صلاح الجودر
المتأمل في تاريخ هذا الوطن laquo;البحرينraquo;، وسجل أبنائه، سنة وشيعة، يجد أنه استطاع في الفواصل التاريخية المتأزمة من الخروج من هذه المحن أكثر تماسكاً وصلابة ووحدة، وذلك بفضل قياداته الدينية والسياسية الواعية التي استلمت زمام الأمور والدفع به إلى المصالحة الوطنية!!.
فالكثير من الأحداث السياسية الساخنة التي جرت في هذا الوطن التبست بالنزعة الطائفية البشعة، وكادت أن تتحول إلى صراعات طائفية ومناطقية، والسبب في ذلك هي التركيبة السكانية، سنة وشيعة، لذا تبرز المخاوف وتنتشر الإشاعات في الكثير من المناطق، وتتحول بعض المطالب السياسية المشروعة إلى هاجس طائفي يخيف الجميع، حين تتحول الشوارع والطرقات إلى ساحات
للمعارك الطائفية، يدفع ثمنها أبناء هذا الوطن.
يكفي الإشارة إلى أحداث الخمسينيات (1954م) وأحداث الستينيات (1967م) وأحداث السبعينيات (1975م) وأحداث التسعينيات (1992م)، وهذا العام (2011م).
لنجد أن الاصطفاف الطائفي يطل بوجهه الكريه، وتزداد قسوته عند استخدام أجهزة الاتصال الرقمي laquo;البلاك بيري وآيف فون وغيرهraquo; والقنوات الفضائية والمنتديات الالكترونية.
على صفحات الفيس بوك والتوتر والبلاك بيري تنطلق هذه الأيام وبسرعة البرق عبارات التشكيك والتخوين في الآخر، ويتم نشر الفضائح، صحيحها وسقيمها، بل وتنال كل رموز الأمة والوطن!، في محاولة لتسقيطهم وتحميلهم المسؤولية، والحقيقية أننا جميعاً نتحمل هذه المسؤولية، ولمن شاء فلينظر في تلك المصطلحات التي تبثها قنوات التأجيج الطائفي والتحشيد المذهبي، كيف أصبحت
على ألسن النساء والأطفال دون وعي لخطورتها في تقسيم المجتمع!!.
ولتقريب الصورة فإنا حينما كنا صغاراً كان بعض المشاغبين يفتعلون العراك لنا، حتى إذا ما انفعلنا وتلاسنا وتصارعنا ضحكوا علينا وعلى سفاهة عقولنا، والمتأمل فينا حينها يرثي لحالنا إذ كيف بالمشاغبين وهم يتلاعبون بنا، وجرنا إلى معارك وصدامات وهمية ونحن أبناء حي ومنطقة واحدة، ففي لحظة ننسى ونتناسى أننا أبناء وطن واحد!.
لقد استطاعت قنوات التأجيج الطائفي في أقل من شهر من فرز المجتمع وتقسيم الناس، حتى أخرجت الكثير من الناس عن سمتهم الهادئ، وطبعهم المستقيم، لقد استطاعت تلك القنوات من تسميم الأجواء بين أبناء الوطن الواحد، وفرزهم إلى كنتونات طائفية، فهذا المعسكر للسنة، والمعسكر الاخر للشيعة، هكذا استطاعت تلك القنوات من تمزيق اللحمة الوطنية في أقل من شهر، فما بالنا إذا استمر الحال خمسة عشر سنة كما كان الحال في الحرب الأهلية في لبنان، لا شك أن القتل سيصبح على الهوية، ويا ليت قومي يعلمون!!.
إن بعض القنوات الفضائية قد تدربت على استخدام الحيل وفبركة المشاهد، وهذه المكيدة هدفها استدراج البسطاء من الناس، وإثارتهم ببعض المصطلحات والشعارات المستوردة والمستنسخة من بعض الدول، وما ذاك إلا من أجل تأجيج
الساحات وتشويه العلاقات.
من هنا نجد أن العقل الراجح، والفكر النير يفرضان على كل مواطن غيور على دينه ووطنه في مثل هذه الظروف الصعبة تفويت الفرصة على تلك القنوات التي تبث سمومها وأدواءها عبر خطب وبرامجها ومداخلات هاتفية، المسؤولية اليوم أن نقوم بضبط النفس أمام تلك التدخلات السافرة من الخارج، والسير قدماً في سبيل بناء هذا المجتمع.
فإذا كان هذا هو مسلك تلك القنوات المسمومة، وذلك هو مشروعهم لتغيير هوية هذا المجتمع، والدفع به إلى ثقافة العنف والصدام، فهل نقف مكتوفي الأيدي ونلجأ إلى السكوت الذي يعتبرونه مظهراً من مظاهر الخوف والذعر والجبن أمام سمومهم وأدوائهم!!.
المسؤولية اليوم ونحن في هذا الاحتقان السياسي أن نمهد الأرضية للجميع دون استثناء من أجل المشاركة في الحوار الوطني الذي دعا إليه ولي العهد، والأخذ بأيدي الجميع دون النظر إلى الخلف وما خلفته المرحلة الماضية، من هنا تكون البداية والانطلاقة التي يجب على الجميع العمل من أجلها، فالحوار المنشود ليس بالشيء اليسير، إنما هو خطوة وشمعة تنير درب الجميع، فهل يمكننا أن نعطي أنفسنا مساحة من الحرية قبل أن نغلق أبواب الحوار؟ فقديما قيل، الكلام في الفائت نقصان عقل!.
التعليقات