علي السنيد


مجموعات من الشباب المندفع باتت بلا وعي قيد تصرف حركات مجهولة النسب السياسي أخذت على التوالي بإصدار بياناتها التحريضية للتظاهر ، والاعتصام المفتوح في الساحة الأردنية مستمدة حقها الظاهري في ذلك من نصوص الدستور ، وسيادة حكم القانون على الرغم من أنها تناسلت بشكل غير قانوني في إطار هذه المرحلة الإقليمية الملتبسة ، ولم تمض في الخطوات القانونية التي تخولها العمل على الساحة الأردنية ، وراحت تطلق على نفسها تسميات شتى ، دون القدرة على معرفة ماهيتها ، والنشطاء الذين يقومون على تسيير أعمالها ، وشرعت في محاكاة واقع الثورات العربية في البلدان التي حمل حراك شوارعها شعار الشعب يريد إسقاط النظام ، وهي ماضية في نفس الخطوات التي جرت في تلك البلدان من حيث ترتيب خطوات الاحتجاج بالقفز الفادح عن كل معطيات الحياة السياسية المعتدلة في الأردن ، وعدم فهمها لمعادلة النظام السياسي الملكي الرحيم في الأردن ، والبون الشاسع الذي يفصله عن الجمهورية العربية التي بنيت على الأحزاب والتي بشرت بالتحرر وسرعان ما أن ألغت التعددية ، والحياة السياسية ، وضربت أسوأ المثل في الحكم وخلاصته المفترضة في مجال الحريات ، والحقوق العامة.

وهذه الحركات الشبابية المزعومة في الساحة الأردنية ، تضع الأردن في قائمة الأنظمة المهددة بالسقوط ، وذلك بالنظر إلى طبيعة سلوكها التحريضي ، وهي ماضية كي تشيع الفوضى في البلد ، ولا تجد حرجا في إدراجه في خانة تلك الأنظمة الدكتاتورية التي انتفضت عليها الشعوب العربية ، وهي تقفز عن طبيعة العلاقة التي تسود بين النظام الأردني وشعبه ، ولا تفرق بين أحقية تلك الشعوب بما نهضت به من مسؤوليات تحررها ، وكيف تجاوب الواقع الشعبي معها ، وبين الأردن المستقر الآمن ، والذي يتفيأ ظلال نظام هاشمي متسامح عمل على نقل الوطن الأردني إلى المدنية ، وحكم المؤسسات ، والقانون ، مع وجود بعض الخلل الذي انتاب المسيرة ، وقد اوجد نهضة شملت مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية رغم قلة الموارد ، حيث غدت اليوم مهددة بسبب قلة الوعي ، وعدم تفهم دقة الظروف ، والتقليد الأعمى لما يجري على الساحة العربية أمام صمت مريب لقطاعات واسعة من الأردنيين ربما لم تدرك إلى اللحظة خطورة مثل هذه الحركات ، وأثرها في وسائل الإعلام ، وكيف انتحلت صفة تمثيل الشعب المهدد بأن تأخذه إلى حالة من الفوضى إذا استمرت في انتحال صفة تمثيله دون أن تقابل بالرفض ، وإدانة طريقة عملها ، وخطواتها التصعيدية ، والعمل على حماية جيل الشباب من الانجرار خلفها بلا روية ، واحتمالية أن يؤدي ذلك إلى انكفاء الأردن إلى الوراء ، وتعريضه إلى فقدان سمته الذهبية في الأمن والاستقرار ، وهي التي تؤهله في المستقبل القريب كي يكون موئل الرأس المال العربي الفار من وجه الاضطرابات التي تقرع أبواب العديد من الدول العربية على خلفية أوضاعها الداخلية المأساوية.

هذه الحركات غير المنضبطة بوشاح الوعي ، والحكمة تستدعي من خلال اجراءاتها التصعيدية الفوضى إلى الساحة الأردنية ، وتجلب الفرقة إلى مكونات النسيج الاجتماعي الأردني ، وهي تنفذ بجهل تام ما من شأنه أن يؤدي إلى زعرعة امن الوطن ، واستقراره ، وتوهين الداخل الأردني لتسهيل المخططات الدولية بإجراء التسويات اللازمة للجانب الصهيوني على حساب الأردن لا قدر الله ، والتي تطال حقوق مواطنيه ، واللاجئين الفلسطينيين على أرضه.

وقد آن الأوان أن تتصدى قوى الشعب الواعية لمثل هذا التلاعب والمقامرة بمصير الأردنيين درءا للفتنة ، ومنعا لهؤلاء من أن يغلقوا خيارات البلد على الفوضى مما يهدد بتدمير ما تم انجازه خلال عشرات السنين بجهود وتضحيات الأردنيين جنبا إلى جنب مع قيادتهم الهاشمية.

يزاودون على البلد وقيادته ورجالاته ، ولا يحملون في جعبتهم سوى المجهول ، وما قد تفضي إليه الضغوط من تداعي السلم المجتمعي لا سمح الله ، وعموم الفتنة التي لا تبقي ولا تذر.