إياد الدليمي
تبدو الأمور في ليبيا مختلفة تماما عما جرى في كل من تونس ومصر، وحتى ما يجري في اليمن أو البحرين أو العراق، فالنظام الذي يمسك بين دفتيه تاسع أكبر احتياطي للبترول حول العالم لا يريد أن يستسلم بسهولة، ومنذ خطابه الأول هدد العقيد القذافي بأنه سوف يسلح الشعب وسوف تكون هناك حرب طويلة، وواضح أن هذا السيناريو هو ما يسعى إليه القذافي.
وإزاء تلك الأحداث والتطورات وبعد أن سكتت أميركا وأوروبا لنحو أسبوع على أحداث ليبيا، بدأت المواقف تتوالى، حتى وصلت إلى التلميح من قبل البعض لاستخدام القوة، بل إن البعض الآخر تطرف في الرأي أكثر وأيد التدخل العسكري المباشر واحتلال منابع النفط الليبية، فهل ستكون ليبيا على طريق العراق؟
من الصعب التكهن بما يمكن أن تؤول إليه الأحداث في ليبيا، خاصة بعد أن بدأ القذافي يعد العدة لإعادة السيطرة تدريجيا على المناطق والمدن التي خرجت من قبضته، وإذا نجح بمسعاه هذا، فإن الغرب حتما سوف يطوي صفحة الأحداث المؤلمة التي عاشتها ليبيا منذ نحو أسبوعين، وسوف يمزق صفحة القتل والتدمير التي شنها القذافي ضد شعبه، خاصة إذا تمكن الغرب من الحصول على ما يريد من القذافي مقابل كل ذلك، ويبدو أن الرجل في هذه الأزمة سخي جدا.
وفيما إذا استمر الوضع على هذه الشاكلة -مناطق بالكامل خارج نطاق السيطرة القذافية، وبينها مناطق نفطية، بالإضافة إلى عمليات قتال متواصلة في عدة مناطق ومدن ليبية- فإن التدخل العسكري ربما يكون واردا وبقوة، يضاف إلى كل ذلك أن هناك أصواتا خرجت من داخل ليبيا تطالب بالتدخل العسكري المباشر وقصف مناطق المرتزقة التابعين للقذافي.
وبين الحين والآخر تبرز مأساة الاحتلال الأميركي للعراق لتجعل المخاوف من تدخل عسكري غربي مباشر في ليبيا خطا أحمر، فليبيا فيما إذا وقع عليها أي احتلال مباشر لن تكون كحال العراق، فهي لا تعاني من انقسامات طائفية أو عرقية ولم يسبق لها أن دخلت أية حروب، ناهيك من وجود مناطق شاسعة جدا بلا سكان، وأيضا الامتداد العربي مع ليبيا الذي يمكن أن يجعل من البلاد بؤرة توتر لا متناهية.
وعلى ذلك لا بد أن يكون هناك موقف عربي أكثر صرامة، فلقد سمعنا وزراء خارجية العرب الذين اجتمعوا قبل أيام في القاهرة والذين أكدوا أن التدخل العسكري الغربي في ليبيا خط أحمر، دون أن يقدموا من ناحيتهم أية حلول أخرى بديلة يمكن أن تخلص الشعب الليبي من معاناته.
على العرب أن يتخذوا موقفا مغايرا لموقف التصريحات والتنديدات وعمليات الشجب والاستنكار، على الجميع أن يتدخل بشكل مباشر وسريع وعاجل من أجل وقف المهزلة التي يقوم بها نظام العقيد القذافي، حتى لو استدعى الأمر تهديده بالقوات العربية.
التدخل العسكري الغربي في ليبيا قد لا يبدو مستبعدا، وقد لا يكون بالضرورة تدخلا مباشرا بإنزال قوات برية في صحراء ليبيا، وإنما قد يكون هناك قصف مركز على بعض مناطق تواجد القذافي وعناصره، وهو الأمر الذي لربما يفضله البعض، ولكن حتى هذا سيكون له مردود سلبي على ليبيا في المستقبل القريب.
على الشعب الليبي والقوات التي انضمت إلى الثورة أن يعيدوا ترتيب صفوفهم، ويسارعون إلى محاولة إنهاء حكم القذافي بأسرع وقت ممكن، فلعاب الغرب بدأ يسيل، وهو لا يريد أن يصبر طويلا على ما يجري في ليبيا، على الثوار أن يتغلغلوا إلى داخل طرابلس، وداخل أقبية حكم القذافي ليكتبوا السطر الأخير في كتاب ثورتهم المباركة.
التعليقات