محمد الخليفي

حكاية فحواها أن ثيراناً ثلاثة، أبيض وأحمر وأسود، لم يصبحوا لقماً سائغة لأسد مفترس إلا بعد أن احتال عليهم وفرقهم فتمكن من التهامهم الواحد تلو الآخر. بدأ بالأبيض زاعماً لأخويه أن لونه الأبيض يكشفهم للصيادين فيشكل خطراً عليهم جميعاً، ولا حل إلا بأن يأكله، فانطلت الحيلة عليهما فوافقا على أن يؤكل أخوهما الثور الأبيض. وبحيلة أخرى أكل الثور الأسود. وأخيراً استفرد بالثور الأحمر، الذي نطق بالحكمة (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)!! فهو لن يؤكل الآن عندما استفرد به الأسد، بل يوم أن قَبِل أن يؤكل أخوه الأبيض.
خطر لي هذا القول وأنا أقرأ بيان المجلس الوزاري الخليجي الذي طالب laquo;المجتمع الدولي ومجلس الأمن باتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف التدخلات والاستفزازات الإيرانية السافرة، والتي تسعى لإشعال الفتن والتخريب بداخل مجلس التعاونraquo;. وأكد أن دول المجلس laquo;ترفض رفضا قاطعا أي تدخل خارجي في شؤونها... وتدعو النظام الإيراني للكف عن أسلوب التحريض والاستفزازraquo;..
نقول هذا ونربط بين قول الثور والبيان لأن مواقف دول مجلس التعاون تدفع المتابع إلى أن يراها تقود إلى وضع قريب من وضع الثور الأحمر. يبدو ذلك في حرب قوى التحالف الغربي الأولى على العراق، وفي استمرار حصار العراق 13 سنة، وفي الحرب الأميركية على العراق، وفي احتلال العراق، ومع المقاومة العراقية، ومن التدخل الإيراني في العراق... إلخ
إن دول مجلس التعاون رغم السنوات الطوال التي ناهزت العقود الثلاثة لم تتعلم من الأحداث التاريخية التي تترى أمامها ويراها كل ذي بصر، فلم تتمكن من بناء اتحاد حقيقي مؤسس على قواعد اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية وطنية متينة، يستطيع بواسطتها أن يفرض احترامه على الجميع. وهي إن لم تفعل ذلك، وتتصالح مع شعوبها فتمكنهم من المشاركة الفعالة القائمة على المواطنة الكاملة التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، فإن استجداء المجتمع الدولي لن يكون الملجأ الحقيقي الآمن، لا من خطر قائم ولا خطر قادم.