بلير: ابقيت صلاتي مع القذافي قصدا ولم اكن صديقا.. ولا مصالح مالية مع ليبيا


لندن

انكر رئيس الوزراء السابق ومبعوث الرباعية توني بلير انه كان 'صديقا' لعائلة القذافي كما قالت العائلة. وقال بلير في مقابلة مع صحيفة 'التايمز' ان العقيد معمر القذافي يعيش حالة انكار وانه رفض الاستماع لنصائحه.
واكد انه ابقى على صلاته مع النظام الليبي الذي كان اول مسؤول اوروبي يقيم علاقات معه ويساعد في اخراجه من عزلة الحصار الذي فرض على النظام مدة عشرة اعوام، قصدا.
وكان بلير قد تحدث مع القذافي مرتين يوم الجمعة الماضية ويعتقد ان القذاقي قال لبلير ان القاعدة هي من تقف وراء الاحداث التي ادت الى فقدانه السيطرة على معظم انحاء البلاد. واكد بلير ان ما يحدث في ليبيا 'صادم ويجب ان ينتهي'.
ودافع عن قراره التقارب مع ليبيا قائلا 'لقد اعتقدنا انه القرار الصحيح ان كانوا مستعدين لتغيير سياساتهم في ذلك الوقت وحينما كانت ليبيا مثار اهتمام الجميع'. ورفض التعليق عما اذا كانت الحكومة الاسكتلندية المحلية قد تعرضت للضغط من اجل اطلاق سراح المتهم الوحيد في تفجير طائرة لوكربي عبدالباسط المقرحي وابعد نفسه عن اتفاق تبادل السجناء الذي ادى الى عملية الافراج.
وكان بلير قد زار ليبيا عام 2004 وتبع ذلك عقد صفقة الصحراء، ومع انه دافع عن موقفه وعلاقته مع النظام، الا انه قال انه تأثر بالانتقادات الحادة التي تعرض لها خاصة ان الرجل الذي اقام علاقات معه يصدر اوامر الان لقتل شعبه.
وترى الصحيفة ان تدخل بلير بعد ان اخبر وزيرة الخارجية الامريكية ـ هيلاري كلينتون جاء لشعوره انه بامكانه استخدام تأثيره في ليبيا من اجل وضع حد للوضع هناك. واكد بلير انه لن يفصح عمّـا دار في المحادثتين لكنه قال ان القذافي يعيش حالة انكار عما يدور في البلاد. وقال ان هناك اهدافاً استراتيجية كبيرة تشير الى تغير في القيادة داخل ليبيا حيث يتم التغيير بأقل ثمن. وزعم بلير انه واحد من الاسباب التي ادت به لعدم الحديث انه اراد ان يظهر بمظهر من يقوم بفعل بدلا من الحديث. واضاف ان الهدف الرئيسي الان هو انهاء الازمة بطريقة سلمية من اجل اعطاء الليبيين التغيير الذين ينشدونه. وقال انه لا يعتقد ان القذافي لم يندهش لطلبه منه التنحي خاصة ان علاقة شخصية قامت بينهما خلال الاعوام الماضية.
ورفض التكهن فيما ان كان يجب منح القذافي طريق خروج آمن قائلا ان الامر المهم الان هو انهاء الازمة بطريقة سلمية. ومع انه كان محرجا في الحديث الا انه اكد ان الفعل المهم هو ان يتم انهاء الامر مشيرا إلى ان التعاون الامني مع النظام في مجال مكافحة الارهاب كان 'مهما'.
وانكر بلير ما تردد انه اقام علاقات مالية مع النظام بعد خروجه من السلطة مجيبا 'قطعا، لا'. وقال انه لا يعتقد ان البنك الامريكي بي جي مورغان جيس قد عقد صفقات مالية على الاقل من خلال الاشخاص او الهيئات التي يعرفها.
ومع دعوة بلير للتغيير في ليبيا الا انه اصدر تصريحات حذر فيها من ضرورة ادارة التغيير الحادث في العالم العربي بطريقة جيدة خاصة ان هناك احزاباً دينية بدأت تصعد وتستفيد من الوضع. وقال انه مع ترحيبه بالتغيير في مصر الا انه حذر من الوضع وقال انه قد عبر عن قلقه من تصاعد قوة الاخوان في مصر. وقال ان السؤال في كل هذه الاحداث ليس كيف بدأت ولكن كيف تنتهي'.
واكد ان ما حدث في مصر مثير لكنه يمكن ان يأتي بنتائج جيدة على الشعب في حالة اتخاذ قرارات صائبة. وقال ان حزباً سياسياً يرفع شعار (الاسلام هو الحل) هو حزب يختلف عن طبيعة الاحزاب السياسية. وكرر ان الغرب يتعامل مع ثورات قد تساعد بالتحول الديمقراطي السريع لكن هناك امكانية باستخدام هذه الثورات لاهداف اخرى'. وفي افتتاحيتها دافعت 'التايمز' عن سجل بلير في التعاون مع النظام الليبي الذي ادى كما تقول الى انهاء برامج النظام في مجال الاسلحة الشاملة، وقالت انه لا يجب على بلير الاعتذار لأنه لو ظلت الاسلحة بيد القذافي لم يكن ليتردد باستخدامها كما فعل صدام حسين، حسب قولها.
واضافت انه من السذاجة الاعتقاد بان النظام الليبي تغير وان بريطانيا من خلال علاقتها معه اصبح لها تأثير عليه. وقالت ان الانتقاد لبلير ليس محقا لانه يقوم بمحاولات للتحادث مع القذافي فيما قام خلف بلير غوردون براون بمواصلة العلاقة التجارية والسياسية ووافق على اطلاق المقرحي. ومع كل هذا الدفاع الا انها تقول ان تعاون بلير مع النظام جاء على حساب البعد الاخلاقي خاصة ان المحققين والمدعين في المحاكم تعرضوا لضغوط من اجل ان لا تتم محاكمة اصدقاء وافراد عائلة القذافي الذين قاموا بتجاوزات في بريطانيا.
ومقارنة مع حكومة العمال فان ديفيد كاميرون لم يتورط بلقاء القذافي وليس لديه سجل مخجل في العلاقة مع ليبيا ومع انه قام بعملية اجلاء متأخرة للرعايا البريطانيين فان من واجبه الان المساعدة في 'تخليص العالم من هذا الديكتاتور'.
وقالت: يجب عليه ألا يعتقد ان كلمات قوية ووعوداً بالعقوبات من نيويورك ستمنع القذافي واولاده عن مواصلة حملتهم لانهم لا يلقون بالا لما يدور في اروقة الامم المتحدة. وختمت قائلة ان بريطانيا اغلقت سفارتها في ليبيا وجمدت حسابات النظام وتظهر اصرارا على تغيير النظام وعليها اظهار هذا اما بدعم معارضي القذافي او بتدخل عسكري مباشر. وقالت ان القذافي لم يكن يوما صديقا لبريطانيا.

عميد مدرسة لندن للاقتصاد خجل

وفي لعبة الابتعاد والتحلل من العلاقة مع النظام القديم في ليبيا سواء من قبل المؤسسة الليبية التي قادها القذافي او من حلفائه في الغرب قال عميد مدرسة لندن للاقتصاد التي تخرج منها سيف الاسلام نجل القذافي وقدم لها مساعدة مالية من 1.5 مليون جنيه إسترليني لدعم برامج الديمقراطية اضافة الى 500 الف جنيه مقابل خدمات استشارية، قال سير هاوارد ديفيز انه يتمنى الان لو لم يقدم النصح للنظام الليبي حول كيفية بناء صلات وثيقة مع بريطانيا.
وقامت ليبيا بدعم مشروع منح في المدرسة مقابل تقديم الاخيرة نصائح من قبل احسن العقول العاملة فيه. وتواجه المدرسة الان دعوات لاعادة الدعم المالي الذي قدمه سيف الاسلام.
وقال العميد انه 'يتمنى لو تم التوصل لحل ما هناك في ليبيا بدون مزيد من الدماء' قائلا ان كل العلاقة مع النظام هي 'مثل البيضة التي رميت على الوجه، وافكر دائما انني اتحمل هذه البيضة على وجهي بدلا من وجودي في شوارع ليبيا وتقوم القوات الامنية باطلاق النار علي'.
وعمل ديفيز الذي كان نائبا لمدير بنك انكلترا مبعوثا اقتصاديا لليبيا وقال ان وزارة الخارجية قد طلبت مساعدته بسبب خبرته المالية.
وعلق قائلا 'لو طلبت مني فعل ما فعلت بعد ما عرفت ما اعرف الان لقلت قطعا لا' وقيل لديفيز ان دوره هو مساعدة النظام الليبي على فتح نظامه المالي وتحسين ادائه. وسافر الى ليبيا عام 2007. والقى في تلك الزيارة خطابا في المجلس البريطاني امام الوزراء ومدراء البنك المركزي وبعد ذلك قدم بنك انكلترا الخبرة التي قال انها تقنية بيروقراطية لتحسين اداء المؤسسات المالية الليبية.
وساعد في انشاء مؤسسة الاستثمار الليبية، حيث قيل انه سيكون مستشارا. وقال ان المسؤولين في المشروع كانوا يرغبون في ان تكون لندن مركزا لنشاطات المؤسسة خاصة انه سيكون بالامكان التحكم ومراقبة نشاطاتها.
وكان طلاب قد اقتحموا مكتب العميد وطالبوا باعادة الهدية 1.5 مليون جنيه وقال ان المال 300 الف جنيه استرليني تلقته المدرسة من شركات ليبية وليس من الحكومة. وانتقد الكثيرون مركز دراسات الشرق الاوسط لان معظم العاملين فيه يدعون لمقاطعة اسرائيل وقال ان معظم الدعم جاء من جورج سوروس وهو يهودي وان المركز يمارس سياسة متوازنة.
وفي الوقت الذي تم فيه الاعلان عن حكومة مؤقتة برئاسة وزير العدل السابق مصطفى عبد الجليل فان الزاوية، التي كانت آخر المدن التي تسقط في يد الثوار وهم يعدون العدة للمواجهة في طرابلس، لا تزال محاصرة من المؤيدين لنظام القذافي في حالة تعبر عن المواجهة التي لم تنته. وتسعى الحكومة للحصول على اعتراف من المجتمع الدولي ودعم من الولايات المتحدة
وتحدث مراسل 'الغارديان' في تقرير له من الزاوية عن الخطوط التي ظهرت بين مؤيدي النظام والثوار في المدينة. ومع ان المدينة محاطة بوحدات من الجيش التابع للنظام الا انها ليست كافية لاستعادة المدينة من يد الثوار. ويتوقع الصحافي ان ينتهي الوضع قريبا لصالح الثوار.
ويرى ان المدينة التي باتت محاصرة هي العاصمة معقل القذافي في ظل تهاوي المدن والبلدات المحيطة بها. ويعلق الصحافي ان الوضع لا يزال رغم كل هذا 'هلاميا'، ونقل عن مواطن في الزاوية قوله 'لا تصدق اقوال الحكومة، الزاوي بيدنا ونتبع الان الحكومة المؤقتة في بنغازي'.
ويعلق ان الحكومة قامت بترتيب رحلة لهم لاظهار ان العاصمة لا زالت بيدهم واطلاعهم على المناطق التي لا زالت تحت سيطرتها. وعندما وصلوا للزاوية قال لهم الدليل انها محتلة من القاعدة والمقاتلين الاجانب. ويشير الصحافي انه خلافا للرأي فان الزاوية لا قاعدة فيها ولا مهلوسين او ملتحين، بل شاهد مهندسين واطباء وشباباً لا زالوا خائفين من الجيش الذي لا زال يسيطر على كل مداخل المدينة. وقال ان طرابلس التي تحرسها الدبابات ونقاط التفتيش بدأت هادئة وحركة السير فيها عادية لكن ما لم يكن هادئا هو الطوابير امام المحلات حيث يحاول السكان الحصول على المواد الغذائية.
وفي افتتاحية 'ديلي تلغراف' اشارت فيها الى الجهود الصينية الحثيثة لاجلاء العمال الصينيين من ليبيا، حيث ارسلت بارجة حربية مجهزة بكل المعدات الحساسة الى قلب البحر المتوسط للاشراف على نقل العمال من مالطة وكريت وغيرها.
وقالت ان البارجة تملك القدرة على التنصت على مواقع الناتو في المتوسط. وقالت ان الصين اثبتت كفاءة على نقل وترحيل 20 الفاً من رعاياها في ليبيا وانها ارسلت 15 طائرة لنقلهم على مدى الاسبوعين القادمين. كل هذا مقارنة مع الجهود البريطانية التي اتسمت بالعجز والارتباك.
وترى الصحيفة ان الصين تتصرف كأنها جزء من الشرق الاوسط وانها مهتمة بالنفط واسعاره، خاصة ان عشرات الآلاف من ابنائها في المنطقة اضافة الى مئات الآلاف منهم في افريقيا. وتقول ان الفوضى التي تعتبر نتاجا للعولمة بدأت تؤدي الى منح الانظمة الشمولية القاسية - الصين وايران - جوائز، اضافة لتغييرها المعادلة الجيوسياسية في المنطقة لصالحهما.
وتختم قائلة ان المحرج للغرب الذي دعم انظمة ديكتاتورية في العالم العربي ان التغيير في المنطقة بدأ يسير لصالح انظمة لم تقدم الا كلاما فارغا عن الديمقراطية.
وفي مقال كتبه ديفيد اغناطيوس في 'واشنطن بوست' عن زيارة له للضاحية الجنوبية واجتماعه مع عدد من المسؤولين في دائرة الشؤون الدولية في حزب الله حيث فهم منهم ان الاحداث الجارية في المنطقة تعمل لصالحهم، مشيرا الى ان الحزب الذي يسيطر على الحكومة لا يرغب في ان يتصرف كحزب طائفي ولكن كشريك ديمقراطي.
ويتساءل الكاتب ان كانت مرحلة ما بعد ميدان التحرير فرصة للتحاور مع الغرب، وهو امر يستبعده الحزب الذي يقول انه لا يعارض التعاون اللبناني العسكري مع امريكا. ويقول ان حزب الله شرس كلاعب سياسي لكن خطأه في تكتيكاته.
وايا كان موقف الغرب من طريقة الحزب ومنطقه في تحقيق اهدافه الا ان الحزب مطالب بالقيام بتعديل رؤيته لان المقاومة وفهمها تتطلب رؤية جديدة في مرحلة اضطراب يمر بها العالم العربي.
وتناولت صحيفة 'نيويورك تايمز' المخاوف من دخول القاعدة التي شجبت الحكام العرب واعتبرتهم زنادقة ووقفت تراقب سقوطهم واحدا بعد الاخر دون ان يكون لها اي دور. واهم ما في الثورات العربية الجديدة انها قامت على فكرة تجنب العنف والتطرف الديني.
وتتساءل ان كان واقع الثورات والديمقراطيات التي ستولد سيجعل من القاعدة التي بنت امريكا على تهديدها كل سياستها الخارجية، جماعة لا علاقة لها. وان كانت القاعدة ستستغل الفراغ السياسي. وحسب محللين فان لوح الاهداف لا يشير حتى الان الى اي نجاح للقاعدة.
ويرى بول بيلار من جامعة جورج تاون ان الديمقراطية تظل اخبارا سيئة للارهابيين. وتقول ان قادة القاعدة باستثناء بيانات قصيرة من ايمن الظواهري لم تشر الى قوة عامل القاعدة مع ان الجهاد الاسلامي عملت اكثر من 3 عقود للاطاحة بنظام مبارك ليسقط في ثورة شعبية لم تشهد عنفا.
ولكن محللين اخرين يرون انه في مناطق مثل ليبيا واليمن التي يقاتل رئيساها للبقاء فان نظاما امنيا ضعيفا يفتح الباب امام عودة القاعدة مع انهم يرون ان التحولات العربية تعتبر هزيمة استراتيجية للجهاديين فقد اظهرت هذه الثورات ان الجيل الجديد لم يعد مهتما بايديولوجية القاعدة. ولم يخل الامر من ترحيب بالثورات من جهاديي القاعدة في شمال افريقيا خاصة الجزائر، فقد نقلت عن احد الجهاديين قوله انه مع زيادة الفوضى واستمرار القذافي في تصعيد الكره ضده فان الارض باتت جاهزة لتجنيد اعضاء جدد. وقال ان المجاهدين الذين قاتلوا في العراق وافغانستان يفكرون بالعودة الى تونس وليبيا. وقال ان هناك عملا ً كثيراً ينتظرهم.
ونقلت عن جهادي اردني من اتباع ابو مصعب الزرقاوي قوله ان القاعدة ستستفيد من التغيير متسائلة ' في نهاية الامر ماذا سيكون حجم التغيير في مصر وبقية الدول؟' وقال ان العديد من المتظاهرين سيصابون بخيبة الامل، واكد ان الخيبات ستعمل لصالحهم.
ويرى محلل آخر ان الاعلام الغربي اساء الحكم على الثورات بالتركيز على الشباب المتحدثين بالانكليزية المتعلمين في المدارس الغربية وتجاهلوا الدور الذي لعبه الاسلاميون وكيف ان هذه الثورات اعادت تفعيل عمل الاسلاميين. ومع ذلك يرى المحللون ان الاحداث ستؤدي الى اعادة تفكير في السياسة الامريكية وتعاملها مع العالم الاسلامي من ناحية اهمية الامن والذي يجب ان لا يكون على حساب الحكم الظالم وحقوق الناس.