يوسف البنخليل

يدخل العام 2012 ومازالت ملامح الربيع العربي تتشكل حتى الآن، ولم تظهر الصورة النهائية لها بعد وسط ترقب جماعي في البلدان العربية وحتى بلدان العالم الأخرى. ومع ذلك يمكن معرفة الاتجاهات الحالية التي تشير إلى احتمال مزيد من العنف واستمرار حالة عدم الاستقرار في الوطن العربي لن تنتهي سريعاً، بل قد تنتهي في كثير من البلدان إلى صراعات أهلية باسم (الديمقراطية)، و(الحرية) أو الخلاف على صناديق الاقتراع والدساتير. هذه الحالة ظهرت في عدة بلدان، في مصر، وتونس، واليمن، وليبيا، والتي احتدم فيها صراع قد يكون سلمياً أو غير سلمي حول السلطة، وهو ما يخشى أن يتطور أكثر فأكثر لأن يكون حالة دائمة من الصراع وعدم الاستقرار. اللافت في الربيع العربي، أن الأنظمة العربية الحاكمة لم تتغير كثيراً، وإنما هو ربيع مسّ النخب الحاكمة فقط، ولم يؤدِ حتى الآن إلى تغيير الأنظمة السياسية الحاكمة والتي تعتبر قديمة نسبياً ولها امتدادات تصل إلى العقد الخامس من القرن العشرين تقريباً. ولذلك فإنها لا تعتبر ثورات أدت إلى تغيير الأنظمة العربية، وإن كان هذا الخيار يعد احتمالاً قابلاً للتطبيق. هذا المشهد بتعقيداته يقودنا إلى سؤال مثير للجدل، وهو؛ من المنتصر في الربيع العربي؟ البعض يرى أن القوى السياسية الإسلامية هي المنتصر والفائز الأكبر، والبعض الآخر يرى أن الولايات المتحدة والقوى الغربية الأوروبية تحديداً هي المنتصرة، إضافةً إلى أن هناك من يرى أن إسرائيل هي ذات المصلحة الأكبر في هذا التغيير الذي ضرب الدول الرئيسة في النظام الإقليمي العربي. من المبكر لأوانه جداً حسم إجابة هذا السؤال، ولكن في أي عملية تغيير داخل أي دولة أو على مستوى أي إقليم جغرافي لابد أن يكون هناك خاسر ورابح من وراء عملية التغيير. ولكن لتحديد ذلك لابد من الانتظار أكثر فأكثر حتى تكون الصورة أكثر وضوحاً، ونرى كيف ستحسم هذه الصراعات، وكيف ستنتهي حالة الفوضى، والحماس الهائل للتغيير. السمة الأخطر في هذا التغيير أنه غير معروف العواقب أو النتائج سواءً للقوى السياسية العربية التي قادت التغيير، أو حتى للقوى الدولية التي دعمت التغيير نفسه. وهناك مجموعة من العوامل هي التي باتت تتحكم في مسارات الربيع العربي، ومن المفترض أن تنكشف شيئاً فشيئاً وفق إطار زمني غير معروف أيضاً. لا يمكن اعتبار القوى السياسية الإسلامية الصاعدة في عدد من البلدان العربية بأنها نهاية المطاف، وأنها نهاية الربيع العربي، وأنها تعكس الرغبة الحقيقية لتغيير جمود الأنظمة العربية التي حكمت عقوداً دون انفتاح أو إصلاح حقيقي. فمازال الصراع في أشده، وأعتقد أننا سننتظر حتى ديسمبر 2012 لنعرف أكثر ما يحمله الربيع العربي للمنطقة والعالم.