عدنان حسين


كلما رأيت رئيس الوزراء نوري المالكي في مشهد يجمعه مع quot;نقيبquot; الصحفيين مؤيد اللامي تذكرتُ حكاية العلاقة بين رئيس القائمة العراقية إياد علاوي والإرهابي فراس الجبوري quot;بطلquot; مجزرة عرس الدجيل الذي ظلّت صورته مرفوعة فوق نقطة التفتيش الكائنة في ساحة التحرير مع عبارة quot;إرهابي ويتظاهرquot;، في محاولة سخيفة وبائسة وفجّة للإيحاء بأن متظاهري ساحة التحرير جميعاً إرهابيون.

صورة علاوي والجبوري استغلها أنصار دولة القانون استغلالاً كبيراً ضد علاوي وقائمته. شخصياً لم أشعر بالغضاضة من ذلك، فبطريقة ما يستأهل علاوي أن يكون في مثل هذا الموقف مادام لا يتوثق كفاية من نزاهة وحسن سلوك الأشخاص الذين يقيم معهم العلاقات أو يستقبلهم ويأخذهم بالأحضان. من واجب كل شخصية عامة ان تتحسب لكل شيء وألا تكون مبتذلة في علاقاتها وألا يغلّب لديها اعتبار الكسب السياسي على الاعتبارات الأخرى.
بطريقة ما تبرأ علاوي من الجبوري بالإيضاح انه لم تكن هناك علاقة وثيقة ومتواصلة مع الجبوري، وإنما هي علاقة عابرة يحدث الكثير منها للسياسيين الذين لا تقتصر استقبالاتهم ولقاءاتهم على الأشخاص الذين يعرفونهم معرفة جيدة. لكن الأمر بالنسبة للمالكي وعلاقته باللامي هو بخلاف ذلك. المالكي وكل الذين يحيطون به من مستشارين ومساعدين يعرفون حق المعرفة أن اللامي هو من فلول النظام السابق الذي ناضل ضده المالكي وحزب الدعوة (في الصفحة 13 من هذه الصحيفة وثائق تفضح لمن لم تبلغه الفضيحة بعد).
أكثر من هذا أن اللامي يترأس منظمة ثلث أعضائها في الأقل هم من فلول النظام السابق أيضاً فرضتهم أجهزة النظام (حزب البعث والأمن والمخابرات ) وابن الطاغية فرضاً، والثلث الآخر لا علاقة لهم البتة بالصحافة والإعلام ووزعت عليهم هويات النقابة ليكونوا قوة تصويتية في الانتخابات، أما الثلث الثالث أو أقل المؤلف من الصحفيين والإعلاميين الحقيقيين، فهو مقاطع لهذه المنظمة لأنه لم يكن منذ عهد النظام السابق يؤمن بها كمنظمة مهنية للصحفيين وهو الآن أكثر قناعة بأنها ليست نقابة الصحفيين المطلوبة.
وأكثر من هذا كله أيضاً ان هذه المنظمة التي يرتبط رئيس الوزراء برئيسها بعلاقة لا يمكن وصفها بأنها عابرة أو ناجمة عن غفلة، كما هي حال علاقة علاوي بالإرهابي فراس الجبوري ... هذه المنظمة لم تزل تعمل بموجب قانون يلزمها بان تعمل لـquot;إسناد النضالquot; من أجل أهداف حزب البعث الثلاثة. وبعد أكثر من ثماني سنوات من سقوط نظام البعث وتحريم العمل في صفوفه والدعاية له ولأهدافه بأي صورة من الصور تحت طائلة القانون لم تكلف هذه المنظمة نفسها العمل لاستصدار قانون جديد لها يلزمها بدلاً من ذلك بالولاء للنظام الديمقراطي الفيدرالي الذي اختاره الشعب عبر الدستور.
لم تكن العلاقة quot;العابرةquot; مع الإرهابي الجبوري تشّرف علاوي، لكن علاقة رئيس الوزراء المميزة مع اللامي لن تشرّفه بأي حال .. انها تُسيء إليه شخصياّ .. تُسيء إلى تاريخه .. تُسيء إلى حزبه .. وتُسيء الى كل من ناضل ضد نظام صدام حسين. اما إذا كان للسيد المالكي، بقناعة شخصية أو بتأثير من مستشاريه، رأي آخر ففي هذه الحال ليس بوسعنا الا أن نقول له: هنيئا لك هكذا علاقة، مع دعوانا بأن يتخذ منه مستشاراً إعلاميا يساعده في كتابة خطاباته مثلاً!