عائشة المري


أعلن عن تعرض ناقلة النفط اليابانية quot;أم ستارquot; لهجوم إرهابي بمتفجرات منزلية الصنع، كانت محملة في قارب صغير اقترب من الناقلة لدى مرورها في المياه الدولية بالقرب من مضيق هرمز، يوم الأربعاء 27-7-2010. ولم يتسبب الاعتداء عليها في أية خسائر بشرية أو أي تسرب نفطي، وقد تبنى تنظيم quot;القاعدةquot; مسؤوليته عن الهجوم حيث تبنت ما يسمى quot;كتائب عبدالله عزامquot; المرتبطة بتنظيم quot;القاعدةquot; في بيان لها المسؤولية عما سمته quot;غزوة الشيخ عمر عبدالرحمنquot;، التي نفذها انتحاري قيل إنه يدعى أيوب الطيشان.

لم تنجح الغزوة الإرهابية المنزلية الصنع في إلحاق خسائر بشرية أو إلحاق ضرر فادح أو تسرب النفط، ولم تتعطل حركة الملاحة في الخليج، ولكن quot;الغزوةquot; أعادت تنظيم quot;القاعدةquot; لواجهة الأحداث. فالتنظيم أعلن مراراً عن خطط لمهاجمة الممر الحيوي، وأطلق تهديدات بضرب المصالح الغربية في المنطقة، وها هو يعلن سعيه لتوجيه الضربات المقلقة على رغم الوجود العسكري الكثيف في الخليج، وبأبسط الإمكانيات، قارب صغير ومتفجرات منزلية الصنع، وبالطبع شاب ينتحر باسم الله!

ويعد مضيق هرمز أهم ممر مائي في العالم نظراً للحجم الهائل من صادرات النفط التي تعبره يوميّاً، وكذلك الواردات الضخمة لدول الخليج، وتقول إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن إمدادات النفط عبر المضيق تشكل نحو 40 في المئة من إجمالي المعروض النفطي المتداول عالميّاً. فعبر مضيق هرمز يمر ما يربو على 85 من إجمالي صادرات نفط الشرق الأوسط (أو ما يناهز 17 مليون برميل يوميّاً تقريباً، كما أن 90 في المئة من صادرات نفط دول الخليج تنقل على ظهر ناقلات البترول عبر المضيق).

وقد شكلت حرب الناقلات في منتصف الثمانينيات إبان الحرب العراقية- الإيرانية البداية الفعلية للحديث عن أمن الممر الاستراتيجي، وكان بول quot;بيركquot;، المدير العام لمؤسسة quot;ميدل إيست سيكيورتي ليميتدquot; بالمملكة المتحدة، قد أكد في محاضرة حول 'التهديد الإرهابي للأمن البحري لدولة الإمارات العربية المتحدة، نظمها 'مركز quot;الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيةquot;، أن الزوارق الانتحارية' صغيرة الحجم، تعتبر إحدى أخطر أدوات التهديد للأمن البحري، وقد أثبتت سابقاً قدرتها على إلحاق دمار حقيقي في المدمرة الأميركية quot;كولquot; عام 2000.

إن ارتباط دول العالم بالصادرات النفطية المارة عبر الخليج يجعلها على أهبة الاستعداد للتدخل إذا ما تعرض أمنها الاقتصادي للخطر، ويشكل الوجود العسكري الأميركي صمام أمان لأمن الخليج إذ تشكل شبكة القواعد العسكرية الأميركية المنتشرة على سواحل المحيط الهندي والقواعد العسكرية الأميركية في منطقة الخليج طوق حماية لطرق الملاحة العالمية وطرق تدفق النفط ومرور ناقلاته.

ولا تشكل المتفجرات المنزلية الصنع تهديداً فعليّاً لحركة الملاحة في الخليج، ولكن لابد من عدم إغفال أو التساهل مع أقل التهديدات المحتملة لأمن مضيق هرمز، فإغلاقه أو إعاقة أو تعطل الملاحة فيه سينعكس في شكل أزمة طاقة دولية، لتعطل ماكينة تصدير النفط للأسواق العالمية، مما يعني قفزات سعرية صعوداً في سعر برميل النفط، وهو ما سينعكس على ارتفاع سلع الواردات لدول الخليج في ظل أزمة اقتصادية دولية مستمرة. كما أن التهديدات المحتملة لقطاع النفط من شأنها أن ترفع تكلفة حماية الاستثمار في القطاع النفطي، وترفع من تكلفة التأمين على ناقلات النفط.

لا تتحمل المنطقة أفعالا طائشة قد تؤدي إلى إغلاق مضيق هرمز أو حتى إلى عرقلة الملاحة فيه، ودول الخليج معنية أكثر من غيرها بالتوصل لصيغة مشتركة لحماية أمن أهم ممر مائي في العالم، ولن تسمح دول العالم لمتفجرات منزلية الصنع بتهديد أمن إمدادات البترول أو الاقتصاد الدولي.