عبدالله اسكندر


لم يفصح البيان الصادر عن محادثات وفدي laquo;فتحraquo; و laquo;حماسraquo; في دمشق ليل اول من امس عن النقاط التي قال انه تم الاتفاق عليها، ولا عن تلك التي لا تزال موضع خلاف بين الجانبين. لكن الجديد في اللقاء انه، بحسب البيان، laquo;جرى في اجواء اخوية وودية ورغبة صادقة من الطرفين في انهاء الانقسامraquo; وانه تم الاتفاق على laquo;لقاء قريب للتفاهم على بقية النقاط والوصول الى صيغة نهائيةraquo; من أجل laquo;التوقيع على ورقة المصالحةraquo; المصرية في القاهرة.

وهذا يعني ان كلاً من الجانبين يرغب في اظهار نفسه بمظهر الحرص على انهاء الانقسام، من دون ان يقول كيفية ترجمة هذه الرغبة في ظل الاوضاع الفلسطينية الداخلية المتزايدة التعقيد، بفعل التعارض الكبير بين رؤيتين وواقعين في كل من الضفة الغربية حيث السيطرة الميدانية للسلطة وعمودها الفقري laquo;فتحraquo; وفي قطاع غزة حيث السيطرة لـraquo;حماسraquo;. وفي ظل معاودة المفاوضات المباشرة الفلسطينية - الاسرائيلية التي تفرض على السلطة وraquo;فتحraquo; التزامات ترفضها laquo;حماسraquo; بالكامل وتتعارض مع أيديولوجيتها وسياستها الحالية.

فإنهاء الانقسام الفلسطيني لا يفترض وقف laquo;الاعمال العدائيةraquo; بين laquo;فتحraquo; وraquo;حماسraquo;، وهي أعمال تتداولها الأنباء يومياً سواء في الضفة او القطاع، ولا يفترض إيجاد صيغة لتقاسم السيطرة الميدانية على الاراضي الفلسطينية فحسب، انه يفترض الهيمنة الحالية للحالتين laquo;الفتحاويةraquo; و laquo;الحمساويةraquo; في كل من الضفة والقطاع لمصلحة صيغة جديدة تعيد الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني، بجوانبه التحررية والسياسية والاجتماعية ايضاً.

تتلازم معاودة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، من أجل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مع عملية بناء مؤسسات هذه الدولة. أي يرتبط مصير إقامة الدولة، في ذهن الراعي الاميركي وحتى السلطة الفلسطينية، ليس فقط بنتائج المفاوضات مع اسرائيل وانما ايضاً بطبيعة المؤسسات التي ستتولى شؤون هذه الدولة. وهذا يعني ان هذه الدولة ستقوم من دون أي مشاركة لـraquo;حماسraquo;، ليس فقط لأنها غائبة عن عملية التفاوض فحسب وانما ايضاً لأن هذه المؤسسات تشكل نقيضاً للمشروع laquo;الحماسيraquo; في الأساس.

وأي محاولة لاستعادة مشاركة laquo;حماسraquo; في عملية البناء تقتضي تراجع السلطة عن كثير من الالتزامات، بما يهدد المفاوضات ووجودها ايضاً.

ويبدو الوضع الحالي في القطاع حيث أقامت laquo;حماسraquo; مؤسساتها وتطبق أحكامها الخاصة على السكان، أكثر تجذراً وصعوبة في العودة عنه لمصلحة المشروع الوطني المشترك. فإلى الموقف السياسي للحركة، هناك سعي حثيث الى انشاء وضع اجتماعي واقتصادي غير قابل للتراجع عنه من دون التخلي عن أسس تقوم عليها laquo;حماسraquo; وتبرر بها سيطرتها على القطاع. وأي تقارب مع laquo;فتحraquo; سينعكس بالضرورة على هذه الأسس. ولا يبدو في الافق ما يشير الى ان الحركة مستعدة عن التخلي عن هذه laquo;المكاسبraquo;، خصوصاً ان أي تسوية للانقسام ستكون على حسابها.

الاكيد ان الطرفين الفلسطينيين يدركان هذه الوقائع، ويعرفان ان الاسباب التي ادت الى الانقسام وتلك التي حالت دون المصالحة في السابق لا تزال قائمة. ومع ذلك، التقيا وتباحثا وأصدرا بياناً عاماً، باستثناء الاستعداد لانهاء الانقسام.

ويبدو هنا ان مكان الاجتماع هو الذي يوحي بطبيعة الاجتماع. فالظرف الاقليمي، من منظور دمشق المؤثرة في موقف laquo;حماسraquo;، يفترض التهدئة عموماً في انتظار انقشاع الغيوم المتلبدة في المنطقة ومصير المواجهات السياسية الحادة فيها. ولذلك تبدو هذه المحادثات المرشحة للتمدد في الزمن نوعاً من تقطيع الوقت تفرضه الضرورات الاقليمية.