فهيد البصيري

الأحوال لا تسر والوضع الراهن في الكويت لا يمكن فصله عن الوضع العام في المنطقة، والكارثة أن لا أحد في الكويت يفهم أو يريد أن يفهم فالكل يغني على ليلاه ويعتقد أن الأمور (سهالات، وما فيه إلا الخير) وما أقوله ليس من باب المبالغات البعيدة، ويجب أن نتذكر أننا في الثاني من أغسطس من عام 1990 أمسينا كويتيين وأصبحنا عراقيين، وقد حذرت في مقالاتي السابقة من أن هناك مخططاً لجر المنطقة إلى حرب طائفية، واليوم أرى بوادر هذه الفتنة واضحة، فالعراق أصبح مهيئاً لاستقبال المقاتلين فهو ساحة حرب نموذجية بعد خروج الأميركيين، وسورية ستضطر لمواجهة إيران في العراق... فشهر العسل انتهى، وسورية اليوم ليست بسورية الأمس، والحريري اليوم غير حريري الأمس، والمحكمة الدولية اليوم لم تعد تقول ما كانت تقوله بالأمس، واستراتيجية أميركا اليوم غير استراتيجية أميركيا في الأمس، وإيران اليوم ليست بإيران الأمس، والضغط عليها سيتم التنفيس له في دول الخليج، والأحداث التي هزت البحرين ليست مفاجئة، وما أثاره المدعو ياسر الحبيب لم يكن غريباً ولكن الغريب أن ينجر الكويتيون وبكل سذاجة خلف سخافاته، فالشحن العاطفي الذي قام به بعض النواب وبعض رجال الدين من السنّة والشيعة على السواء هو ما يريده من هو وراء ياسر الحبيب. ولكن الكويتيون هم هم، لم يفهموا المقصود، وقد عذرت غفلة الإنسان البسيط ولكن المصيبة أن بعض النواب (اللي عليهم الشرهة) تهافتوا على الندوات لتسجيل مواقف انتخابية على حساب الكويت واستقرارها! ويبدوا أن بعضهم يعتقد (أن كل بيضا شحمه) وكان الأجدر بهم أن يضعوا الأمور في نصابها الصحيح وأن يقودوا المواطنين الذين (أخذوا فيهم مقلب) نحو التحلي بالهدوء فليس المقصود عائشة رضى الله عنها ولكن المقصود هو خلق فتنة طائفية ويجب قطع الطريق على من يريد إشعالها.
في الطرف الآخر كان تحرك الحكومة لا يتناسب وحجم الخطر، ورغم أن هناك تحركات جادة لإطفاء الفتنة إلا أنها جاءت متأخرة، لكن عموماً فأن تأتي متأخرة خير من ألا تأتي أبداً كالعادة.
لتلك الأسباب أرى أن خطر قيام حرب طائفية أصبح أكثر قرباً وواقعية مما مضى فهو الحل الأمثل لمشاكل إسرائيل وأميركا مع الفكر الإسلامي المتطرف الشيعي الذي تقوده إيران والسني الذي تمثله laquo;القاعدةraquo;، وكردة فعل لن تدخر إيران شيئاً في نقل المعركة إلى دول الخليج، ومع توافر التطرف السني والغلو الشيعي والخفة العقلية لبعض النواب والمتدينين فمن الممكن أن يجرّنا من هو على شاكلة ياسر الحبيب أو مبارك البذالي الى حرب طائفية غبية لا تعرف هدفاً ولن تصل بأحد الى نتيجة.