| بيروت - من وسام أبو حرفوش |

هل ينجح الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، وبعد ثلاثة اسابيع من المشاورات الماراثونية، في إنجاز مهمته بـ laquo;نقل السلطةraquo; الى حكومة جديدة، ام ان عملية قلب المعادلة السياسية من ضفة الى ضفة تصطدم بوقائع اقليمية ودولية تحول دون ترجمة مفاعيلها على نحو سريع؟
هذا السؤال يخيم على بيروت، المعلقة بين حكومتين، واحدة تصرف الاعمال بعدما تم إسقاطها، وثانية لم يكتب النجاح بعد لإخراجها الى دائرة الضوء، وسط كر وفر بين الدعوات لاستعجال تشكيل الحكومة نظراً للمتغيرات العاصفة في المنطقة، والكلام عن صعوبات داخلية وخارجية تضع ميقاتي امام خيارات اصعب.
فالرئيس المكلف تشكيل الحكومة، والذي يحلو للبعض وصفه بـ laquo;الاسفنجةraquo; لقدرته على امتصاص laquo;الصدماتraquo; بدا محاصراً بثلاثة انواع من المصاعب التي تستعصي حتى الآن على الحلول، وهي:
* القرار الضمني لحركة laquo;14 آذارraquo; المعارضة بعدم المشاركة في حكومة laquo;الانقلاب السياسيraquo;، الامر الذي يجعل ميقاتي اسير الموالاة الجديدة وخيارتها وشروطها، وهو ما يرميه في laquo;أحضانهاraquo; ويفقده حياده الايجابي وقدرته على الحركة.
* جنوح قوى laquo;الأكثرية الجديدةraquo; الى إحكام قبضتها على الحكومة الموعودة، من خلال تهميش دور laquo;الحصة الوسطيةraquo; العائدة لرئيسي الجمهورية ميشال سليمان والحكومة ميقاتي، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وهو ما يترجم بالتشدد الذي يمارسه زعيم laquo;التيار الوطني الحرraquo; العماد ميشال عون، بالنيابة عن الآخرين.
* المؤشرات الدولية المتزايدة لإمكان الذهاب بعيداً في سياسة التشدد حيال لبنان في حال اعتماده خيارات تناقض التزاماته تجاه المجتمع الدولي، وهو الامر الذي بدأ يترك اصداء قوية في بيروت التي فهمت جيداً معنى اجراءات وزارة الخزانة الاميركية ضد احد المصارف اللبنانية كـ laquo;أول غيثraquo; لتدابير من غير المستبعد ان تكر سبحتها في اكثر من اتجاه.
هذه اللوحة المعقدة بدأت تحاصر ميقاتي غير القادر على التسليم بشروط من جاؤوا به الى رئاسة الحكومة بعد laquo;الاقصاء الخشنraquo; لزعيم laquo;تيار المستقبلraquo; سعد الحريري، وغير المستعد لـ laquo;استفزازraquo; المجتمع الدولي عبر حكومة احادية تحكم فيها قوى laquo;8 آذارraquo; السيطرة على الوزارات الرئيسية.
وثمة من يعتقد في بيروت، أن انصياع ميقاتي لشروط laquo;8 آذارraquo; سيجعله هدفاً سهلاً لـ laquo;نيرانraquo; المعارضة التي تعد لتحرك مناوئ للحكومة العتيدة قد تكون ابرز محطاته في 14 مارس المقبل، وسيتيح للعواصم الدولية laquo;ذات الصلةraquo; اتخاذ مواقف اكثر صرامة ضد حكومة تعتقد ان لـ laquo;حزب اللهraquo; كلمة الفصل فيها، وهو ما بدأت ملامحه تهب من واشنطن.
واللافت انه رغم تراجع مرتبة الاهتمام الاقليمي والدولي بما يجري في بيروت، في اللحظة التي تتصدر عواصم التحولات اللاهبة في المنطقة المشهد السياسي، فإن حركة السفراء الاجانب، لا سيما الاميركي والفرنسي laquo;لا تكل ولا تملraquo; مع بيانات مكتوبة بـ laquo;الخط الأحمرraquo; عن ضرورة تأكيد الحكومة العتيدة الوفاء بالتزاماتها الدولية، وفي مقدمها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وكانت الاتصالات لتشكيل الحكومة تواصلت امس ورست على laquo;الخريطةraquo; الآتية:
* استمرار 14 آذار في سياسة laquo;عدم القطعraquo; مع ميقاتي وتفادي اعلان رفض المشاركة في الحكومة وترك باب التفاوض مفتوحاً وإن من باب انتظار جواب الرئيس المكلف الواضح في شأن الثوابت التي طرحتها في مذكرتها حول المحكمة الدولية والسلاح غير الشرعي، في مقابل انتظار الرئيس المكلف laquo;آخر كلامraquo; من هذا الفريق تحت وطأة ضغط من قوى 8 آذار بعدم جواز منح المعارضة الجديدة laquo;مهلة مفتوحةraquo;.
علماً ان مرحة laquo;الانتظارraquo; تملأها 14 آذار بمواصلة رفعها سقف الاعتراض السياسي من موقعها في laquo;المعارضةraquo; وهو ما عبّر عنه مجدداً الحريري الذي يبدو laquo;رأس الحربةraquo; في التموْضع الجديد لقوى 14 آذار، اذ شدد على انه laquo;من الآن فصاعداً سأتحدث بصراحة ووضوح عن كل الأمور، لأنه ليس من المصلحة الوطنية بشيء العودة إلى سياسة تدوير الزوايا في موضوع السلاحraquo;، مؤكداً laquo;علينا الا نخفي رؤوسنا في الرمال عندما يصبح السلاح وسيلة للضغط على الحياة السياسية، وهذا الموضوع غير مقبول ولا يمكننا ان نبني وطناً على هذا النحوraquo;، ومعلناً في رد ضمني على الكلمة الاخيرة للامين العام لـlaquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصرالله الذي اتهم قوى 14 آذار باستهداف المقاومة عبر اثارة موضوع السلاح، laquo;لا يصح بعد كل التجارب المريرة التي مرّ بها لبنان ان يعمل البعض على تصنيف هذا الامر بانه محاولة للالتفاف على سلاح المقاومة لان الحقيقة غير ذلك على الاطلاق وما يعنينا ويبقى في اولوياتنا ألا يكون اي سلاح من اي جهة وسيلة للانقضاض على السلم الاهلي والنظام الديموقراطيraquo;.
* تكثيف المشاورات داخل laquo;بيت 8 آذارraquo; وبينه وبين الرئيس المكلف الذي التقى امس رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض معه الاوضاع وسير عملية تشكيل الحكومة.
علماً ان ميقاتي كان اجتمع ليل اول من امس بكلّ من المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; السيد حسن نصر الله الحاج حسين خليل والوزير جبران باسيل، حيث جرى البحث المعمّق بمطالب زعيم laquo;التيار الحرraquo; لجهة التمسك بحقيبة الداخلية السيادية التي كانت من حصة رئيس الجمهورية وبالحصول على نحو 80 في المئة من المقاعد المسيحية الوزارية لتكتله، وبهامش قدرة الرئيس المكلّف على تلبيتها.
وفيما اشارت المعلومات الى اقتراح بمنح laquo;الخارجيةraquo; كوزارة سيادية، للعماد عون، مقابل ابقاء وزارة الداخلية في عهدة الوزير زياد بارود المحسوب على سليمان، على أن يعطى الرئيس بري بدل الخارجية حقيبة الدفاع، اكدت مصادر في laquo;التيار الحرraquo; لـ laquo;الرايraquo; تمسُّكها بالداخلية.
في موازاة ذلك، ووسط معلومات عن محاولات لتشكيل الحكومة قبل سفر رئيس الجمهورية في 22 الجاري الى الفاتيكان ليقوم بالتوقيع على مراسيمها، وهو ما كان حتى ساعات بعد ظهر امس يبدو laquo;شبه مستحيلraquo;، لفت موقفان:
* الأول نُقل عن مصادر ميقاتي من انه laquo;يحق للعماد عون أن يقول ما يشاء ويطالب بما يشاء، ولكن في نهاية المطاف من حق الرئيس المكلف أن يقرر ما يراه مناسبا حيال تشكيلة حكومتهraquo;، موضحة ان ميقاتي أبلغ الى المعنيين رفضه إسناد حقيبة الداخلية إلى أي شخص ينتمي إلى حزب سياسي laquo;كي لا يشكل ذلك استفزازا لأي فريق لبناني، كما لضمان حياد الداخلية في الانتخابات النيابية المقبلة لو قُدّر للحكومة المزمع تشكيلها أن يطول عمرها حتى سنة 2013raquo;.
* ما نقلته صحف قريبة من 8 اذار عن مصادر laquo;رفيعة المستوىraquo; في laquo;الأكثرية الجديدةraquo; من أن أطرافها الذين يؤيدون عون في معظم مطالبه الوزاريّة laquo;انزعجوا من تصعيده في وجه رئيس الجمهوريّةraquo;.
وكان الحريري استقبل مساء اول من امس مجالس منسقية مدينة بيروت في laquo;تيار المستقبلraquo;، وقال في ردّ على نصر الله من دون تسميته: laquo;مررنا في مرحلة ضبابية، لكن هذه المرحلة لم تغيرنا، بل كنا نعمل بكل صدق وحسن نية من أجل إيصال لبنان إلى بر الأمان. لكن لسوء الحظ كان التفاوض صادقا من جانبنا، فيما الآخرون يستعملون الخديعة. وحين نواجههم بمواقف واضحة كتلك التي أطلقناها الاثنين الفائت يقابلوننا مباشرة بالتخوين. نحن لسنا ضعفاء بل أقوياء بكلمتنا وصمودنا وتضامنناraquo;.
وكرر مضمون مسعى laquo;السين سينraquo;، وقال: laquo;الحقيقة أنها مصالحة وطنية، يجتمع من خلالها اللبنانيون في المملكة العربية السعودية تحت رعاية الملك عبد الله بن عبد العزيز وفي حضور عدد من رؤساء الدول من أجل التصالح والتسامح عن كل ماضيهمraquo;.
واذ طمأن الجميع laquo;لا سيما الذين يريدون الاصطياد في المناسبات، أن العلاقة مع السعودية أقوى من أن تعصف في جذورها أي رياحraquo;، اكد laquo;ان 14 مارس 2011 يوم مفصلي في تاريخ لبنان ونريده أن يشكل رصيداً في حياة لبنان الديموقراطية والوطنيةraquo;.


نقولا: مَن أتى عبر
عمر سليمان سيذهب معه

في غمرة laquo;الحرب الشرسةraquo; التي يشنّها زعيم laquo;التيار الوطني الحرraquo; النائب العماد ميشال عون على الرئيس ميشال سليمان على تخوم ملف تشكيل الحكومة الجديدة، استوقف الدوائر المراقبة اعلان النائب نبيل نقولا ان laquo;من أتى مع (نائب الرئيس المصري السابق) عمر سليمان سيرحل مع عمر سليمانraquo;.
وفيما تقاطعت قراءة حلفاء عون وخصومه عند قراءة كلام نقولا على انه موجّه في شكل غير مباشر إلى سليمان الذي كان لنظام الرئيس حسني مبارك دور في ترشيحه لموقع الرئاسة العام 2008، اوضح نقولا انه laquo;لأننا نعرف الدور الذي كان يلعبه عمر سليمان في الامور الداخلية اللبنانية وفي المنطقة ككل، قلنا ان من أتى من خلاله سيذهب معه، وأنا لم أقصد فريقاً معيناً أو شخصاً معيناً بل هناك أشخاص اتوا معه وكانوا في فلك مشروعه السياسيraquo;.