الرياض السعودية

زيارة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي إلى واشنطن، ولقاؤه بالرئيس الأميركي باراك أوباما، ينخرطان في العودة إلى الماضي البعيد، مع أن الزيارة ليست الأولى لواشنطن ولن تكون الأخيرة.
اهتمامات المالكي في لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين لم تكن مقتصرة على الشأن الداخلي العراقي وانسحاب القوات الأميركية فقط، وإن كان هذا الملف يأتي على رأس اهتمامات الطرفين، فللزيارة اهتمامات أخرى تتعلق بدول الجوار، وخاصة سورية وإيران.
كان واضحا من خلال الكلام الذي صدر عن أوباما والمالكي أن هناك فراقا فيما يتعلق بما يجري في سورية، لكنه فراق وليس طلاقا، ما يعني تعميق العلاقات العراقية الأميركية، وهو أمر يسعى اليه الطرفان، ولذلك أسبابه.
ما يمكن تأكيده أن المالكي الذي استحوذ على السلطة بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين على يد الأميركيين، هو نفسه صديق إيران التي بينها وبين كل الإدارات الأميركية ما صنعه الحداد، وفي نفس الوقت تدعم بلاده النظام السوري في المواجهات الحاصلة مع المحتجين، حيث برز هذا الدعم في اجتماعات الجامعة العربية والتحفظ والرفض العراقيين للقرارات التي اتخذها وزراء الخارجية العرب.
زيارة واشنطن سبقتها تصريحات للمالكي تنم عن فراغ سياسي تعاني منه حكومته، سعى عبرها إلى توجيه الأنظار إلى خارج الحدود، متناسيا أن الطريقة التي أوصلته إلى الحكم اعتمدت على الخارج، وتحديدا على الاحتلال الأميركي، وعلى تغذية العامل الطائفي.
نقول هذا الكلام بعد التصريحات الخطيرة التي أطلقها المالكي حول الأوضاع في سورية، واستعداده للوساطة بين النظام والمعارضة، وهو الأمر الذي رفضته الأخيرة، فضلا عن كلامه الذي ينم عن تخويف السوريين من حرب أهلية في حال سقوط النظام أو مقتل الرئيس بشار الأسد.
ما يريد المالكي إيصاله إلى من يعنيه الأمر أن بلاده - لا بل حكومته- المرعية من إيران ستبذل كل جهدها، كما فعلت في الجامعة العربية من قبل، لإفشال أي حل عربي للأزمة السورية، وينصب نفسه حكما بين النظام والمعارضة، وهو أمر لا يمكن أن يتوافق عليه العرب بعد أن فوت النظام السوري الكثير من المناسبات.
ما حمله المالكي إلى واشنطن، على مستوى الأزمة السورية لا يخرج عن كونه مناورة جديدة، خدمة لنظام دمشق، وإطلالة جديدة لطهران على الساحة العربية بعد أن انكفأت بفعل الإجماع العربي.