يوسف البنخليل

بما قدمه العاهل في‮ ‬واشنطن تايمز حول مستجدات الأوضاع في‮ ‬المنامة،‮ ‬والرؤية الملكية لتقييم الأوضاع،‮ ‬نتساءل هل مازالت الإدارة الأمريكية مترددة في‮ ‬تحديد الطرف الأقوى في‮ ‬نظامنا السياسي‮ ‬بعد الأحداث الدامية التي‮ ‬مرت علينا؟ الموقف الأمريكي‮ ‬منذ‮ ‬14‮ ‬فبراير الماضي‮ ‬كان لافتاً‮ ‬في‮ ‬تذبذبه المستمر،‮ ‬ففي‮ ‬بعض الأوقات نجد أحد المسؤولين‮ ‬يطالب الحكومة بضمان حقوق المعتقلين،‮ ‬وفي‮ ‬وقت آخر نجد مسؤول آخر‮ ‬يستنكر التدخل الإيراني،‮ ‬وفي‮ ‬بعض الأوقات نجد ضغوطات علنية من الخارجية الأمريكية تجاه هذه القضية أو تلك الأحداث‮. ‬ هذه المواقف الغريبة جاءت مختلفة عن طبيعة المواقف الأمريكية خلال تاريخ العلاقات البحرينية-الأمريكية‮. ‬ولكن السبب معروف وواضح،‮ ‬فواشنطن كانت لها أجندة معينة،‮ ‬وكانت تراقب وتترقب،‮ ‬وكانت تبحث عن الطرف الأقوى حتى تتمكن من مد صلات جديدة معه لحماية مصالحها الاستراتيجية في‮ ‬أرخبيل البحرين،‮ ‬وفي‮ ‬مقدمتها مقر الأسطول الخامس‮. ‬ حتى نحو أسبوع،‮ ‬وقد‮ ‬يكون حتى لهذه اللحظة الإدارة الأمريكية لم تفهم بعد الطرف الأقوى في‮ ‬معادلة النظام السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬والطرف الأقوى في‮ ‬معادلة النظام الإقليمي‮ ‬الخليجي‮. ‬ولنكن أكثر صراحة،‮ ‬من الواضح أن واشنطن كانت تعوّل كثيراً‮ ‬على نجاح التيار المؤيد لولاية الفقيه في‮ ‬البحرين لإحداث تغييرات جوهرية في‮ ‬الدولة البحرينية،‮ ‬ولكن الطرف الذي‮ ‬تمكن من فرض أجندته هو التيار المناهض لولاية الفقيه والمؤيد لاستمرار الحكم الخليفي‮.‬ أما على مستوى النظام الإقليمي‮ ‬الخليجي،‮ ‬فكانت واشنطن تعوّل أيضاً‮ ‬على قدرة قوتين سياسيتين رئيستين لهما ثقلهما في‮ ‬المنطقة لإحداث تغيير جوهري‮ ‬في‮ ‬معادلات القوة بين دول الخليج،‮ ‬وهما إيران والعراق،‮ ‬ولكن المعطيات كشفت أن إيران ليست قادرة على تحقيق ذلك في‮ ‬الوقت الراهن مع تزايد مشاكلها الداخلية،‮ ‬وظهور نزعة قوية لاستقلال إقليم الأحواز العربي‮ ‬تمهيداً‮ ‬لعودة الدولة العربية في‮ ‬الساحل الشرقي‮ ‬من الخليج العربي‮. ‬فضلاً‮ ‬عن أن العراق مازالت تعاني‮ ‬من تحديات أمنية وسياسية لا تتيح لها ممارسة مزيد من الضغوطات والنفوذ الإقليمي‮ ‬على دول مجلس التعاون الخليجي‮. ‬ باختصار واشنطن كانت تراهن على أطراف خاسرة،‮ ‬وهي‮ -‬أي‮ ‬الإدارة الأمريكية‮- ‬تدرك جيداً‮ ‬مثل هذه المعطيات،‮ ‬وقد لا تكون مدركة لمسألتين،‮ ‬الأولى‮: ‬وجود أطراف إقليمية لها تأثيرها بإمكانها المساهمة في‮ ‬قلب المعادلة،‮ ‬مثل السعودية وتركيا ومصر‮. ‬والمسألة الثانية هي‮ ‬تأثير التهديدات الداخلية والإقليمية على الطائفة السنية في‮ ‬منطقة الخليج،‮ ‬مما دفعها خلال‮ ‬4‮ ‬أسابيع إلى تغيير مسارات عملها بطريقة جماعية مشتركة لمواجهة مثل هذه التهديدات التي‮ ‬كانت ستؤثر على مستقبلها ووجودها الكياني‮ ‬في‮ ‬هذه الدول‮. ‬ بعد هذا العرض،‮ ‬وطرح العاهل في‮ ‬الواشنطن تايمز،‮ ‬وتقديمه رؤية جديدة تجاه العلاقات البحرينية-الأمريكية بمشاريع مشتركة في‮ ‬مجالات الاستثمار المالي‮ ‬عبر البورصة،‮ ‬والبعثات الدراسية،‮ ‬والتدريب الأمني‮ ‬والعسكري‮ ‬المشترك‮. ‬نتمنى أن تفهم واشنطن جيداً‮ ‬من الأقوى الآن في‮ ‬البحرين والخليج العربي‮!‬