محمد علي الهرفي

كنت أعرف أن فرح بعض العرب بولاية أوباما لن تدوم طويلاً فالكلام وحده لا يكفي، وها هو أوباما يثبت أن مواقفه من الصهاينة لا تختلف مطلقاً عن مواقف أسلافه إن لم تزد عنهم سوءاً.

إسرائيل في نظر الرئيس الأميركي معصومة من كل الأخطاء مهما كانت درجتها؛ فهذه الأخطاء لها ما يبررها في نظره وفي نظر حكومته؛ أما أفعال من لا ترضى عنهم إسرائيل فهي من الأخطاء العظيمة التي لا يمكن للرئيس وحكومته أن يصمتوا عنها!

عندما قامت إسرائيل بإبادة جماعية في غزة واستخدمت أسلحة محرمة دولياً صمت الرئيس وكأنه لم ير ولم يسمع شيئاً! وقتها علل البعض - وهو أيضاً - أنه لم يكن رئيساً كاملاً! لكن الرئيس laquo;أوباماraquo; عندما أصبح رئيساً وقف بقوة ضد تقرير laquo;جولدستونraquo; ومازال... ولست أدري كيف يمكن تعليل تلك الجرائم الهائلة إلا إذا كان السبب هو أن الجيش الأميركي فعل الشيء نفسه في العراق وأحداث laquo;الفلوجةraquo; شاهدة على ذلك.

حصار غزة له ما يبرره في نظر الرئيس الأميركي لأنه - أي الحصار - يسهم في تحقيق الأمن للصهاينة لكن حصار أكثر من مليون ونصف لعدة سنوات وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية أمر له ما يبرره في نظر الرئيس وحكومته.

وعندما قام الصهاينة بعملهم الإجرامي ضد قافلة الحرية واستنكر العالم كله هذا العمل الإرهابي صمت الرئيس وحكومته عن جرائم الصهاينة وألقوا اللوم على من سمح بإرسال تلك السفن التي تحمل الأشياء الضرورية للمحاصرين! وللأسف لم يكتفِ الرئيس بهذا الموقف المخجل بل إن بعض أعضاء حكومته بدأوا بتوجيه التهديد للحكومة التركية لمواقفها المتشددة من إسرائيل! تخيل أن هذا الرئيس يريد من الأتراك أن يصمتوا عن قتلاهم إرضاءً للإرهابيين الصهاينة!

جنود الصهاينة كما ذكرت مجموعة من الصحف قاموا بسرقة هذه السفن وقد اتضح إجرام هؤلاء الجنود في أكثر من موقف ومع هذا كله فالرئيس لايزال يرى أن إسرائيل معصومة وأن سواها هو المخطئ في كل الأحوال.

الجيش الإسرائيلي ثبت أنه يتلذذ بتعذيب الأسرى الفلسطينيين، والصحف نشرت مجموعة من الصور لمجندة صهيونية وهي تضحك بملء فمها مسرورة من إذلالها لهؤلاء الأسرى.

لقد اعترفت بهذه الفعلة الشنعاء على صفحتها في الفيس بوك، ولكن الصهاينة وجيشهم تنصلوا من المسئولية بحجة أن هذه المجندة تركت العمل في الجيش قبل بضعة أشهر، مع أن هذا كلام غير صحيح فالمفروض أن الجش يعلم ذلك قبل أن تترك هذه المجندة عملها..

الصهاينة حاكموا الشيخ رائد صلاح وسجنوه لأنه أهان جندياً صهيونياً! لكن جنودهم الذين قتلوا وأهانوا الفلسطينيين برأوهم من كل ما فعلوا!

المهم صمت الحكومة الأميركية عن كل هذه الجرائم ويبدو أن أفعالهم في laquo;أبوغريبraquo; هي التي أخرست ألسنتهم فهم في ذلك الفعل والصهاينة سواء!

الرئيس الأميركي يضغط بقوة على أبومازن ليفاوض الصهاينة بصورة مباشرة، كل ذلك من أجل الصهاينة ومن أجل أن يثبت أنه استطاع أن يحقق بعض ما وعد به! مع أن الرئيس يعرف أن الفلسطينيين هم الخاسرون الوحيدون في هذه المفاوضات لكنه لا يهتم بهم ولا يقيم لهم وزناً فالمهم هم الصهاينة وتحقيق كل رغباتهم..

أعرف أن ضعف السلطة هو سبب مباشر فيما وصلوا إليه، وهذا الضعف هو الذي جعل نتنياهو يؤكد على يهودية دولته ويصر على اعتراف السلطة بهذه اليهودية... بطبيعة الحال أوباما وحكومته مع نتنياهو فهو أضعف من أن يخالف لهم رغبة!

أعرف أن الضعف العربي هو الذي أعطى لأوباما وللصهاينة تلك القوة، فلو أن العرب استخدموا جزءاً من قوتهم لما تجرأ عليهم أحد لكنهم للأسف استعذبوا الضعيف وقبلوا بكل ما يملى عليهم وتركوا الأمر لأوباما ليقول لهم: افعلوا ولا تفعلوا!

ستبقى أميركا مع الصهاينة مهما فعلوا... وسيبقى الصهاينة يفرضون شروطهم على الفلسطينيين والعرب مادام هؤلاء لم يتغيروا... فهل نتوقع تغييراً؟!