Peter Goodspeed
تتزايد الدعوات إلى شن ضربات عسكرية استباقية لإيران نظراً إلى تسارع تقدم برنامجها النووي وتجاهل طهران الكامل لإنذارات مجلس الأمن، الذي يدعوها إلى تجميد برامج تخصيب اليورانيوم، والسماح بدخول المفتشين الدوليين إلى إيران من دون شروط.
عمدت ثماني طائرات إلى إسقاط ألف كيلوغرام من القنابل كل خمس ثوانٍ بينما كانت طائرات مقاتلة من طراز ldquo;إف-15Prime; (F-15) تحلق عالياً في الجو، وهكذا دمرت تلك الطائرات برنامجاً نووياً كان العراق يطوّره سراً طوال سبع سنوات، في 7 يونيو 1981، خلال دقيقتين فقط.
لقد ساهمت ldquo;عملية أوبراrdquo; في تغيير معالم الشرق الأوسط خلال ربع القرن الذي تلا تلك الأحداث.
اليوم، تسري شائعات مفادها أن إسرائيل تفكر في توجيه ضربة استباقية مماثلة لمنع إيران من اكتساب أسلحة نووية. بدأت طبول الحرب تقرع بصوت أعلى تزامناً مع ظهور مؤشرات على أن المواجهة الدبلوماسية التي دامت عشر سنوات مع إيران قد تتحول إلى صراع مسلّح.
من المنتظر أن يصدر تقرير عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الثلاثاء، ومن المتوقع أن يدفع ذلك التقرير بالشرق الأوسط إلى حافة الأزمة في حال أثار شكوكاً إضافية حول طموحات إيران النووية.
تتزايد الدعوات إلى شن ضربات عسكرية استباقية نظراً إلى تسارع تقدم البرنامج الإيراني النووي وتجاهل طهران الكامل لإنذارات مجلس الأمن الذي يدعوها إلى تجميد برامج تخصيب اليورانيوم والسماح بدخول المفتشين الدوليين إلى إيران من دون شروط.
سُلّط الضوء هذا الأسبوع على احتمال حصول اعتداء إسرائيلي بسبب نشوب جدل علني غير مألوف في وسائل الإعلام الإخبارية في إسرائيل بشأن الحسابات الاستراتيجية المتعلقة بمواجهة إيران التي توشك على التسلح نووياً.
يُقال إن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك يحثان زملاءهما في الحكومة على الموافقة على توجيه تلك الضربة الاستباقية على أمل إضعاف برنامج إيران النووي على مدى بضع سنوات مقبلة.
اليوم، تُعتبر إيران المسلحة نووياً أسوأ كابوس بالنسبة إلى إسرائيل.
قد يصبح المتشددون الدينيون الإيرانيون الذين يهددون بتدمير الدولة اليهودية أكثر ثقة وعدائية بعد حصولهم على ترسانة نووية.
ونظراً إلى تاريخهم الطويل في دعم الجماعات المتطرفة، قد يهددون بتقديم إمكاناتهم النووية إلى الإرهابيين. كما أنهم قد يغيرون ميزان القوى العسكري في الشرق الأوسط، ما يهدد حقول النفط في المملكة العربية السعودية والكويت والعراق والإمارات العربية المتحدة، وقد يحاولون أيضاً عزل إسرائيل عبر الضغط على الدول العربية وتركيا كي تسحب حقوق إقامة قواعد حربية تمنح للجيش الأميركي.
قد تسعى إيران أيضاً إلى السيطرة على مضيق هرمز في أسفل الخليج العربي، علماً أن 40% من عمليات نقل النفط في العالم تمر عبر هذا المضيق يومياً.
إذا تجاوزت إيران العتبة النووية المسموح بها، فقد تجرؤ القوى الأخرى التي توشك على اكتساب الإمكانات النووية مثل كوريا الشمالية على القيام بالمثل، وقد ينشأ سباق تسلح نووي في المنطقة لأن العراق وتركيا والمملكة العربية السعودية ستسعى إلى التصدي لهذا التهديد الجديد.
تُعتبر الحسابات المرتبطة بالحرب النووية مخيفة بالنسبة إلى إسرائيلhellip; ستؤدي ضربة نووية واحدة إلى محو البلد عن الخارطة وتحقيق ما حاول هتلر ومحرقة اليهود تحقيقه عن طريق قتل ستة ملايين يهودي.
يوم الجمعة، كتب الصحافي آري شافيت في الصحيفة الإسرائيلية ldquo;هآرتسrdquo;: ldquo;إن القرار الاستراتيجي المتعلق بإيران هو قرار جيلنا. في حال تحركت إسرائيل ضد إيران في مرحلة مبكرة، قد تكون التداعيات دراماتيكية: حرب أبدية مع طهران، وحرب فورية مع ldquo;حماسrdquo; وrdquo;حزب اللهrdquo;، وإطلاق عشرات آلاف الصواريخ على عشرات المدن الإسرائيلية، وإذا تأخرت إسرائيل في تحركها ضد إيران، فقد تطرح التداعيات خطراً على وجودناrdquo;.
لا شك أن أي محاولة عسكرية لاستباق برنامج إيران النووي ستحصل على نمط الضربة العسكرية التي نُفّذت في عام 1981.
لكن إيران لا تشبه العراق، إذ تنتشر منشآتها النووية في أنحاء البلد، ويقع بعضها في المناطق المكتظة بالسكان، بينما يقع بعضها الآخر تحت أعماق الأرض وتكون هذه المنشآت محصّنة جيداً.
ثمة ثمانية مواقع نووية معروفة على الأقل ولا بد من إبطال عملها من أجل تدمير برنامج إيران النووي موقتاً، وربما يضم البلد منشآت سرية إضافية.
شككت دراسة صدرت في عام 2006 عن الكلية الحربية الأميركية وحملت عنوان ldquo;الاستعداد لإيران النوويةrdquo; في احتمال تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية من خلال عملية قصف واحدة.
من الناحية التكتيكية، قال الخبراء إن تدمير المواقع النووية الموجودة تحت الأرض سيستلزم بين 600 وألف عملية جوية. وحتى لو حصل ذلك، يظن المخططون الحربيون الأميركيون أنهم قد يضطرون إلى استعمال الأسلحة النووية التكتيكية للوصول إلى بعض الأنفاق العميقة، فذلك يعني استحالة أن تتحرك إسرائيل وحدها.
قال كينيث بولاك، خبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في واشنطن: ldquo;لا يمكن أن يكرر الإسرائيليون طريقة قصف مفاعل أوزيراكrdquo;.
من المتوقع أن يركز أي اعتداء إسرائيلي على ثلاثة مواقع: ldquo;أصفهانrdquo; حيث تنتج إيران غاز سادس فلوريد اليورانيوم؛ وrdquo;نطنزrdquo; حيث يتم تخصيب الغاز في آلاف أجهزة الطرد المركزي؛ وrdquo;أراكrdquo; حيث من المنتظر أن يبدأ مفاعل أبحاث بالعمل في عام 2012.
في هذا الإطار، قال ستيفن سيمون من مجلس العلاقات الخارجية: ldquo;قد تهاجم إسرائيل مواقع أخرى تشتبه في أنها جزء من برنامج الأسلحة النووية، في حال توافر البيانات اللازمة، مثل موقع قُم الذي اكتُشف حديثاً، لكن من المتوقع أن تؤدي الاعتداءات على مواقع ldquo;نطنزrdquo; وrdquo;أصفهانrdquo; وrdquo;أراكrdquo; وحدها إلى تعزيز إمكانات إسرائيل، وسيتردد المخططون على الأرجح في توسيع نطاق العملياتrdquo;.
سيكون أي اعتداء جوي منسق معقداً وخطيراً، فهو يستلزم استعمال طائرات حربية إسرائيلية وطائرات للتزود بالوقود كي تحلق فوق دول عدائية أخرى إلى أن تبلغ الأهداف الإيرانية خارج حدود الطائرات المقاتلة.
في حال نجحت سورية أو المملكة العربية السعودية أو تركيا في رصد أو تحدي أو مهاجمة إحدى رحلات الطائرات الحربية الإسرائيلية وهي في طريقها إلى إيران، فقد تتعطل العملية كلها.
وأضاف سيمون: ldquo;سيكون هامش الخطأ في خطة الهجوم الإسرائيلية المعقدة صغيراً أصلاًrdquo;.
قال أفنير كوهين، خبير في مركز دراسات عدم الانتشار النووي في معهد مونتيري للدراسات الدولية في كاليفورنيا: ldquo;وفق التقييم العام الذي قدمه الخبراء، يبدو أن حديث إسرائيل عن الخيار العسكري هو مجرد كلام في الهواء. لا تملك إسرائيل الإمكانات العسكرية اللازمة لضرب إيران خلال أسابيع أو أشهر أو فترة غير محددةrdquo;.
ستكون عواقب أي ضربة جوية إسرائيلية مخيفة بالنسبة إلى المنطقة ككل أيضاً.
في حال تعرضت إيران للهجوم، من المتوقع أن تستهدف القوات الأميركية في العراق وأفغانستان.
يمكن أن تصل الصواريخ الإيرانية من طراز ldquo;شهاب 3Prime; إلى عمق إسرائيل، وقد تطلق إيران الصواريخ البالستية على المدن الإسرائيلية وعلى مواقع المفاعل النووي الإسرائيلي في صحراء النقب.
قد تسعى إيران أيضاً إلى وقف تصدير النفط من الخليج عبر إغلاق مضيق هرمز أو قد تطلق اعتداءات صاروخية على حقول النفط في المملكة العربية السعودية.
سيؤدي هذا الوضع حتماً إلى إطلاق موجة من أعمال العنف الإرهابية حول العالم، وقد تحصل عمليات انتقامية أيضاً من جانب الجماعات المدعومة من إيران، مثل ldquo;حزب اللهrdquo; وrdquo;حماسrdquo; وrdquo;الجهاد الإسلاميrdquo;، فضلاً عن عملاء الاستخبارات الإيرانية والحرس الثوري، وتُعتبر هذه الجماعات كلها أكثر تنظيماً وتدريباً من ldquo;القاعدةrdquo;.
في هذا الإطار، قال كوهين: ldquo;سيعني أي اعتداء على إيران نشوب حرب غير مسبوقة حيث ستتحول الجبهة الداخلية إلى ساحة المعركة، وما من طريقة لتوقع نهايتهاrdquo;.
وقال المحلل الإسرائيلي الخبير في شؤون الشرق الأوسط مير خافندانفار: ldquo;مع أن القادة الإسرائيليين هم من مؤيدي استعمال القوة، فمن المستبعد أن يهاجموا إيران من دون إذن الولايات المتحدة. قد تشعر الحكومة الإسرائيلية بالسرور إذا تحدت الولايات المتحدة في مسألة الاستيطان، ولكن عملية استهداف إيران مسألة مختلفة تماماًrdquo;.
ستتحسن فرص نجاح أي ضربة استباقية إذا تعاونت الولايات المتحدة وإسرائيل وتوحدتا في خططهما.
لكن لم تُظهر واشنطن أي مؤشر على رغبتها في التخلي عن استراتيجيتها التي تقضي باستعمال الأساليب الدبلوماسية والعقوبات والحرب الإلكترونية لإبطاء مسار البرنامج الإيراني النووي.
إذا قررت الولايات المتحدة التحرك عسكرياً ضد إيران، فقد لا تهاجم المنشآت الإيرانية النووية.
تشير دراسة نشرها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في عام 2009، إلى أن أي ضربة عسكرية استباقية يجب أن تستهدف منشآت تصدير النفط في البلاد.
قال معدّا التقرير باتريك كلاوسون ومايكل إيزنستات: ldquo;قد تؤدي الصدمة السياسية الناجمة عن خسارة مداخيل النفط إلى حث إيران على إعادة النظر بموقفها النووي بطريقةٍ لن تنجح بتحقيقها أي اعتداءات تستهدف بنيتها التحتية النوويةrdquo;.
وفق نتائج التقرير، توفر عائدات النفط 75% من مدخول الحكومة الإيرانية على الأقل و80% من عائدات التصدير، بينما تبقى محطات ضخ النفط وموانئ النقل عرضة للاعتداءات من البحر والجو.
التعليقات