ميرغني معتصم


من رحم الحيرة..
خرجت إيران دولة من صلب كاشان وساسان..
تجاوزت أردشير وشابور وزرادشت، قبل أن تنكفئ في نهاوند واستساغت الحرف العربي..
لبست العباءة الأموية، وسرعان ما نفضت يدها عن سيبويه، الخوارزمي، الرازي، الفردوسي، وعمر الخيام.
توعدت التاريخ وقالت: مِن من نأخذ بثأر هرمز الثاني، أوليس العرب من قتلوه؟
تجاوزت طهران تقيتها السياسية..
وأفشت نواياها وافتعلت الانصرافية عن مأزقها الدولي. وتجاسرت حلما أن يعترف العالم، ودول الجوار بموقعها كقوة عظمى إقليمية. توهمت أن لها من الإمكانت البشرية والسياسية والعسكرية ما يشفع لها، وتشبثت بأسطورة غياب المنافس الإقليمي بعد أن اصطنعت أوضاع العراق وانشغال باكستان بذاتها، وضبابية والضغط التركي رغم نضوج خطابه وفعله.
توجس الغرب خيفة من مشاريع طهران الخارجية التي تنبني على توليفة تتأرجح بين العقدية والسياسية. وتبدو كمن ينشر أحابيله الخارجية بـ laquo;ثعلبيةraquo; سياسية عالية تستنجد بالتكتيك والاستراتيجيات على نحو يطابق المثل الفارسي القديم عن ضرورة الصبر أمام الخصوم بأسلوب laquo;الذبح بالقطنة.raquo;
سهل أن يصدق الإنسان كذبة سمعها ألف مرة، من أن يصدق حقيقة لم يسمعها من قبل. والحقيقة هنا أن قوات laquo;درع الجزيرةraquo; حالة تضافرية استوجبتها اتفاقيات مشتركة بين دول مجلس التعاون. وهي قوات شقيقة، ووجودها موضع ترحيب، إذن، إلى ماذا كان يرمي وزير خارجية إيران، وهي الدولة غير العربية أصلا، وفي مساحة لا تتيح لها أن تعتبر هذه القوات أجنبية، في وقت أجمعت كل الدول العربية والغربية والمنظمات الدولية بحق البحرين، وضرورة وجود هذه القوات لحفظ الأمن في البلاد. وما ظنه هذا الوزير أن وجود هذه القوات هو laquo;بذريعة وهميةraquo;، هذه التي يظنها وزير خارجية إيران كما وصف، هي جغرافية وسيادة دولة تتعرض لدسائس، ..هي سلامة ووحدة وطن هناك يحتويها ببشرها وحجرها.. هي نسيج تحاك حوله تقريرات الليل ودبلوماسية النهار المفضوحة.. إنها البحرين أيها المستوزر عن البعض. والمفارقة أنه، أي الوزير، يتحدث باسم شعب البحرين.. من منحه هذه الـ laquo;ماجنا كارتاraquo; ليتحدث عن مطالب شعب البحرين؟.. أما كان حري به أن يفصح عن القمع في بلاده.. عن المدججين من الباسيج في طهران وأصفهان.. عن تصفية الطلاب وحتى السابلة والنساء عند الانتخابات، فليجبنا.
يحضرنا الآن ما كتبته صحيفة laquo;إيرانraquo; في عددها (3470)، الصادر في السبت 14 ربيع الآخر 1427، الصفحة 4، حين أوردت ما قاله الأستاذ في جامعة طهران عبد الرضا كردي: laquo;حسب الإعلان الرسمي وتقرير إدارة الصحة النفسية في وزارة الصحة الإيرانية، يوجد حاليا 15 مليون مريض مبتلى بالأزمات النفسية، ويجب أن لا نكون لا مبالين على هذه الإحصائيةraquo;.. ومن لسانك أدينك.ش