تل أبيب
هل نترقب خطبة القاهرة الثانية؟ لا يجب ان تكون القاهرة خاصة، فقد تكون في واشنطن أو في مكان آخر ايضا. لكن قد تنتظرنا خطبة تتصل بالخطبة التي خطبها الرئيس اوباما قبل سنتين في جامعة القاهرة. يمكن أن نفهم من تصريحات مختلفة لمساعدي الرئيس ان اوباما يعتقد ان تلك الخطبة في 2009 ساعدت على إحداث الجو الذي ولّد تطورات الاسابيع الاخيرة في أنحاء العالم العربي.
انه على حق. ففي خطبة القاهرة زُرعت، لأحسن ولأسوأ، بذور التحولات التي تصيب اليوم الشرق الاوسط سواء كان الحديث عن مُبشرات الديمقراطية أم إنذارات تعزز الاسلاموية. يعلم اوباما السيناريوهات المختلفة، ويبدو اذا انه سيحاول في الخطبة المخطط لها ان يقنع الحكام في السعودية وفي امارات النفط وفي الاردن والمغرب بأن الولايات المتحدة لن تتخلى عنهم كما تخلت عن الرئيس مبارك. ومع ذلك، سيدفع ضريبة شفتين في الحديث عن الحاجة الى اصلاحات. وسيحاول ايضا اقناع اسرائيل بأن ما يحدث في العالم العربي سيعمل في نهاية الامر في مصلحتها، وأن الولايات المتحدة على كل حال ستظل كافلة لأمنها.
يصعب ان نعلم في هذه المرحلة هل ستتناول الخطبة المخطط لها ايضا على نحو محدد القضية الاسرائيلية الفلسطينية، لكن ثمة في واشنطن من يقترحون ان يؤكد الرئيس هذا الشأن. من اجل معادلة قرار النقض الامريكي في مجلس الأمن، يجب ان تحتوي الخطبة على تأييد حازم للمطامح الفلسطينية مع انتقاد مواقف اسرائيل في نفس الوقت. اذا كان هذا ما سيحدث فمن الواضح ان الفلسطينيين سيتخندقون أكثر في مواقفهم غير المهادنة. وهكذا سيُدخَل الشأن الفلسطيني الذي لم يلعب حتى الآن دورا حقيقيا في المظاهرات في ميادين القاهرة وعمان والرباط وصنعاء، الى القِدر الساخنة من غير حاجة.
القدس على علم بالامكانات، وهي تعمل في اجتهاد شديد لمنع تطورات وتصريحات امريكية غير مُرادة وغير مجدية. إن النشاط الدبلوماسي المتعجَّل الذي تم في هذه الايام بين مندوبين اسرائيليين وامريكيين في القدس وكذلك الأفكار التي أثارها الطرفان في اطار ذلك هي شهادة على ذلك.
اشتملت خطبة القاهرة السابقة كما تذكرون على غير قليل من الاقوال التي كان يمكن تفسيرها بأنها محاولة لاعادة كتابة التاريخ. وقد كانت مما لا تلذ للأذن على نحو خاص الجمل التي تحدثت عن الاشتراك في القيم التاريخية بين امريكا والعالم العربي. فهل سنرى مقاطع مشابهة في الخطبة القادمة ايضا؟ اذا فحصنا عن عدد من التصريحات الامريكية في شؤون الشرق الاوسط في الايام الاخيرة، فلا يمكن تناول هذا الامكان في رباطة جأش. ثمة 'خبراء' امريكيون يتحدثون عن حركة الاخوان المسلمين بمصطلحي 'معتدلين' و'متطرفين' (هل تتذكرون حماس 'السياسية' وحماس 'الارهابية'؟). في تقرير داخلي قُدم الى اوباما قبل بضعة اسابيع ورد على سبيل المثال انه يوجد فرق أساسي بين أهداف القاعدة وأهداف الاخوان المسلمين في كل ما يتعلق بالجهاد العالمي، والصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وامريكا والديمقراطية وغير ذلك.
أحقا؟ الفرق في الأكثر تكتيكي، ومن المؤكد انه يشهد بأن حركة الاخوان المسلمين هي جهة يمكن أن يتوقع منها شق طريق ديمقراطي وليبرالي خاصة. في اثناء هذا، تبارك واشنطن نفسها بأنه لم تقُد جهة خارجية كالقاعدة الانتفاضات في تونس ومصر والاماكن الاخرى بل قوى 'محلية'. لكن اذا كانت هذه القوى 'المحلية' تعتمد على الاخوان المسلمين أو على ايران فليس واضحا انه ربما تكون اللعنة أكثر من البركة.
اسرائيل اليوم
التعليقات