علي حسين


يفضل الشيخ يوسف القرضاوي أن يقول كلاما بطريقة quot;المنولوجquot; حيث صوت واحد لا يقبل الجدال، فقبل سنوات، وامتلأت خطبه بالسباب والشتائم للشعب العراقي لأنه فرح بالحرية وباندحار عصر الدكتاتورية.. وقدم الشيخ الفضائي التعازي إلى الأمة العربية بفقدها القائد الضرورة الذي قال في يوم من الأيام انه سيحرق إسرائيل.. بينما الآلاف من ابناء شعبه يُمحى حاضرهم ويضيع مستقبلهم..

الشيخ الفضائي الذي ظل يمجد الأنظمة القمعية العربية ويصف القذافي بصاحب التحليلات العميقة، ويُطلق على علي عبد الله صالح لقب الرئيس الكبير موحد اليمن، اليوم وبعد أن انتفض شباب الثورات يخرج ليعلن وتحت أضواء عدسات المصورين أن الربيع العربي خرج من عباءته قائلا quot;كنا من بين الذين دعوا للثورة، ولعبنا دوراً مهماً قبل الثورات وبعدها وسنمارس هذا الدور في المستقبل أيضاً.. ولأن الأضواء تسرق من المحتفلين ذاكرتهم وذكرياتهم فقد فات الشيخ القرضاوي أن يتذكر انه قال في مديح القذافي قبل سنوات ما لم يقله مالك في الخمر، ومن يراجع الأرشيف جيدا سيجد صورة الشيخ الفضائي وهو يقف مبتسما الى جانب العقيد المجنون وتحت الصورة عبارة للقرضاوي وبالخط العريض تقول: quot;قيادة ثورة الفاتح تعمل من اجل الأمة الإسلامية والعربيةquot;، فما الذي تغير فالقيادة نفسها والأخ العقيد الذي ظل يحكم شعبه بالحديد والنار طوال أربعة عقود هو نفسه الذي أفتى القرضاوي مؤخراً بقتله.. الذي تغير أن علاقة الود التي كانت تربط حكام قطر والعقيد قد انتهت مثلما انتهت سنوات العسل بين بشار وحكام الدوحة فقرر الشيخ أن يستل سيفه ويدخل المعركة كواحد من فرسانها وهو الذي لم نسمع له يوما تنديدا بالعمليات الإرهابية التي جرت في العراق وأفغانستان ضد الأبرياء والآمنين، بل إن الشيخ طالما تغنى ببطولات الملا عمر وأبو مصعب الزرقاوي، فالرجل الذي يدعي وصلا بالربيع العربي ويزعم انه من الإسلام المعتدل ويخادع الناس بكلمات منمقة عن التسامح والمحبة لا يتردد في أحيان كثيرة من لبس دروع جنكيزخان وخوذة الجلادين في التشريع والإفتاء لفنون القتل والذبح التي مارستها الجماعات المتطرفة، فعمليات تفجير السيارات التي تحصد العشرات، وعمليات الذبح المتلفزة، وتقديم الأضاحي بالانترنيت يبررها الشيخ الثائر بحجة أنها كانت تحت ضغط نفسي، بل إن مفجر الربيع العربي أجاز للزرقاوي ذبح رهائنه وفسر عملية الذبح بأنها تستند إلى السنة النبوية في ذبح كفار قريش في معركة بدر، برغم أن التسامح بقبول الفدية في بدر كان هو الأغلب عند المسلمين، بل إن الشيخ ذهب إلى أكثر من ذلك حين أخذته حمية الجهاد القاعدي فحكم بالردة على العلمانيين لأنهم حسب قوله يفتحون باب الفتنة، ففي مؤتمر دولي لحوار الأديان ضيفته قطر، قال القرضاوي بعد أن امتشق سيف دون كيشوت quot;التهاون في عقوبة المرتد يفتح باب الفتنةquot;، أما من هو المرتد في عرف الشيخ، فلم يكن بن لادن الذي قتل الآلاف من الابرياء ولا التنظيمات الإرهابية التي تذبح الناس على الهوية ولا الأنظمة القمعية العربية التي كان الشيخ يعيش معها شهر عسل متواصل، المرتدون هم quot;مجموعة من الشيوعيين والعلمانيين الذين يغررون بالبسطاءquot;، هكذا إذن يفتي صاحب عباءة الربيع العربي بقتل الناس لأنهم علمانيون، قاصدا إيهام البسطاء والسذج من أن العلمانية تعني الكفر.
اليوم القرضاوي يرتدي لباس الثوار في مصر وتونس وليبيا وسوريا، من دون أن يبعد ناظريه عن العباءة القطرية التي تغطيه.. لكن هل يستوعب الشيخ الفضائي أن هذه العباءة منسوجة في بلاد العم سام وتأخذ شرعيتها من القواعد العسكرية الممتدة على طول الأراضي القطرية، وان الجنود الأميركان فيها هم أنفسهم الذين اسقطوا تمثال ملهمه quot;القائد الضرورةquot; في ساحة الفردوس.