شملان يوسف العيسى


استمرت حالة الاحتقان والشحن الطائفي في الكويت رغم كل المحاولات من رئيس الحكومة ومجلس الأمة للتهدئة ونبذ التفرقة الطائفية وأهمية التمسك بالوحدة الوطنية.

الحكومة الكويتية اتخذت خطوات سريعة لضبط الأمن، منها تشكيل لجنة وزارية لمتابعة التطورات واتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة مظاهر الخروج عن الثوابت الوطنية ودرء مخاطر الفتنة وحماية الأمن... كما تنوي تقديم قانون يمنع المساس بالوحدة الوطنية.

القضية الطائفية في الكويت، وبعض دول الخليج بشكل عام، معقدة وشائكة، ولها أبعاد سياسية واجتماعية لا يعيها نواب مجلس الأمة والسياسيون الذين يثيرون الفتنة.

التساؤل المطروح علينا: هل الإجراءات الحكومية التي اتخذت ستعالج أزمة الطائفية؟ وما هي المعوقات التي ستواجه الحكومة عند تعاملها مع هذه المشكلة؟

رغم أهمية الإجراءات الحكومية لمنع تفاقم الأزمة، بمنع إقامة التجمعات والندوات التي يقيمها النواب في مناطقهم الانتخابية... هل الإجراءات الأمنية تكفي لحل المشكلة الطائفية؟ بالتأكيد لا، لأن القضية ليست أمنية، بل مجتمعية تخص أفراد المجتمع ومؤسساته المدنية. فظاهرة التطرف والمغالاة في الدين، ظاهرة مجتمعية برزت في معظم الدول العربية، بسبب تزايد نفوذ حركات الإسلام السياسي، السنية منها و الشيعية، هي المسؤولة عن خلق المشكلة الطائفية، والحكومة لا تستطيع منعها أو حل أحزابها لأنها متحالفة معها. ويوجد بعض الوزراء في الحكومة الحالية من هذه الأحزاب الطائفية.

الإشكالية الثانية التي ستواجه الحكومة هي أن معظم مثيري الفتنة هم نواب في مجلس الأمة... فكيف يمكن تشريع قانون يحارب الطائفية، ويطلب من نواب طائفيين وقبليين إقراره؟

الإشكالية الثالثة، تتعلق بالمجتمع، فالمشكلة مجتمعية كما ذكرنا، ويتبناها أفراد المجتمع، فكيف يمكن تغيير المشاعر والمفاهيم الخاطئة عن بعضنا بعضاً بواسطة قانون؟

الإشكالية الرابعة: حل الأزمة يتطلب اتخاذ قرارات قوية وحاسمة ضد الحركات السياسية التي تزج بالدين في السياسة، فما دامت الدولة متحالفة مع الجماعات الدينية ولم تلتزم بالمفاهيم الدستورية والقانونية التي تؤكد مدنية الدولة... فلن تستطيع حل المشكلة.

الإشكالية الخامسة، هي أن الحكومة طرف أساسي في تعميق إشكالية الطائفية، فالحكومة هي التي تملك وزارة التربية، ومع ذلك فشلت في تغيير المناهج التي تثير التفرقة، وخضعت لابتزاز النواب بعدم تغيير المناهج. الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف شكلت لجنة للوسطية يشرف عليها ويديرها quot;الإخوان المسلمونquot;، وهم طرف في المشكلة. وزارة الأوقاف عجزت عن ضبط بعض خطباء المساجد من المتطرفين. ثم إن وزارة الإعلام، فتحت التلفزيون والإذاعة لأقطاب quot;الإخوان المسلمينquot; والسلف لبث وجهات نظرهم في قضايا المجتمع.

الإشكالية السادسة، هي أن النواب الطائفيين والقبليين منتخبون من الشعب، وهذا يعني أن الشعب نفسه موغل في الطائفية.

وأخيراً نتساءل: إلى متى تستمر حالة الاحتقان الطائفي؟ وما هي الحلول العملية لإنهاء هذه المشكلة؟ هذه الحالة الطائفية ستبقى في مجتمعاتنا ما لم تقم حركات مجتمعية تضم كل طوائف المجتمع، ولديها رؤية ومصالح مشتركة لكيفية النهوض بالمجتمع بعيداً عن الطائفية.