إطفائية quot;س. س.quot; للعراق ؟!


راجح الخوري


النهار اللبنانية


يستطيع الجنرال راي اوديرنو، قائد القوات الاميركية في العراق المنكوب، ان يدير ظهره غداً ويمضي من حيث اتى، تاركا 50 ألفاً من جنوده لحماية المصالح الاميركية وفي مقدمها آبار النفط.
ويستطيع المراقب الذي يدقق جيدا في تلك الشبكة المتقاطعة من الصراعات الاقليمية المحاذية للعراق، ومن الضغائن المذهبية الغائرة في نفوس العراقيين بعدما أتم الاميركيون رفع الغطاء عن quot;بئر الافاعيquot; هناك، ان يقف حزينا وينوح مثل ارملة:
وداعا يا عراق!
لكن ثمة ملامح اطفائية تُعّد او تستعد لمواجهة ذلك الحريق المندلع ما بين النهرين، والذي قد يفيض عن العراق ويشعل المنطقة كلها. انها اطفائية quot;س.س.quot; ما غيرها، تلك التي نزلت اخيرا في لبنان ممثلة بخادم الحرمين الشريفين والرئيس بشار الاسد وعقدت قمة ثلاثية وألقت مياها باردة على الرؤوس الحامية في بيروت لمنع انفجار الوضع المحتقن على خلفية المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي المنتظر.


❑ ❑ ❑

تبدو معادلة سوريا ndash; السعودية، التي نجحت نسبيا في لبنان حتى الآن، الوصفة السحرية المتوافرة لمعالجة الوضع البركاني المتأجج في العراق، والذي يهدد المنطقة كلها.
الترجمة العملية لهذه الوصفة تتمثل في ما قيل حتى الآن عن quot;طائف عراقيquot; تستضيفه سوريا، على غرار quot;مؤتمر الطائفquot; الذي انهى الحرب اللبنانية كما هو معروف، وهو مدعوم بتأييد من المملكة العربية السعودية طبعا ومن تركيا ومن روسيا، ومن ايران ولو شكلا لأنها تفترض ان لها في العراق حصة الاسد!
لماذا في سوريا؟
لأن الرئيس بشار الاسد أعاد في براعة هندسة الدور المفصلي والمحوري الاقليمي الذي تلعبه سوريا في معالجة المشاكل التي تشغل المنطقة.
وفي هذا السياق يتعين الانتباه جيدا الى الموقع الاستراتيجي الذي تلعبه السياسة السورية الآن:
❑ أولاً: علاقات جيدة مع السعودية التي لها كلمتها ورؤيتها حيال العراق والمنطقة كلها.
❑ ثانياً: علاقات جيدة مع تركيا التي ترسم اطارا مؤثرا لدور تريده فاعلا في قضايا المنطقة: رعاية المفاوضات غير المباشرة بين دمشق وتل ابيب في وقت من الاوقات ndash; دعم القضية الفلسطينية ومسألة غزة ndash; الدخول على خط معالجة عقدة النوويات الايرانية ndash; البحث عن شراكة معنوية مع هموم لبنان والجامعة العربية.
❑ ثالثاً: علاقات تحالفية ممتازة معروفة مع ايران التي، كما قلنا، تفترض انها ليست في حاجة الى شراكة تعطي حصصا ذات وزن وتأثير لآخرين في العراق.
❑ رابعاً: علاقات ذكية وممتازة مع روسيا، التي لها كلمة مسموعة في طهران، وقد حصلت اخيرا على تكليف غير معلن لرعاية المصالح الاميركية في بعض ملفات المنطقة: النوويات الايرانية والمساعدة في معالجة الازمة السياسية في العراق.


❑ ❑ ❑

الحديث عن quot;طائف عراقيquot; في دمشق، الذي قوبل بتحفظ من القوى الكردية العراقية، ليس مفاجئا لأن سوريا تسعى منذ زمن وبتنسيق مع السعودية الى وضع صيغة تصون وحدة العراق ارضا وشعبا بعد الانسحاب الاميركي، وتعطي القوى السياسية العراقية المتعددة والمتنوعة حقها الكامل في بناء الدولة وادارة البلاد، بعيدا من التدخلات والاملاءات الخارجية اقليميا ودوليا.
يغرق العراق الآن في مذبحتين اذا صحّ التعبير: مذبحة الامن المتفجر على خلفية مذهبية بغيضة، وquot;مذبحةquot; السياسة بعد مرور خمسة اشهر ونيف على الانتخابات والفشل في تشكيل حكومة جديدة بسبب ضغوط وشروط ايرانية تصر على ابقاء نوري المالكي في رئاسة الحكومة. وقد وصلت الى درجة تهديد مقتدى الصدر الذي يملك اكبر كتلة شيعية في البرلمان بمغادرة ايران وحتى العراق الى لبنان.
إن عقد مؤتمر quot;طائف عراقيquot; في سوريا يجمع زعماء الحزبين الكرديين وقادة عائلات الحكيم والصدر والمطلق، اضافة الى نوري المالكي وأياد علاوي، ويحظى بغطاء ورعاية من السعودية وتركيا وروسيا واستطرادا اميركا، وبالطبع وبالضرورة من ايران وقد لا يسرّها اطلاقا دخول quot;شركاء مضاربينquot; الى الساحة العراقية، التي تفترض انها حديقتها الخلفية... ان هذا المؤتمر يفترض ان يعيد انتاج اساس جامع يصلح لبناء الدولة ويعيد الانتماء الى الوطن والهوية، وهذا امر حساس ودقيق لا يمكن الوصول اليه اطلاقا من خلال نظرية التوافق التي انتجها quot;اتفاق الدوحةquot; للبنان، لأن الانطلاق الى التوافق من منطلقات الطوائف والمذاهب، والذي تعصف به رياح التدخلات الاقليمية، لن يصل الى اي حل او نتيجة، بل يفضي الى تعليق العراق بخيوط التوافق الواهي فوق ازمة لا تنطفئ نيرانها ولا شراراتها، وهذا ما نلمسه يوميا في لبنان!
إلا اذا كان المطلوب جعل العرقنة نسخة معدّلة من اللبننة، وهذا امر لا تريده السعودية ودمشق التي تستضيف quot;طائف العراقquot;!.

على خطى العراق


مازن حماد


الوطن القطرية


أحدث انسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق هذا الشهر زخماً وحماساً على أرض أفغانستان، حيث قال الجنرال ويليام كالدويل القائد الأميركي المسؤول عن بناء القوات الأفغانية إن عليه أن يجند ويدرب laquo;1 4 1raquo; ألف جندي وضابط شرطة خلال الشهور الخمسة عشر المقبلة، وهو رقم يزيد على الحجم الحالي للقوات الأفغانية، وذلك بهدف الاستجابة لطموحات الرئيس باراك أوباما ترك الجنود الأفغان يقاتلون في الحرب بدلاً من الأميركيين والأطلسيين.

وحسب التوقعات، لن يستطيع كالدويل إلا في أكتوبر من العام القادم الانتهاء من بناء القوات الأفغانية أي بعد ثلاثة شهور من بدء موعد الانسحاب الذي حدده أوباما.

وتظهر ملاحظات كالدويل التحديات التي تواجهها إدارة أوباما في تغيير قواعد الحرب في أفغانستان التي مضى عليها تسع سنوات، وهي الحرب التي تدهورت على الأرض ولم تعد تلقى إلا شعبية متدنية بين المواطنين الأميركيين.

ويبقى تدريب الأفغان ليدافعوا عن بلدهم، الجزء الأهم في استراتيجية البيت الأبيض الخاصة بانهاء التورط الأميركي في أفغانستان، ومازال الهروب من الجيش أو الاستقالة منه تمثل مشكلة كبرى. وفي الشرطة الوطنية الأفغانية بلغت هذه الحالة الاستنزافية مستويات غير مقبولة حيث قال كالدويل إنها تصل الآن إلى laquo;7 4%raquo; بعد أن كانت في ذروتها laquo;0 7%raquo;.

والمشكلة الرئيسية الثانية هي الأمية، إذ أن الغالبية العظمى من المجندين الأفغان لا يستطيعون القراءة والكتابة بلغتهم الوطنية، مما يعني عدم تعرف الجندي حتى على الرقم المتسلسل لسلاحه. ونتيجة لهذا الوضع بدأت الولايات المتحدة تنفيذ برنامج لمحو الأمية شارك به في البداية laquo;72raquo; ألف جندي على أمل أن يرتفع العدد إلى laquo;0 0 1raquo; ألف في الصيف المقبل. ومن الأمثلة على هذه المشكلة أن رواتب الجنود تحول إلى البنوك لكنهم لا يستطيعون قراءة البيانات المصرفية الخاصة بهم.

ومن النقاط التي ساعدت على تجنيد الملتحقين بالجيش هذا العام، رفع الرواتب، فالراتب الأساسي لجندي أفغاني أو ضابط شرطة هو laquo;5 6 1raquo; دولارا في الشهر، وفي المناطق التي يدور فيها قتال مكثف مثل هلمند أصبح الراتب الشهري laquo;0 4 2raquo; بدلا من laquo;0 8 1raquo; دولارا. وكانت قوات طالبان تدفع لجنودها ما بين laquo;0 5 2raquo; وlaquo;0 0 3raquo; شهريا.

ويقول الجنرال المتقاعد جيمس دوبيك مؤلف تقرير حول التدريب العسكري والذي أشرف على المهمات التدريبية للقوات العراقية، انه متفائل حول مهمة كالدويل الذي وسع مجال التدريب من خلال زيادة أعداد المدربين، ورفع أيام وساعات التدريب الأسبوعي.

ويبقى استخدام الأفيون مشكلة رئيسية أخرى وخاصة في جهاز الشرطة الذي تبلغ نسبة تعاطي المخدرات فيه حوالي laquo;9%raquo;. لكن الأميركيين يتساهلون إزاء استخدام الشرطة للماريوانا لأنها منتشرة في المجتمعات الأفغانية بصورة واسعة.