داود الشريان


الردود المتبادلة بين رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، أشارت بوضوح الى انه لا وسط في لبنان، ولا تفاهم بين اللبنانيين. خلال السنوات الخمس الماضية كان رئيس مجلس النواب شديد الحرص والحذر على التمسك بموقع الوسط، وإن شئت الوسيط. اليوم قرر بري الإعلان مبكراً عن موقفه. هو انحاز الى جانب سورية و laquo;حزب اللهraquo;. وسبقه وليد جنبلاط. وخلال اليومين المقبلين ربما انضمت أطراف سنّية ومسيحية الى معسكر الحزب ودمشق، بدعوى المحافظة على الوحدة الوطنية. قضي الامر. بدأ الحصار السياسي. وهو مقدمة لحصار أمني، سيكون عنيفاً هذه المرة.

في مقابل هذا الحصار الداخلي، الذي ينذر بتدهور الوضع الأمني، تخلى العرب عن لبنان. أصبحوا مستشارين لدى الفرنسيين. العرب ينتظرون تحركاً دولياً، رغم إدراكهم ان فرنسا لن تفعل شيئاً. يبدو أن ما جرى في العراق يتكرر في لبنان، العرب يكررون دور الفرجة في انتظار حل مغيَّب عنهم. الوضع في لبنان تجاوز أزمة المحكمة، وبات ينذر بتطوارات ربما تفضي الى معاودة تشكيل التركيبة السياسية اللبنانية، فضلاً عن ان اسرائيل أعلنت انها تراقب التطورات، ولن تقف متفرجة على تشكيل حكومة إيرانية في لبنان. هل سيدخل لبنان في أزمة تشبه ما جرى في العراق؟ التحركات الأخيرة على الساحة السياسية اللبنانية تقول ذلك. هل ثمة فرصة للحل؟

لا شك في أن لبنان مهيأ لمواجهة مع العالم، ومواجهات داخلية. والفرص السياسية في لبنان تضيق ساعة بعد أخرى. هل من المفيد ان ينضم سعد الحريري الى الموجة؟ وهل سيمنع تنازله عن رئاسة الوزارة الكارثة؟ ثمة فرصة مشكوك في نتائجها، لكنها افضل من التمادي في العناد. ترشيح نجيب ميقاتي، ربما يخفف الحصار، ويمنح مزيداً من الوقت للسياسة. صحيح أن بعض جماعة 14 آذار يرى ان ميقاتي رمادي اللون، وهو ربما سهّل، او شرعن، مطالب الحزب. لكن السياسة الرمادية افضل من السوداء.

الأكيد أن أي رئيس وزارة قادم لن يكون قادراً على تجاوز القرار الدولي. لكن المطلوب مرشح يثق فيه الجميع. ويستطيع تبريد الوضع. تجميد الاصطفاف. منح الناس فرصة للتفاهم. ونجيب ميقاتي هو الوحيد القادر على لعب هذا الدور، وفتح فرصة للبحث عن مخرج للأزمة.