المظاهرات في مصر غيرت خريطة السياحة العربية

القاهرة - زكريا خضر


رصدت هيئة تنشيط السياحة المصرية حركة السياح العرب بعد مظاهرات 25 يناير حيث أكدت أن قيام الآلاف من السائحين الخليجيين بالغاء حجوزاتهم الى مصر، وقرروا تحويل بوصلة اجازاتهم نحو دبي والبحرين لقضاء موسم العطلات، في الوقت نفسه بدأ الكويتيون ترتيب أمور سفرهم نحو وجهات بديلة عن القاهرة وبيروت أو الغائها وكانت هاتان العاصمتان محطات رئيسة في العطلات، الا أن الأحداث الأخيرة في مصر دفعت الخليجيين نحو التوجه الاقليمي الداخلي.

وكانت الشركات والفنادق والقرى السياحية قد قامت بالترويج والتسويق في المنطقة العربية وخاصة الخليجية منها لاستثمار اجازة نصف العام في جذب المزيد من الحركة السياحية العربية لمصر وذلك في محاولة منها لتعديل التركيبة للسياحة خلال هذه الفترة التي تكون فيها الغلبة للسياحة الأوروبية الهاربة من انخفاض درجات الحرارة في بلادها للتمتع بدفء مصر.

وأكد مسؤول المكاتب السياحية نفاد الحجوزات الى دبي وعدم وجود أماكن شاغرة على الطائرات، وبسبب هذا التزاحم غيّرت بعض العائلات توجهها نحو آسيا ومنها ماليزيا وتايلند.

وفي السعودية شهدت أسعار تذاكر الطيران للرحلات المتجهة الى مدينة دبي، حاليا، ارتفاعا كبيرا، يصل الى نسبة 150في المئة، مقارنة بأسعارها العادية، التي يبلغ أدناها من الدمام أو المنامة الى دبي في الأوقات العادية، نحو 700 ريال ذهابا وايابا.

وقال مسؤولون في مكاتب السفر والسياحة ان هذه الأسعار تخضع لترتيبات مسبقة منذ بداية العام من قبل شركات الطيران، فمثلا عند حجز أول عشرة مقاعد في الطائرة المتجهة الى دبي، تكون أسعارها ابتداء من 700 ريال، وعند حجز المقاعد التي تليها يكون قد ارتفع السعر، وهكذا، حيث من الممكن أن يجلس المسافر الذي اشترى تذكرته بـ700 ريال، بجانب مسافر آخر سعر تذكرته بنحو ألفي ريال، مشيرا في الوقت ذاته الى أنه لا توجد أي مميزات للتذكرة متدنية السعر، مقارنة بالتذكرة المرتفعة، فكل قيمة لها مميزات، فالمتدنية لا يستطيع المسافر استرجاعها أو تحويل خط سيرها، أو العودة بها على خطوط طيران أخرى، بينما كل هذه المميزات متاحة لأصحاب التذاكر ذات الأسعار المرتفعة، كل حسب السعر.

وفي هذا الصدد، أكد الخبير السياحي سعيد عبد اللطيف أن مصر ولبنان سيستعيدان دورهما السياحي عن قريب، موضحا أن السياحة تمر بمواسم وهي تخضع لتذبذبات متقلبة أما بسبب اضطرابات سياسية كالتي تشهدها مصر ولبنان، أو عوامل مناخية، أو عوامل موسمية، فلا يجوز أن نحكم على السياحة في مصر بالموت الآن بسبب الغاء عدد كبير من الحجوزات أو اضطراب حركة النقل الجوي، بل يجب أن ننظر الى قوة الصناعة السياحية في مصر والتي تمتلك مقومات هائلة تستطيع استيعاب بين 7 الى 8 ملايين سائح سنويا، فمصر تمتلك فنادق وبنية سياحية هائلة، وتحتوي على بنية اقتصادية قوية لن تهتز بموسم سياحي شتوي قصير.

وتوقع عبد اللطيف أن يستعيد النشاط السياحي المصري قوته قريبا بعد هدوء الأحداث، مشيرا الى أن مصر وجهة سياحية عالمية لا يمكن الاستغناء عنها أبدا، فمصر تمتلك ثلثي الآثار العالمية، وفيها مواقع تاريخية نادرة، اضافة الى خدمات متطورة في الجانب السياحي.

كما حولت شركات السياحة الأوروبية وجهات رحلاتها من مصر الى بلدان أخرى ينعم السياح فيها أيضا بشمس دافئة في سياحتهم الشتوية، الى جانب ظروف أمنية وسياسية مستقرة، فباتت هذه الشركات تقصد تركيا والمغرب وجزر الكناري وموريشوس والدومينيكان.

أعرب منظمو الرحلات السياحية في اتصالاتهم مع أصحاب ومديرو الشركات السياحية المصرية عن أمنياتهم أن تستعيد السياحة المصرية عافيتها بعد الانفجار السياسي والاضطرابات التي كانت داعية الى تعليق الرحلات السياحية الشتوية الى مصر.

وتبددت الآمال السياحية بقضاء موسم سياحي شتوي وأن يكون هذا العام مزدهراً سياحيا لمصر خاصة أن شركة تي يو اي ترافل البريطانية كبرى شركات السياحة في أوروبا أكدت أن الأحداث في ومصر كلفتها خسائر بقيمة 35 مليون يورو.

ويقول مدير مؤسسة توماس كوك الفرنسية laquo;سوء الحظ يطاردناraquo;، وذلك بعد عودة السياح من مصر . فالكثير من الأوروبيين يمضون الشتاء فيها حيث الأسعار المنخفضة فضلا عن الطقس المعتدل يتيح زيارة آثار الفراعنة والتجول، بخلاف الصيف ذي الشمس الحارقة. ومنذ اندلاع هذه الأحداث، تعكف شركات السياحة على البحث عن وجهات سياحية جديدة، من موسكو الى باريس مرورا ببرلين، وتعمل على اعادة تنظيم رحلات الطيران، وحجز الفنادق.

يقترح عدد من شركات السياحة على الزبائن الذين كانوا يرغبون في التوجه الى مصر، أن يذهبوا بدلا من ذلك الى جزر الكناري، خلال شهري فبراير ومارس.

وفي ألمانيا قررت مجموعة تي يو اي السياحية أن ترفع عدد مقاعدها المحجوزة للكناري الى 40 ألف مقعد، وتعد جزر الكناري الوجهة السياحية الأولى في الشتاء للألمان.

ويرتقب أن يستفيد المغرب من انكفاء السياح عن التوجه الى تونس المجاورة. وكذلك جزر الباليار ذات الأسعار الرخيصة، بحسب جان مارك سيانو مدير مجموعة نوفيل فرونتيير. أما تركيا، ولاسيما منطقة انطاليا السياحية، فيتوقع أن تجذب أعدادا كبيرة من السياح الألمان والهولنديين.