إنقاذ الشعب الليبي

شملان يوسف العيسى
الوطن الكويتية
الموقف العربي مازال دون مستوى التحديات
اعترفت ايطاليا امس الاول بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض وكانت قطر اول دولة عربية تعترف بالمجلس الوطني بينما اكد وزير الخارجية الكويتي الشيخ الدكتور محمد الصباح بأن الكويت ستعترف بالمجلس خلال ايام.
وتأتي هذه التحركات الدولية بعد ان صرح المتحدث باسم الحكومة الليبية موسى ابراهيم بأن القذافي وابناءه موجودون في ليبيا ولن يغادروها وانهم عازمون على البقاء حتى النهاية.
ماذا عن مستقبل ليبيا؟ وزير الخارجية الايطالية اوضح ان الانشقاقات في صفوف الدائرة المقربة للقذافي هي التي ستطيح به وليس العملية العسكرية الغربية.
وعلى الرغم من كل المحاولات من المجتمع الدولي بالضغط على الزعيم الليبي باقناعه بترك السلطة.. الا انه مصر على البقاء ومصر على موقفه المتعنت وينفذ تهديداته الدموية بحرق وتدمير المعارضة وانصارها من الشعب الليبي وقد وصف قيادة المعارضة بأقذع الاوصاف.
القذافي في الوقت الذي يستمر فيه بقصف المعارضة بالمدفعية الثقيلة والصواريخ نراه يرسل مبعوثاً الى تركيا ويطلب فيها الوساطة لوقف اطلاق النار.. مبعوث الأمم المتحدة الخاص عبدالاله الخطيب سيتوجه الى طرابلس وبنغازي مجدداً لمناشدة القذافي تطبيق وقف اطلاق نار حقيقي لا تخترقه قواته الخاصة والانسحاب من المناطق التي سيطر عليها بالقوة كما سيبحث الخطيب عن حل سياسي يمكن ان يتضمن ترك القذافي البلاد مع ابنائه.
ما موقف المجتمع الدولي والعربي تجاه ما يحدث في ليبيا؟ الموقف الدولي حتى هذه اللحظة مشرفاً.. حيث تم عن طريق مجلس الأمن الدولي اصدار القرار رقم 1973 الذي يحظر الطيران فوق ليبيا ويحمي المدنيين من الاعتداء عليهم بالقوة.. قوات التحالف الغربي تشن يومياً أكثر من 158 طلعة جوية بدون الاعلان عنها.. دفاعاً عن المواطنين الابرياء في ليبيا، المشكلة التي تواجه المجتمع الدولي وقوى التحالف هي كيف يمكن حماية المواطنين في ليبيا على الارض بدون وجود قوات دولية تحميهم فالطيران على الرغم من اهميته القصوى.. لا يستطيع حسم المعركة اذا لم تكن على الارض قوات تدعم وتباشر بتحرير الاراضي التي بيد جيش وميليشيات القذافي.. المجتمع الدولي يفكر جدياً بتسليح الشعب الليبي حتى يستطيع حماية نفسه لكن القرار الدولي لايخول دول التحالف الغربي التدخل في الاراضي الليبية.
ما هو الموقف العربي في الدفاع عن الشعب الليبي؟ وهل هو في مستوى التحديات؟ الجامعة العربية أوقفت التعامل والتنسيق مع الحكومة الليبية بتجميد نشاطها في الجامعة العربية.. وقد وافقت الجامعة على قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بضرب ليبيا وحماية المدنيين وقد شاركت قوات اماراتية وقطرية مع قوات التحالف بارسال بعض الطائرات المقاتلة الى ارض المعركة.. وقد بادرت قطر في الشهر الماضي بالاعتراف بالمجلس الانتقالي والكويت تتبعها بعد ايام.. المطلوب اليوم من الشعوب والدول العربية التحرك بسرعة لانقاذ اخواننا في العروبة من ابناء ليبيا الذين يتعرضون لنيران القذافي وقد تم قطع الخدمات الاساسية عنهم من ماء وكهرباء وهواتف وغيره.. لنكن واقعيين.. ماذا يمكن للعرب ان يفعلوا وهم امة ضعيفة ومشتتة وغير موحدة في مواقفها حيث توجد بعض الدول العربية لا تزال تدعم القذافي ونظامه التسلطي على الرغم من كل حملاته لابادة الشعب الليبي.. واخيراً شكرا للدول العربية التي ساهمت في دعم شعبنا في ليبيا.
ليبيا في قبضة التقسيم ؟
راجح الخوري
النهار اللبنانية
بات السؤال مشروعا:
هل أن quot;فجر الأوديسةquot;، وهو الاسم الذي أطلق على العملية العسكرية، تنفيذا للقرار الدولي 1973، لن يشرق، بمعنى أن الثورة غرزت في رمال دموية متحركة ولن تتمكن من تحقيق أهدافها، وهو ما قد يدفع البلاد الى حرب أهلية طويلة قد تفتح الطريق في النهاية أمام أمر من اثنين: إما التقسيم وإما النزول العسكري الاطلسي الى أرض الميدان، وكلاهما وسيلة تساعد الغرب في الامساك بالنفط الليبي؟
بعد أسابيع على قيام الثورة، بدت ليبيا مسرحا لحرب غريبة ومثيرة لجهة سرعة الكر والفر التي يراقبها العالم. ولكن سرعان ما برزت في الأيام القليلة الماضية ثلاثة انقسامات مفاجئة ستدفع الامور الى المزيد من الغموض.
أولا: انقسام بين الثوار الليبيين حول من يقود العمليات العسكرية ضد قوات معمر القذافي. هل يقوم بهذا اللواء عبد الفتاح يونس وزير ا لداخلية المنشق عن النظام والذي ترفضه شرائح كبيرة من الليبيين بسبب دوره القمعي السابق، أم يتولى القيادة العقيد خليفة بلقاسم حفتر المنشق عن النظام منذ زمن وقد احتضنته وكالة الاستخبارات الاميركية المركزية وانتقل للعيش في ولاية فرجينيا؟ والخلاف ليس على يونس وحفتر فحسب بل على مركزية اتخاذ القرارات، فقد تجاوز العسكريون quot;المجلس الوطني الانتقاليquot; باعلانهم تعيين حفتر قائدا ويونس رئيسا للأركان، لكن المجلس رفض هذا التعيين.
وجاء هذا الخلاف وسط أداء ارتجالي سيئ للثوار في الميدان جعلهم يخسرون سريعا ما ربحوه بعد قيام التحالف الدولي بتدمير سلاح الجو القذافي. أضف الى ذلك انهم يعترفون ضمنا بأن النصر العسكري مستبعد، ولهذا فانهم يبحثون عن مسار ديبلوماسي يضع خريطة طريق لخروج القذافي ورهانهم قائم على انهيار النظام.
ثانيا: الانقسام بين القذافي وأبنائه وحتى بين الأبناء أنفسهم. فقد بات معلوما ان سيف الاسلام وشقيقه الساعدي يريدان تنحي والدهما وقيام مرحلة انتقالية يديرها سيف الاسلام، لكن الاب يرفض التنحي ويؤيده أبناؤه الآخرون وخصوصا خميس.
ثالثا: quot;الانقسامquot; الضمني بين الاطلسيين أنفسهم وبينهم وبين الاميركيين الذين ينسحبون تدريجا من مهمة quot;فجر الأوديسةquot;. فمع اعلان الرئيس الاميركي باراك أوباما بدء حملته الانتخابية لولاية ثانية، تراجعت المقاتلات الاميركية من الجبهة الامامية وتركت الامور للأوروبيين المنقسمين اصلا ضمنا حول المحاصصة المتصلة طبعا بالنفط الليبي.
❑ ❑ ❑
على أساس كل هذا يمكن أن نفهم الحركة الديبلوماسية الناشطة في اليومين الماضيين بحثا عن مخرج يقبله القذافي وكذلك الثوار. وقد تركزت على تركيا، حيث وصل عبد العاطي العبيدي مبعوثا من القذافي، والذي زار ايضا اليونان ومالطا، حاملا الرسالة عينها أي ترتيب وقف للنار، سبق للثوار أن أبلغوا الامم المتحدة قبولهم به. وقد أكد أحمد داود أوغلو ان هناك مطالب قدمها الطرفان بهدف وقف النار.
واضح أن الثورة غرزت في الصحراء الليبية الدامية وأن هذا سيؤثر سلبا على دينامية التغيير في الدول العربية. حتى الآن لم يسقط القذافي ولم تفشل الثورة، لكن ليبيا ساحة مفتوحة على حرب أهلية قد تفضي الى التقسيم.
بالنسبة الى الغرب ليسالمهم ما يسيل من دماء الليبيين بل ما يخرج من آبارهم النفطية!