ريم خليفة

من كان يصدق أن شابّاً تونسياً laquo;حُرّاًraquo; يدعى محمد البوعزيزي سيقلب الدول العربية رأساً على عقب ويدخل الأمة العربية في قطار التغيير والحرية والكرامة، فلقد ظلت شعوب المنطقة لسنوات طويلة دون مستوى المواطنة، وذلك بسبب ممارسة القهر السياسي والاقتصادي والاجتماعي ضدهم. إنه أمر لم يتوقعه أحد، بل ولم يكن في حسابان الأنظمة أن لديها شعوباً قد تتحرك بعد أن قبرت في السجون وفي متاهات الاستبداد.

laquo;البوعزيزيraquo; أصبح رمزاً لحرية الإنسان العربي المسلوبة، والغريب أن الغرب المتشدق بالديمقراطية يتوقف عن ترديد شعاراته عندما يتعلق الأمر بشعوب منطقتنا العربية، بل إن التماهي بين ساسة الغرب مع الاستبداد العربي أصبح عاراً يلاحقهم من قبل وسائل الإعلام الحرة في تلك البلدان الغربية.

هذا الغرب نراه اليوم يتعامل مع رياح التغيير العربية laquo;بحذرraquo; شديد، وهو أمر متوقع، لأنهم فوجئوا بأن شعوبنا العربية تستطيع أن تكتسب حريتها واحترامها من دون مساعدة القوى الخارجية، وأصبح لزاماً على ساسة الغرب الانتباه إلى أن ما يحدث كان بالإمكان تفاديه لو وضع اعتبار لكرامة الشعوب في معادلة العلاقات السياسية وضمن مواثيق حقوق الإنسان الدولية.

الغرب لم يتعامل حتى الآن مع laquo;مصرraquo; مثلما تعامل مع الأوضاع في دول أوروبا الشرقية التي شهدت ثورات متتالية في تسعينيات القرن الماضي.

ثورة شباب مصر فاجأت الجميع وبدأت تسطر تاريخاً مختلفاً للبلدان العربية، لأنها تنفذ مبادئ إنسانية عالمية تنص على وجوب احترام كرامة الإنسان.

نسمع ونشاهد تصريحات تطلق من الإدارة الأميركية على لسان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي بدأت تتكلم عن ضرورة عمل انتخابات laquo;حرة ونزيهةraquo;، وهذا الكلام الذي قيل ربما محاولة لتصحيح تصريحات سابقة في الاتجاه الآخر.

إن العقلية الأمنية التي سادت المنطقة كانت تطلق تصريحات عن احترام إرادة المجتمع من أجل الاستهلاك الإعلامي، ولكن هذه المرة فإن ملايين مصر لا تخاف ولا تنخدع، وحسناً فعلت كلينتون بأن بدأت بتصحيح تصريحاتها السابقة، ونأمل أن نسمع منها تصريحات مماثلة لتصريحات المسئولين الأميركيين في تسعينيات القرن الماضي عندمات هبّت رياح التغيير الديمقراطية على الشعوب الأوروبية، فنحن بشر وكلنا نتساوى في الحقوق، ومن حقنا أن نتنفس الحرية والكرامة، كما يتنفسها الآخرون.