بعد خلع مبارك: نتنياهو يعيش عزلة دوليّة.. العاهل الاردني يرفض الاجتماع معه

الناصرة - زهير اندراوس


يعاني رئيس الوزراء الاسرائيلي من مشاكل داخلية جمّة مصدرها الاساسي وزير الخارجية، افيغدور ليبرمان، الذي لم يتورع عن اهانة نتنياهو في مؤتمر صحافي وبالبث المباشر في قضية تعيين سفير تل ابيب في المملكة المتحدة، وبحسب المعلقين الاسرائيليين فان وزير الخارجية اثبت قولا وفعلا على انّه هو الحاكم الفعلي للدولة العبرية، لعلمه المسبق بانّ انسحاب حزبه من الائتلاف الحاكم سيؤدي فورًا الى حل الحكومة الحالية والذهاب الى الانتخابات المبكرة.
وتزداد محنة نتنياهو على ضوء التسريبات من الديوان القائلة انّ ليبرمان يريد انْ يرثه كقائد للمعسكر اليميني، في حين اظهر استطلاع جديد للرأي العام تغلب رئيسة المعارضة وزعيمة حزب (كاديما) تسيبي ليفني على نتنياهو في حال اجراء انتخابات مبكرة.
في نفس السياق قالت صحيفة 'هآرتس' العبرية في عددها الصادر امس الخميس انّه على خلفية الجمود السياسي في ما يسمى بـعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين فان رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو يعيش تحت الضغوط وفي عزلة دولية آخذة بالتصاعد.
يشار في هذا السياق الى ان الصحيفة نفسها كانت قد كتبت قبل نحو اسبوعين، ان الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك كان الرئيس الوحيد في الشرق الاوسط الذي يوافق على لقاء نتنياهو. واشارت الصحيفة، نقلا عن مصادر سياسية رفيعة في تل ابيب، الى ان عددا من كبار القادة الاوروبيين لا يثقون به، وان عدد سفراته الى خارج البلاد يتراجع بشكل حاد، مشيرة الى غضب صيني عليه بسبب الغاء زيارة كانت مقررة للصين، في حين ان الهند تتملص بشكل دبلوماسي من طلباته زيارتها.
علاوة على ذلك، اشارت الصحيفة الى ان عزلة نتنياهو في العالم تتجلى من خلال فحص جدول سفراته الى خارج البلاد، مشيرة الى انه في السنة الاولى لولايته في منصب رئيس الحكومة سافر 13 مرة في زيارات لـ9 دول، في حين انه في السنة الثانية سافر 8 مرات لـ6 دول، علما انه زار الولايات المتحدة 3 مرات، وزار مصر 3 مرات.
وساقت الصحيفة قائلة انّ ما يؤكد عزلته الدولية هو ان سفرته الوحيدة في المستقبل القريب ستكون في شهر نيسان (ابريل) الى صوفيا وبراغ. وتأتي هذه الزيارة بعد 5 شهور متواصلة لم يغادر فيها البلاد الا في زيارة قصيرة واحدة استغرقت 3 ساعات مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في مطلع كانون الثاني (يناير).
وتابعت الصحيفة قائلة، اعتمادًا على المصادر عينها، ان بلغاريا وتشيكيا وهما دولتان من بين عدد صغير من الدول في الاتحاد الاوروبي، واللتان لا توجهان انتقادات من اي نوع لاسرائيل وخاصة في موضوع المستوطنات، في حين يتجنب نتنياهو في السنة الاخيرة القيام بزيارات لدول مركزية في اوروبا، مثل بريطانيا والمانيا واسبانيا لتجنب الانتقادات او الضغوط الدولية في الشأن الفلسطيني. كما اشارت الصحيفة الى ان ديوان نتنياهو حاول عدة مرات ترتيب زيارة له الى الهند، الا ان الحكومة الهندية دأبت على التملص من ترتيب الزيارة. كما حاول ديوان نتنياهو ترتيب زيارة له الى الاردن، الا انّ الملك الاردني عبد الله الثاني رفض مقابلته، بحسب الصحيفة.
ولفتت الصحيفة في هذا السياق الى انه بعد جهود استمرت شهورا كثيرة تلقى نتنياهو في تشرين الاول (اكتوبر) 2010 دعوة لزيارة رسمية الى الصين، وكان من المفترض ان تتم في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي الا ان ديوان نتنياهو الغى الزيارة في اللحظة الاخيرة، لان الاخير فضل التوجه الى الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماع المنظمات اليهودية، وتابعت الصحيفة الاسرائيلية قائلة انّ الغاء الزيارة قوبل بغضب شديد من قبل صنّاع القرار في الصين، في حين قالت مصادر في الخارجية الاسرائيلية انه على ما يبدو لن يحصل نتنياهو على موعد اخر لزيارة بكين.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين اجانب ومسؤولين اسرائيليين قولهم ان مشكلة نتنياهو الاساسية تكمن في ان عددا كبيرا من زعماء العالم لديهم شكوك قوية بشأن مدى جديته في الدفع بـعملية السلام.
وبحسب 'هآرتس' فان عدم الثقة بنتنياهو تجلى في الزيارة الاخيرة للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل الى البلاد، مشيرة الى خيبة امل الاخيرة من خطط نتنياهو السياسية، حيث جاء انّ رئيس الوزراء ردّ على سؤالها بهذا الشأن باجابة عامة واكتفى بالقول انّه ربما سيلقي خطابا سياسيا في المستقبل.
ولفتت الصحيفة الى انّ المستشارة الالمانية، المعروفة بمواقفها الداعمة جدًا للدولة العبرية، شددت على ان المطلوب هو اتخاذ خطوات عملية وعدم الاكتفاء بالتصريحات فقط، كما اشارت الصحيفة الى انه في اعقاب المؤتمر الصحافي الذي عقد غداة زيارتها، فان التوتر والشكوك بين الطرفين قد زادت حدتها بما لم يسبق له مثيل، ونقلت عن مسؤول اسرائيلي تحدث مع ميركل قوله ان الاخيرة لم تعد تثق به. واضافت الصحيفة، نقلا عن المصادر الاوروبية والاسرائيلية انّ ميركل لم تكن الوحيدة في ذلك، فعلاقات نتنياهو مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي متوترة ايضا، وتراجع عدد المكالمات الهاتفية بينهما بشكل حاد، والامر نفسه في علاقات نتنياهو مع رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني.
ولفتت الصحيفة في هذا السياق الى ان وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون قالت لنتنياهو ان عليه ان يدرك ان اسرائيل تخسر اكبر اصدقائها في اوروبا.
يشار الى انّ الكنيست الاسرائيلي كان قد عقد جلسة خاصة حضرها نتنياهو بعنوان (العالم ضد اسرائيل) بناء على طلب 40 عضوا تقدموا بعريضة لعقد الجلسة لمناقشة سياسية حكومة نتنياهو التي ادت الى عزلة اسرائيل على الساحة الدولية والحاق اضرار كبيرة على الساحة الامريكية التي تحمل خصوصية كبيرة بالنسبة لاسرائيل.
وكان اول المتحدثين في الجلسة عضو الكنيست عن حزب كاديما روني بار اون الذي هاجم نتنياهو قائلا: عليك ان تقرأ وتستمع لما يقوله توماس فريدمان، الذي وصف قيادة اسرائيل بالسائق المخمور، وانّ من يجلس من الوزراء في المجلس الوزاري الامني والسياسي المصغر هم مجموعة من فاقدي العقول.
وتوالى اعضاء الكنيست على منصة الخطابة مهاجمين سياسة نتنياهو والعزلة الدولية التي تعيشها اسرائيل بسبب هذه السياسة، مطالبين رئيس الوزراء بتغيير نهجه السياسي والاستماع الى اصوات التحذير القادمة من واشنطن والعالم.