارية السعودية قوله: إن تحرك القطاع الخاص في الدول العربية هو أفضل من التحرك الحكومي، مؤكدا سرعة تحرك الشركات السعودية باتجاه العراق بشكل خاص، وأن حجم الاستثمارات السعودية في العراق، التي ستنفذ بمشاركة شركات عراقية، قد بلغ نحو 6 مليارات دولار في البنى التحتية.