زيّان

حين يعلن الرئيس سعد الحريري أنه سيذهب الى الاستشارات النيابية مرشحاً لرئاسة الحكومة، إنما يكون بهذا القرار قد أعاد الى اللعبة البرلمانية والنظام الديموقراطي اعتبارهما، وفي مرحلة تسودها العصبيّات، والبهورات، والغوغائية والديماغوجية، والعواصف المذهبية. مثلما حسم كل quot;الاجتهاداتquot; والأقوال والشائعات والهرطقات التي لا تعبّر عن أي قدر من المسؤولية.
لا يحق لأحد، ولا لجهة، ولا حتى لسلطة أن تشترط على أصحاب المساعي الحميدة والغيارى ومحبي لبنان، إقصاء الحريري، أو منعه من الترشّح، خلافاً للنصوص الدستورية، والقوانين والأعراف والتقاليد الديموقراطية البرلمانية، التي مارسها لبنان بحدودها القصوى مراراً، وحتى خلال الحرب وفترات الضياع والتشتّت.
لقد اختار سعد الانتساب الى quot;الكتابquot; الذي سبقه إليه وكرّسه رؤساء ورجالات ولبنانيون كبار أمثال الشيخ بشارة الخوري واللواء فؤاد شهاب والرئيس صائب سلام، وسواهم كثيرون.
ولكن، وبالتأكيد، العميد ريمون اده الذي كان الدستور رفيق دربه، وكان القانون رفيق ضميره، وكانت الأعراف والتقاليد والأصول من أقرب quot;الأصدقاءquot; إليه.
كان لا بدّ لسعد الحريري من أن يصارح اللبنانيين والعرب والعالم بكل ما حفلت به هذه الحقبة التي لا تختلف عن الجلجلة، وان يضع النقاط على الحروف، موضحاً كل ما التبس، مؤكداً التزامه الخط الذي سلكه وكرّسه والده الرئيس رفيق الحريري.
اختار سعد الانحياز الى الديموقراطية والدستور، بغض النظر عن كل مظاهر الترهيب والتهويل التي تحاصر لبنان من الجهات الاربع، من دون التخلّي عن بذل الجهود وحتى المستحيل في سبيل درء الفتنة عن لبنان.
واذا ما سارت التطورات في مجراها الطبيعي، وأجريت الاستشارات في موعدها ابتداء من الاثنين المقبل، فإن الاحتكام سيكون عندئذ الى النتائج التي ستسفر عنها.
وكم يتمنى اللبنانيون لو أن الرياح تجري بما تشتهي سفن الديموقراطية، التي وحدها تحمي لبنان من الغرق.