محمد عبدالقدوس

أتحدث هنا عن ثلاث رسائل لا تحتمل التأجيل‮ .. ‬الأمر الأول‮: ‬يتعلق بمطالب المسيحيين العادلة التي‮ ‬يمكن أن أحصرها في‮ ‬أربعة أمور‮.. ‬حماية الكنائس والأقباط من الاعتداءات المتكررة والتي‮ ‬بلغت ذروتها بالحادث الإجرامي‮ ‬البشع الذي‮ ‬وقع مع افتتاح سنة‮ ‬2011م ومن الواضح أنها ستكون سنة‮ raquo;‬كبيسة‮laquo; !! ‬ومؤلمة وحق شركاء الوطن في‮ ‬بناء كنائسهم التي‮ ‬يحتاجون إليها في‮ ‬عبادتهم ورفع القيود التي‮ ‬تحول دون ذلك أو تمنع من تجديد الكنائس القائمة،‮ ‬والمطلب الثالث‮: ‬يتعلق بالمساواة التامة في‮ ‬الوظائف خاصة في‮ ‬المناصب العليا دون أي‮ ‬استثناء وأخيرا المشاركة بالحياة السياسية بما‮ ‬يتناسب مع أعدادهم‮.‬

وفي‮ ‬يقيني‮ ‬أن تلك المطالب قومية ووطنية وأخطر ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يصيبها في‮ ‬مقتل أن تتحول إلي‮ ‬مطالب طائفية وتفقد التفاف المسلمين حولها بالإضافة إلي‮ ‬الأقباط نتيجة لتصرفات حمقاء من بعض المتطرفين في‮ ‬الصف القبطي،‮ ‬وأذكر مثالا محددا‮ ‬يتمثل في‮ ‬التطاول علي‮ ‬الرموز الإسلامية عند مغادرتهم لمقر البابا شنودة الثالث لتقديم العزاء والإهانات التي‮ ‬سمعوها من بعض الغوغاء وكان‮ ‬يجب علي‮ ‬الكنيسة الاعتذار فوراً‮ ‬لضيوفها خاصة أن ما جري‮ ‬لا‮ ‬يوافق عليه الغالبية العظمي‮ ‬من الأقباط والهجوم المتواصل علي‮ ‬الإسلام والمسلمين من المتعصبين وهم بالتأكيد أقلية،‮ ‬لكنهم‮ ‬يشكلون خطرا علي‮ ‬الأغلبية المسيحية،‮ ‬ورأينا البعض من ذلك في‮ ‬التظاهرات التي‮ ‬جرت وبعضها للأسف كانت احتجاجات طائفية‮ ‬100٪‮ ‬تحقق هدف أعدائنا في‮ ‬تقسيم الوطن إلي‮ ‬مسلم ومسيحي،‮ ‬وكنت متحمساً‮ ‬للاحتجاجات الوطنية ضد الجريمة والتي‮ ‬ضمت أطيافاً‮ ‬شتي‮ ‬من المسلمين والمسيحيين عبرت عن المجتمع كله‮.‬

‮ ‬ومن هذا المنطلق انطلق إلي‮ ‬الأمر العاجل الثاني‮ ‬والذي‮ ‬يتعلق بكيفية جعل صوت الاحتجاج الوطني‮ ‬أعلي‮ ‬صوتا من الغضب الطائفي‮ ‬وأكثر تأثيرا‮ .. ‬الإجابة‮: ‬هذا أمر ممكن جدا حاليا من خلال الفكرة المدهشة والجديرة بالإعجاب التي‮ ‬اقترحها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ووافقه عليها البابا شنودة وهي‮ ‬ما‮ ‬يسمي‮ ‬ببيت العائلة المصري‮ ‬بشرط أن‮ ‬يكون مستقلا،‮ ‬فلا‮ ‬يصدر بتعيينه قرار جمهوري‮ ‬أو‮ ‬يكون تابعا لأي‮ ‬جهة من جهات الدولة لأن الحكومة إذا دخلت في‮ ‬شىء استولت عليه وقامت بتحويله لصالحها‮ ‬يعني‮ ‬الفشل من ورائها‮!! ‬وتكون مهمة الأقباط داخل بيت العائلة توصيل مطالبهم العادلة إلي‮ ‬إخوانهم المسلمين بغرض تكاتف الجميع من أجل تحقيقها،‮ ‬والأهم من ذلك‮ ‬يتعلق بالعيش المشترك وكيفية تشجيعه لأن أخطر ما‮ ‬يشكو منه المجتمع حاليا هو التعصب الذي‮ ‬نراه منتشرا بين كل الطبقات والفئات والمتعلمين والمثقفين والجهلة وأعداء الوطن‮ ‬يعتمدون علي‮ ‬ذلك في‮ ‬نسفه من‮ ‬الداخل‮.‬

والأمر الثالث خلاصته أنه من الضرورة انفتاح الأقباط ومشاركتهم في‮ ‬الحياة السياسية بدلا من الانكماش داخل الكنائس‮! ‬وإذا رد أحد قائلا‮: ‬إن ذلك‮ ‬غير ممكن لأن الحياة السياسية أمامهم مغلقة قلت له‮: ‬معك حق وهي‮ ‬أمام المسلمين كذلك أيضا‮!! ‬إلا لأنصار الحزب الحاكم وحوارييه ومن‮ ‬يقبلون القيام بدور الكومبارس‮ !! ‬والسبب أن بلادنا تخضع للقبضة البوليسية والا ستبداد السياسي‮ ‬ومن واجب المسلمين والأقباط العمل سويا من أجل الإطاحة بالدولة البوليسية التي‮ ‬تحكمنا ليحل مكانها حلم المصريين جميعا والذي‮ ‬يتمثل في‮ ‬الدولة المدنية الحديثة وقوامها الحريات العامة والانتخابات الحرة والقضاء المستقل والعدالة الاجتماعية وحرية تشكيل الأحزاب وصحافة قومية‮ raquo;‬بحق وحقيقي‮laquo; ‬لاتتبع حزباً‮ ‬بعينه‮! ‬والغريب أن الاستبداد الجاثم علي‮ ‬أنفاسنا بزعم أنه نصير للدولة المدنية‮!! ‬وهذا أمر‮ ‬يدعو للسخرية وتذكرت الحديث الشهير لنبي‮ ‬الإسلام‮ : raquo;‬إذا لم تستح فاصنع ما شئت‮laquo; !! ‬والمؤكد أن الأقباط لن‮ ‬ينالوا حقوقهم إلا في‮ ‬ظل حكم ليبرالي‮ ‬أما نظام‮: ‬بالروح بالدم نفديك‮ ‬ياريس فلن‮ ‬يعطيهم شيئاً‮ ‬مهما قاموا بتأييده،‮ ‬والحمد لله أن الأقباط اكتشفوا مؤخرا هذا الأمر،‮ ‬ولهذا فقدوا حماسهم لجمال مبارك‮!‬