عبد الوهاب بدرخان

يوم عيد الميلاد أدلى الرئيس اللبناني بكلام من النوع الذي تسارع المراجع الرسمية عادة الى سحبه لانه، اذ بدا غير مناسب، لم يُنقل بدقة، كما يمكن ان تدعي، أو إنه جرى تحريفه. قال ان quot;الربيع العربي خسارة للبنان، بنجاجه او بفشلهquot;.
ولم يوضح ما يعنيه بالنجاح والفشل. لكن، بما انه كان يقصد سوريا تحديداً، فإن الالتباس محيّر: هل نفهم ان لا مصلحة للبنان في نجاح الانتفاضة (سقوط النظام) او حتى فشلها (بقاء النظام). في الحالين، كانت الدقة واجبة، لان الحديث عن quot;الربيع العربيquot;، بهذين الغموض والعمومية، يتجاهل ما يعنيه في سوريا كما في سواها من طموح شعبي لتغيير انظمة ادركها الخريف.
وقبل يومين من العيد كان الرئيس ميشال سليمان اول المستنكرين والمتصلين (لعله الوحيد الذي اتصل) بالرئيس السوري للتعزية بضحايا تفجيري دمشق. ولا اعتراض على الاستنكار او التعزية، الا انهما يسترعيان التذكير بكل ما جرى خلال الشهور العشرة من اجرام ووحشية ارتكبها النظام ضد ابناء الشعب، ولم يرَ الرئيس داعياً للاتصال ولا الاستنكار او التعزية حتى بالجنود القتلى طالما انه ليس معنياً بالمدنيين الذين يقتلهم عناصر الامن والشبيحة.
كان مضى يومان فقط على اعلان وزير الدفاع اللبناني دخول عناصر من هذا التنظيم الارهابي الى سوريا عندما دوّى الانفجاران، وقيل انهما quot;انتحاريانquot; كما قيل انهما quot;مفخخانquot; فأيهما الأصح؟ وطالما ان المعلومات لم تكن جديدة او مفاجئة، اذ احيط بها الرؤساء اللبنانيون الثلاثة، فلا شك في انها بلغت الجانب السوري قبل مدة، ومع ذلك لم يتحوّط لاختراق القاعديين احياء يفترض انها مراقبة جيداً. فما من بلد يترك محيط مقر ادارة المخابرات العامة سائداً ومعرّضاً ثم يبدي كفاءة وسرعة فائقتين في القبض على الفاعل، ولم يفت الخارجية السورية الاستناد الى التحذير اللبناني دعماً لرواية quot;القاعدةquot;.
لكن الجديد والمفاجئ كان في تصريحات الوزير فايز غصن نفسها. اذ لم يسبق له ان تحدث الا في ما ندر، ورغم انه لم يحدد قرية عرسال الا ان تداخل المعلومات ترك الايحاء واضحاً بانها ممر القاعديين الارهابيين. كانت تلك تصريحات مبرمجة، وبالاحرى مطلوبة، فليس اعتيادياً هذا النوع من البوح الاعلامي عن شؤون امنية، خصوصاً بين لبنان وسوريا، لكن كان مقصوداً القول ان quot;القاعدةquot; على وشك ان تدخل المشهد. سبق للبنان ان التقط عناصر مفترضين من quot;القاعدةquot; وحاكمهم، لكن هؤلاء لم يجدوا بيئة حاضنة يعملون من خلالها في لبنان، لذا فضّلوا دائماً ان يكونوا حيث تريدهم الاجهزة السورية ان يكونوا. ولا شك في ان توارد الاحداث يؤكد مجدداً حال quot;التواطؤquot; بين لبنان الرسمي والنظام السوري.