يوسف البنخليل

‮ ‬ هل استوعبنا الدرس بعد أن حدث ما حدث في‮ ‬البحرين طوال أكثر من شهر أعادتنا عقوداً‮ ‬إلى الوراء؟ شخصياً‮ ‬أتمنى ذلك،‮ ‬ولكنني‮ ‬أخشى كثيراً‮ ‬على الدولة البحرينية التي‮ ‬باتت مقسمة إلى ثلاثة أقسام،‮ ‬وليست هذه الأقسام مبنية على أسس طائفية تماماً،‮ ‬وإنما مبنية على مجموعة من الأسس والمعتقدات السياسية البحتة‮. ‬ اليوم لدينا من هم مؤمنون بالدولة البحرينية وقيادتها الشرعية من الأسرة المالكة الكريمة بقيادة حمد بن عيسى،‮ ‬وهؤلاء‮ ‬يمثلون‮ ‬غالبية المواطنين في‮ ‬المملكة،‮ ‬ولدينا قسم ثالث من المواطنين من هو مؤمن بجمهورية البحرين الإسلامية بقيادة حسن مشيمع وزمرته المتطرفة،‮ ‬بالإضافة إلى القسم الثالث الذي‮ ‬يدعو إلى دولة مدنية لا‮ ‬يعرف من سيقودها،‮ ‬وكيف سيكون شكل الحكم فيها؟ لو سألنا أحد المواطنين من هذه الأقسام كيف تنظر إلى واقعك وقناعاتك السياسية الآن؟ ستكون الإجابة لا أعرف،‮ ‬ولكن هناك مطالب شعبية بإقامة جمهورية البحرين الإسلامية،‮ ‬أو هناك مطالب شعبية بإقامة الدولة المدنية في‮ ‬البحرين بعد إسقاط النظام الملكي‮. ‬أما القسم الثالث فستكون إجابته واضحة لأنه متمسك بشرعية النظام السياسي‮ ‬القائم الذي‮ ‬حكم هذا البلد قروناً‮ ‬ولابد له أن‮ ‬يستمر باعتباره الضمانة الأولى والركيزة الأساس لحماية كافة الطوائف ومكونات المجتمع البحريني‮. ‬ فمن كان‮ ‬يعتقد بأن دولة الدوار تأسست سواء بنظامها الجمهوري‮ ‬الإسلامي،‮ ‬أو بنظامها المدني،‮ ‬فإنها انتهت إلى‮ ‬غير رجعة بسبب إرادة شعب البحرين القوية التي‮ ‬تمسكت ومازالت تتمسك وستتمسك بشرعية نظامها السياسي،‮ ‬مع قناعتها بإمكانية التطوير والإصلاح أكثر فأكثر باتفاق جماعي‮ ‬لا‮ ‬يتم فيه تغييب الآراء،‮ ‬أو إقصاء طائفة على أخرى‮. ‬ دولة الدوار بنظاميها السياسيين المقترحين،‮ ‬جرّتنا إلى واقع شديد القسوة على كافة أبناء الشعب،‮ ‬ولا أعتقد أن تداعياته ستنتهي‮ ‬بين عشية أو ضحاها أو حتى على مدى شهور،‮ ‬فالجرح النازف لدى المواطنين بعد معاناتهم الكبيرة من ممارسات دولة الدوار كبير،‮ ‬وأعتقد أنه من الصعب توصيفه،‮ ‬لأنه جرح قائم على الكراهية الشديدة،‮ ‬ولا نقصد هنا الكراهية من طائفة ضد طائفة فقط‮ -‬رغم خطورتها‮- ‬ولكننا نتحدث عن كراهية للوجود الكياني‮ ‬للدولة البحرينية بمعطياتها الحالية،‮ ‬فالمطلب اليوم هو قصر هذه الدولة على فئة أو طائفة دون أخرى،‮ ‬وهو مطلب خطير،‮ ‬ومنزلق لا‮ ‬يمكن السيطرة عليه في‮ ‬سنوات قليلة،‮ ‬وإنما بحاجة لعقود طويلة من الزمن وعمل مستمر‮. ‬ وهذا المطلب‮ ‬يتنافى مع حقيقة المجتمع البحريني‮ ‬الذي‮ ‬عرف عنه التنوع والتعايش السلمي‮ ‬بين طوائف وأديان ومذاهب وأصول متناقضة ومتنوعة بشكل كبير،‮ ‬وهو ما‮ ‬يدفعنا إلى طرح تساؤل جوهري‮: ‬هل نقبل كبحرينيين الآخر الآن؟ هل‮ ‬يقبل البحريني‮ ‬المقيم على هذه الأرض؟ وهل‮ ‬يقبل السني‮ ‬الشيعي؟ وهل‮ ‬يقبل الشيعي‮ ‬السني؟ وهل‮ ‬يقبل المسلم المسيحي‮ ‬أو اليهودي؟ وهل‮ ‬يقبل العربي‮ ‬العجمي؟ وهل‮.. ‬وهل‮..‬؟ لا‮ ‬يمكن اختزال الإجابة على مثل هذه التساؤلات في‮ ‬كلمات‮ ‬يسيرة،‮ ‬ولكننا بحاجة فعلاً‮ ‬للإجابة عليها سواءً‮ ‬الآن أو‮ ‬غد‮!‬