حنان الهاجري


في مقابلة صحفية أجرتها معه laquo;الغارديانraquo; البريطانية في نهاية مارس الماضي، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ـــ الذي تتولى حكومته إدارة مطار مدينة بنغازي بهدف تسهيل توزيع المعونات الإنسانية، وتسيطر على ميناء المدينة البحري، وتقوم بنشر قوات في الممر الذي يقع بينها وبين جزيرة كريت، ويتزامن الالتزام بأداء هذه المهام مع كون تركيا تطبق قرار الأمم المتحدة بشأن مراقبة المجال الجوي الليبي أيضا ـــ إنه يخشى من أن تتحول ليبيا إلى عراق آخر أو أفغانستان أخرى، حيث تكون النتائج وخيمة بالنسبة لليبيا ولحلف الناتو الذي يقود مهام التدخل الدولي هناك.
ليس أردوغان هو الوحيد الذي يتوجس من أن تكون نهاية الثورة الليبية هي بلد مليء بالجثث والضحايا بفعل تدخل خارجي يقود احتلالاً آخر يطول لسنوات ويتدثر بغطاء التغيير الديموقراطي، فهناك البريطانيون كذلك الذين يعتقد %71 منهم أن تطبيق الحظر الجوي على ليبيا قد تكون نهايته عراقية الطراز، وذلك حسب تقرير نشرته laquo;رويترزraquo; قبل أيام يذكر تفاصيل نتائج استطلاع رأي أجرته وكالة كومرس للاستشارات لمصلحة صحيفة laquo;الاندبندنتraquo;، أوضح أن هؤلاء الذين يشكلون هذه النسبة المرتفعة يخشون ـــ رغم إصرار رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على العكس من ذلك ـــ من أن تُجر بريطانيا لصراع طويل الأمد كما حدث في العراق. فيبدو أن وعود كاميرون بألا يتحول التدخل الخارجي في ليبيا والمدعوم من قبل الأمم المتحدة والدول العربية إلى ما لا يريده الشعب الليبي والتي أطلقها في المؤتمر الربيعي لحزب المحافظين الاسكتلندي في بيرث، وتأكيده على أن الهدف من المشاركة البريطانية في الجهود الدولية هو حماية المدنيين وإنهاء العنف وتمكين الشعب من تقرير مصيره، لم تكن كافية لطمأنة شعبه بخصوص وضوح النوايا الرسمية تجاه ليبيا وشعبها.
مخاوف أردوغان والبريطانيين مشروعة ومن الممكن الدفاع عن عقلانيتها. لعل السبب في ذلك هو انه رغم ان تدخل الولايات المتحدة وحلفائها من الناتو في ليبيا تحت غطاء من الأمم المتحدة يهدف لتغيير النظام هناك ـــ رغم نفي جنرالات اوباما ذلك ـــ والزعم بالرغبة في حماية المدنيين، فإن السؤال الأهم هنا هو: لماذا ليبيا دون الثورات الأخرى في المنطقة؟ لماذا تريد أميركا وبريطانيا وفرنسا بالذات أن تقف اليوم إلى جانب الشعب الليبي فقط دون الشعوب الثائرة الأخرى؟ لكن رغم أن الغرب مرتبط الآن بعملية تغيير النظام السياسي في ليبيا لظروف وأهداف مثيرة للشك، فإن نتائج ذلك التدخل والارتباط لن تكون عراقية. ليس فقط لأن هناك دعما دوليا من الأمم المتحدة لجهود التحالف، مصحوبا بترحيب عربي، بل يعود ذلك إلى التباين الكلي بين التكوين الإثني داخل المجتمعين العراقي والليبي، وهو ما يؤثر في جنس الصراع الداخلي، فهو سياسي ديني طائفي في العراق، وسياسي فقط في ليبيا، ولن يكون غير ذلك في دولة ذات أغلبية سنية طاغية، لها جارتان خرجتا للتو من رحم ثورتين شعبيتين ناجحتين أطاحتا بأكبر رؤوس الفساد وتغلبتا على الظلم والطغيان. لذا فإن نتيجة معادلتي الصراع ستكون متباينة، وان تشاركتا في نوعية الأطراف أو في بعض الظروف.