بعد انتهاء الجولة الاولى من الانتخابات البرلمانية ، وحصول السلفييون على نسبة غير متوقعة من المقاعد ، ظهرت التحليلات السياسية توصف الاخوان والسلفيين بالتيار الاسلامى الواحد ، وان هناك خطورة كبيرة من حصول هذا التيار على نسبة غالبية المقاعد ، ويضع غالبية المحللون الاخوان والسلفيين فى دائرة واحدة وكانهما قادمون
على تحالف سوياً للحصول على غالبية المقاعد فى البرلمان وبالتالى السيطرة على اللجنة التأسيسية للدستور وعلى قرارات البرلمان ، والقدرة على تسمية رئيس الجمهورية القادم ومن ثم ادارة الحكم فى مصر .
انا اختلف مع هذا التصور كلياً ، لان هناك اختلافات جوهرية فى المذهب الدينى والسياسى وتصور كل منهما لادارة المجتمع ، فالاخوان من خلال تجاربهم السياسية يؤمنون بالتفاعل مع المتغيرات الحديثة والتى تطرأ على المجتمعات ، ويؤمنون بالتفاعل معها ، ويسخرون مفاهيم الدين الاسلامى فى خدمة المجتمع واصلاحه وتحقيق الرفاهية للافراد ، ويؤمنون بالدستور المدنى ومدنية الدولة فى حدود الا يتعارض مع اسياسيات الشريعة الاسلامية ، ويمتازون بالمرونة السياسية ، ويتفاعلون معها ، ولديهم القدرة على التعامل مع جميع التيارات الاخرى ، بل والتنسيق وربما الائتلاف من اجل تحقيق المصلحة العامة للمجتمع ، والدليل على هذا اشتراك احزاب ليبيرالية التفكير فى قائمة الحرية والعدالة فى لانتخابات ، ولم يتناول الاخوان قضايا تثير خوف او تحجر على حرية من لا ينتمون للجماعة ، بل هناك مسيحيون صوتوا لقائمة الحرية والعدالة ، وهناك مسيحيون مشتركين فى حزب الحرية والعدالة .
اعتقد ان الاخوان يمثلون اتجاهاً عصرياً للدين السياسيى وبيتفاعلون مع العالم الخارجى وقضايا الدولة الخارجية وفق لما تقضيه الحاجة الملحة للوطن ، وربما هذا بسبب الخبرة السياسية الطويلة ، ووسطية التصور الاسلامى لدولة مدنية قائمة على اسس العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والمساواة دون الخروج على اسس الشريعة مع الاحتفاظ لاصحاب الديانات الاخرية بالحرية فى معتقداتهم وحياتهم الخاصة ، علاوة على امتلاكهم لبرامج وقيادات وسياسيات لجميع نواح الحياة يمكن تطبيقها ، وتتميز بالواقعية وفقا للمرحلة تلو الاخرى ، وبالتالى استطيع ان اقول ان لا خوف من الاخوان ويمكن التحاور معهم ، وبل والوصول الى حلولاً وسطية فى بعض القضايا ، التى ترضى جميع الاطياف الاخرى السياسية .
اما السلفيين ، فيؤمنون بان كل شىء فى الحياة سواء الاجتماعية او السياسية يجب تطبيق حدود الله والشريعة عليه ، بدون اى مرونة ، وهم يعترفون بذلك علانية ، وهذا شيئا صحيا للغاية ان يكون مبادئهم واضحة ومعلنة ، فمن يتوافق معهم يرحبون به ، ومن يختلف فهذه حرية ، وسبب هذا ان السلفيين فى الاساس مذهب دعوى ، ودخولهم السياسية جديدا عليهم ، اقتضته الظروف الحالية والفرصة المتاحة للجميع للتاثير فى المجتمع ، ولهم اراء فيما يخص ادارة الحياة اليومية تختلف عن الاخوان ، والشاهد على ذلك انهم لم يضموا اى احزاب او اتجاهات سياسية لقائمتهم فى الانتخابات ، بل ظلوا محتفظين بخصوصيتهم ، ومن صوت لهم يعلمون هذا ويوافقون على ارائهم ، واعتقد انهم ليسوا على استعداد للدخول فى اى ائتلاف مع اى تيار او احزاب تتعارض مع اساسيات الدعوة السلفية ، وايضاً للانصاف هم يمتلكون برامج فىيما يخص المجتمع وفقاً لرؤيتهم الخاصة .
فى النهاية اعتقد انه لن يتم ائتلاف او اتفاق بين الاخوان والسلفيين كاتجاه واحد قوى يسيطر على ادارة الدولة ، وهذا وان كان غير معلناً ، فهو حقيقى وثابت لدى الطرفين ، لاختلاف الرؤى السياسية وكيفية تسيير امور الحياة وفقا لمعتقدات كل طرف ، ومن هنا لا حق لمن يظهر الاثنين على انه تياراً واحدا ، ليحقق اهدافاً لنفسه ، ويحدث خوفا ورعبا لدى الاخرين بان التيار الاسلامى سوف يسطر على الحياة فى مصر ، وان هذا التيار سوف يقضى على الحريات ويطبق الشريعة ويمنع السياحة ويفرض الحجاب ويكسر التماثيل ، وغيره ، وهذا فى الواقع لن يحدث ومبررات لفشل الاخرين
لابد ان نتعلم قبول الاخر وقبول نتائج الانتخابات مهما كانت نتائجها ، فهذه هى الديمقراطية ، ولا نستخدم اساليب لتشويه الاخرين ، واعتبر اى حزب او تيار يقوم بحملة او تشوية لاخر ، هو فى الحقيقة يعمل على الدعاية المجانية لهم ، واحترم الاخوان فى كونهم لا يردون على تلك الاساليب بل يعملون ويظهر نتائج عملهم على الارض ولا يلتفتون الى الوراء ، واخيرا ارى انه سوف يكون هناك تحالف بين الاخوان وبعض الاحزاب البيبيرالية فى ادارة شئون البلاد فى الفترة القادمة ، ولن يحدث تحالف سلفى اخوانى ، الاخوان والسلفيين ، اتجاهات مختلفة .
- آخر تحديث :
الاخوان والسلفيون ، اتجاهات مختلفة
سرحان سليمان
التعليقات