MARK MAZZETTI, DAVID E. SANGER - New York Times


يرى مسؤولو استخبارات إسرائيليون أن إيران قد تنهي هذا السباق لتطوير القنبلة في غضون أشهر، بينما وصلت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى قناعة العام الماضي بأن العملية تتطلب وقتاً أطول، ورغم اتفاق مسؤولين أميركيين وإسرائيليين على أن موعد امتلاك إيران سلاحاً نووياً تأخر إلى أجل ما في المستقبل، فإن ذلك لا يعني أن إسرائيل تخلت عن فكرة شن ضربة عسكرية محتملة.

قال مسؤولون أميركيون إن إدارة أوباما أقنعت إسرائيل عبر ذكر أدلة تشير إلى استمرار المشاكل في برنامج إيران النووي، بأن الانتهاء من صناعة سلاح نووي سيستغرق من إيران نحو عام أو ربما أكثر.

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أن هذا التقييم أضعف برأيهم احتمال شن إسرائيل ضربة وقائية ضد منشآت البلاد النووية في غضون العام المقبل، كما ألمح المسؤولون الإسرائيليون في تهديدات شبه مبطنة.

وتجادل المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون على مدى سنوات بشأن ما إذا كانت إيران تواصل مساراً عنيداً باتجاه تطوير قنبلة نووية، وإن صح ذلك، كم من الوقت ستستغرق لإنتاجها. أما السؤال الحساس فهو كم من الوقت ستستغرق طهران لتحويل مخزون اليورانيوم المنخفض التخصيب الراهن إلى مواد تُستخدم في صنع الأسلحة.

جادل مسؤولو الاستخبارات الإسرائيليون من جهتهم بأن إيران قد تنهي مثل هذا السباق لتطوير القنبلة في غضون أشهر، بينما وصلت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى قناعة العام الماضي بأن العملية تتطلب وقتاً أطول.

في هذا الإطار، يقول غاري سامور، كبير المستشارين في المسائل النووية لدى الرئيس أوباما: 'نعتقد أن أمامهم نحو عام من الزمن'، في إشارة إلى الوقت الذي سيستغرقه الإيرانيون لتحويل المواد النووية إلى سلاح فعال، معتبراً أن 'سنة فترة طويلة جداً'.

بحسب المسؤولين الأميركيين، تعتقد الولايات المتحدة أن المفتشين الدوليين سيرصدون أي خطوة إيرانية لإنتاج مواد تستخدم في صناعة الأسلحة في غضون أسابيع، ما يفسح مجالاً زمنياً كافياً أمام الولايات المتحدة وإسرائيل للنظر في شن ضربات عسكرية.

تستند التقارير الأميركية إلى معلومات استخباراتية جُمعت على مر العام الفائت، فضلاً عن تقارير صادرة عن مفتشين دوليين. لكن من غير الواضح ما إذا كانت المشاكل التي تواجهها إيران في تخصيب اليورانيوم ناجمة عن تصميم رديء لأجهزة الطرد المركزي، أو صعوبة في الحصول على مكونات وأجهزة أو تسارع الجهود الغربية لتعطيل البرنامج النووي.

في هذا السياق، أشار المسؤولون الأميركيون إلى أن المعلومات الاستخباراتية الجديدة تدعمت بتقييم استخباراتي قومي تأخر إطلاقه حول برنامج إيران النووي.

واليوم يستبعد المسؤولون الأميركيون أو الإسرائيليون أن يتم إنتاج مواد تُستخدم في الأسلحة النووية في وقت قريب، أولاً لأن إيران، التي تزعم أنها مهتمة بتخصيب اليورانيوم لأهداف سلمية فحسب، ستُضطر إلى بناء قنابل نووية من كمية محدودة من المواد النووية تكفي حالياً لتطوير سلاحين؛ وثانياً، لأن مثل هذا القرار سيتطلب طرد مفتشي الأسلحة الدوليين، ما يبدد أي غموض بشأن خطط إيران النووية.

وحتى لو اختارت إيران هذا المسار، سيستغرق الأمر على الأرجح بعض الوقت، بحسب المسؤولين الأميركيين، قبل أن تتمكن إيران من إعادة تنظيم منشآتها النووية لإنتاج يورانيوم يُستخدم في الأسلحة وتكثيف الجهود لتصميم رأس حربي نووي.

من جهتهم، أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنه في حال اتضح لهم أن هناك سباقاً جارياً لتطوير القنبلة، فسيلجأون على الأرجح إلى التحرك العسكري ويحثون الولايات المتحدة على الانضمام إليهم. يُذكَر أن أحد المتحدثين باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن رفض الإدلاء بأي تعليق لهذا المقال. وفي مقابلات أُجريت مع مسؤولين إسرائيليين، قال هؤلاء إن تقاريرهم تتوافق مع وجهة النظر الأميركية، لكنهم لايزالون يشتبهون في أن إيران تملك موقعاً سرياً للتخصيب لم يُكتشف بعد.

يقول المسؤولون الأميركيون، بخلاف ما أوردوه قبل عام، إن برنامج إيران النووي ليس حالياً محور المناقشات بين كبار القادة في واشنطن والقدس. فخلال الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لواشنطن في مطلع يوليو، كان البرنامج الإيراني ذا أولوية منخفضة نسبياً على جدول الأعمال، وفقاً لأحد المسؤولين البارزين في الإدارة.

وبهدف إعاقة مطامح إيران النووية، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أخيراً عقوبات اقتصادية مشددة على إيران لوقف إمداداتها من الطاقة ومنع البنوك الأجنبية من التعامل مع المؤسسات المالية داخل البلاد.

في هذا السياق، ذكر مسؤولون عدة أن التكلفة المتصاعدة للعقوبات الاقتصادية، لاسيما تلك التي تلحق بقدرة إيران على استيراد البنزين وتطوير حقولها النفطية، أحدثت، على حد اعتقادهم، خلافات بين صفوف النخبة السياسية في إيران، وأثارت جدالات بشأن تكاليف تطوير أسلحة نووية.

على حد قول أحد المسؤولين البارزين في الإدارة، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه نظراً إلى سرية التقارير الأميركية عن هذه الجدالات: 'يدور جدال حول الحد الذي يجب بلوغه في هذا البرنامج، ومدى قدرتهم على امتلاك سلاح نووي من دون دفع ثمن أعلى. وقد بدأنا نشهد انقسامات كثيرة داخل القيادة في تلك المسألة'. يوافق الخبراء النوويون من جهتهم على أن أصعب ما في إنتاج سلاح الحصول على المواد المهيأة للاستخدام في صناعته، لكن بحسب معظم التقارير، لم يجر ذلك المسعى، الذي يعود إلى أكثر من 20 عاماً، كما يجب بالنسبة إلى إيران.

خلال معظم السنة الحالية، أضافت إيران إلى معملها الرئيس في ناتانز عدداً قليلاً نسبياً من أجهزة الطرد المركزي التي تجعل اليورانيوم يدور بسرعة فوق صوتية لتخصيبه. ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لا يعمل سوى نصف تلك الأجهزة التي تم تركيبها. وحتى الساعة، أنتجت إيران نحو طنين ونصف الطن، كمية كافية، فضلاً عن زيادة التخصيب، لإنتاج سلاحين نووين تقريباً.

بحسب تفسير المسؤولين الأميركيين العام، فإن أجهزة الطرد المركزي هذه غير فعالة وتصاب بأعطاب على نحو منتظم. وبالرغم من ذكر المسؤولين نيتهم في تجهيز المعامل بنماذج أكثر تطوراً ستكون أكثر فعاليةً وموثوقيةً، فإن عدداً قليلاً فقط تم تركيبه.

يعقب سامور: 'إما أنهم لا يملكون الآلات، وإما أن لديهم شكوكاً فعلية في كفاءتها التقنية'.

يبدو أن بعض المشاكل التي تواجه إيران في التخصيب يُعزى إلى أسباب خارجية. ونظراً إلى العقوبات المفروضة على إيران، بات من الصعب على هذه الأخيرة الحصول على قطع دقيقة ومواد مختصة. فضلاً عن ذلك، تخوض الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا مساعي سرية منذ سنوات لإعاقة عملية التخصيب عبر تخريب أجهزة الطرد المركزي. مع ذلك، أقر المسؤولون بأن تقاريرهم تتخللها بعض الثغرات المحتملة، وأهمها ما إذا كانت إيران قد أخفت مركزاً آخر للتخصيب في مكان ما في الأنفاق التي حفرتها عبر البلاد، بما فيها بعض الأنفاق المجاورة لناتانز.

اعترفت إيران في سبتمبر الماضي أمام المفتشين بأنها أمضت سنوات في بناء منشأة سرية من هذا النوع في مدينة قم، في داخل جبل بالقرب من قاعدة عسكرية أساسية. جاء هذا الاعتراف قبل أيام فقط من فضح القادة الغربيين وجود هذه المنشأة، لكن بعد إجراء دراسات مفصلة ومقابلات مع المنشقين، يقول المسؤولون إنهم لا يملكون أي دليل على أن مثل هذه المنشأة قيد البناء.

هذا وتلفت مسودة التقرير الاستخباراتي الراهنة إلى وجود انقسام واسع في إيران حول ما إذا كان يجب أن يهدف البرنامج النووي إلى مواصلة المساعي إلى حين بلوغ الحد الذي تبدأ إيران عنده ببناء قنبلة فعلية، ما قد يعني امتلاك كمية عالية التخصيب من اليورانيوم، فضلاً عن تصميم عملي للأسلحة، أو إلى مجرد الاحتفاظ بكمية كافية من اليورانيوم المنخفض التخصيب لحفظ الخيارات أمام طهران ببناء سلاح نووي في وقت لاحق.

في المقابل، بالرغم من اتفاق المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين على أن موعد امتلاك إيران سلاحاً نووياً تأخر إلى أجل ما في المستقبل، ذلك لا يعني أن إسرائيل تخلت عن فكرة شن ضربة عسكرية محتملة.

قال المسؤولون الأميركيون إن إسرائيل قلقة بوجه خاص من أن يأمر المرشد الأعلى الإيراني، مع مرور الوقت، بنشر مواد نووية في مواقع سرية في أنحاء البلاد، ما يجعل قدرة أي ضربة عسكرية إسرائيلية على شل البرنامج النووي أقل احتمالاً.