كتب: Daniel Pipes

في عام 1980، تلاعب الإيرانيون بالعملية السياسية الأميركية عن طريق احتجاز الرهائن، أما في عام 2012، فيبدو أن العراق سيكون محور لعبتهم الجديدة، وفي حال قرر الحكام الإيرانيون إثارة المشاكل قبل 6 نوفمبر 2012، فسيلوم المرشح الجمهوري أوباما على laquo;خسارة العراقraquo;.
بعد نهاية الحرب الأميركية في العراق رسمياً يوم الخميس، برزت إيران كعامل مؤثر وغير متوقع في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2012. أولاً، لا بد من إلقاء نظرة على ما حدث في الماضي. حصل ملالي إيران في السابق على فرصة التأثير في السياسة الأميركية في عام 1980، فقد انعكس احتلالهم للسفارة الأميركية في طهران طوال 444 يوماً على حملة الرئيس كارتر الذي كان يسعى إلى إعادة انتخابه، وبسبب فشل عملية الإنقاذ حينها وانشغال الرأي العام الأميركي ببرنامج ldquo;أميركا وقعت رهينةrdquo; على قناة ldquo;إيه بي سيrdquo; (ABC)، كانت هزيمته مؤكدة، فقد نسف آية الله روح الله الخميني آمال كارتر بإطلاق سراح الرهائن في شهر أكتوبر من تلك السنة، وتمادى الخميني في مناوراته عندما أطلق سراحهم في الوقت الذي كان فيه رونالد ريغان يقسم اليمين الرئاسي.
اليوم، تؤدي إيران دورين محتملين في حملة الرئيس أوباما الذي يسعى إلى كسب ولاية رئاسية ثانية، فهي ستعمد إلى إثارة الاضطرابات في العراق أو ستكون هدفاً للاعتداءات الأميركية. يجب التمعّن بالدورين معاً:
من خسر المعركة في العراق؟ صحيح أن إدارة جورج بوش الابن وقعت مع الحكومة العراقية على ldquo;اتفاقية وضع القواتrdquo; التي تنص على أن ldquo;جsect;ميع القوات الأميركية يجب أن تنسحب من جميع الأراضي العراقية قبل تاريخ 31 ديسمبر 2011Prime;. لكن كان قرار أوباما بعدم ترك أي قوات احتياطية في العراق هو الذي جعل من انسحاب القوات خياره ومشكلته الخاصة. بسبب هذه القرارات، أصبح وضعه على المحك. إذا ساءت أوضاع العراق في عام 2012، فسيتلقى أوباما، وليس بوش، اللوم على ذلك. بعبارة أخرى، يستطيع آية الله علي خامنئي تحويل حياة أوباما إلى جحيم!
أمام آية الله خامنئي خيارات عدة: يمكنه فرض سيطرة أكبر على القادة العراقيين الشيعة الذين يميلون إلى المحور الإيراني، علماً أن بعضهم عاش في المنفى الإيراني لفترة من الوقت، وينطبق هذا الأمر على رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مثلاً، وكذلك، يمكن أن يؤثر الإيرانيون في السياسة العراقية عن طريق أجهزة الاستخبارات التي اخترقت البلد أصلاً، أو يمكنهم أن يرسلوا القوات الإيرانية إلى العراق عندما يشاؤون ذلك بعد رحيل عشرات آلاف القوات الأميركية من الحدود الشرقية للعراق، ويمكنهم إحداث الاضطرابات التي يريدونها هناك. أخيراً، يمكنهم دعم عملائهم مثل مقتدى الصدر أو إرسال الإرهابيين.
في عام 1980، تلاعب الإيرانيون بالعملية السياسية الأميركية عن طريق احتجاز الرهائن، أما في عام 2012، فيبدو أن العراق سيكون هو محور لعبتهم الجديدة، وفي حال قرر الحكام الإيرانيون إثارة المشاكل قبل 6 نوفمبر 2012، فسيلوم المرشح الجمهوري أوباما على ldquo;خسارة العراقrdquo;، وبما أن أوباما معروف بمعارضته للحرب، فسيكون هذا الوضع مؤلماً جداً بالنسبة إليه. لكن يمكن أن يتبع الإيرانيون مساراً مختلفاً وأن ينفذوا تهديدهم بإغلاق مضيق هرمز ووقف شحن 17% من النفط الذي يمر عبر المضيق إلى العالم، ما سيؤدي إلى زعزعة الاقتصاد العالمي.
فضّل الملالي إيذاء رئيس ديمقراطي ضعيف في عام 1980 وقد يكررون الأمر نفسه الآن، لكنهم قد يفكرون أيضاً بأن أوباما أفضل من غيره وقد يمتنعون عن إيذائه.
خلاصة الأمر، أدى الانسحاب الأميركي إلى منح الإيرانيين خيارات إضافية كثيرة، فقد يندم أوباما على عدم إبقاء تلك القوات العسكرية إلى ما بعد الانتخابات، ولو فعل ذلك، لكان سيعلن بكل ثقة أنه بذل كل ما بوسعه في هذا المجال.
ماذا عن خيار قصف المنشآت الإيرانية؟ منذ سنتين تقريباً، عندما تراجعت شعبية أوباما في أوساط الأميركيين، اعتبر بعض الخبراء أن توجيه ضربة أميركية ضد المنشآت النووية الإيرانية سيعوّض عن السنة الرئاسية الضعيفة الأولى التي خاضها أوباما وسيحوّل الساحة السياسية المحلية لمصلحته. من خلال هذا التحرك الوحيد، كان يستطيع حماية الولايات المتحدة من عدو خطير وإعادة رسم معالم المنافسة الانتخابية. وكان ذلك التحرك سيؤدي إلى تهميش مسألة الرعاية الصحية، وإسكات وسائل الإعلام، ودفع الجمهوريين إلى التعاون مع الديمقراطيين، وإجبار المستقلين على إعادة النظر بخططهم، وتوجيه ضربة موجعة إلى المحافظين.
لكن بعد أن تدنت شعبية أوباما بواقع 4.4%، ومع اقتراب موعد الانتخابات بعد أقل من سنة، تزايدت دوافعه لقصف إيران، وقد كان هذا الموضوع محط نقاش علني من جانب مجموعة متنوعة من الشخصيات الأميركية (سارة بالين، بات بوكانان، ديك تشيني، رون بول، إليوت أبرامز، جورج فريدمان، ديفيد برودير، دونالد ترامب)، ولكن ذلك الجدل لم يكن يشغل شخصيات مثل محمود أحمدي نجاد وفيدل كاسترو.
كذلك، لا يسجل الرئيس أي نقاط لمصلحته في مجالات الرعاية الصحية وفرص العمل والدين العام، إذ يشعر التيار اليساري بالخيبة ويبدو أن أصوات الناخبين قد تصب في مصلحة أي طرف، وقد تصبح المناوشات الراهنة حول العقوبات والعمليات الجوية مصدر إلهاء جديد. يُفترض أن يقع الاعتداء على المنشآت الإيرانية (إذا حصل) في النصف الأول من عام 2012، قبل الانتخابات الأميركية بفترة قصيرة.
يمكن أن يسبب آية الله خامنئي مشاكل كثيرة لأوباما والعكس صحيح، وإذا حصل ذلك، فستؤدي إيران والعراق أدواراً كبرى في المنافسة الانتخابية على المنصب الرئاسي الأميركي، وهكذا سيتابع البلدان تأدية الدور الذي يضطلعان به منذ 30 سنة للتلاعب بالسياسة الأميركية.