ابتسام أل سعد

اسمحوا لي فلم أعتد على هذا الكرم الفلسطيني في أن يهدونا وفاقاً في زمن الاختلاف وهدوءاً في وسط الثورات ولكنهم فعلوها!. أخيراً اجتمع النقيضان وتلاقى المتخاصمان وأعلنوها من قاهرة المعز حماس وفتح على اتفاق لعله يدوم!.. ولست بتلك المتفائلة حقاً فما يتفق عليه الجميع يكون في الأمور العامة وحدها التفاصيل من يمكنها أن تعكر صفو الوفاق وتحيل العناق إلى الخناق ونعود جميعاً إلى نقطة الصفر!.. كما إنني لست الواثقة في نوايا فتح ولا بتفكير حماس فما مر ويمر على الشعب الفلسطيني من ظروف صعبة وحصار طال أمده يجعلني متشككة بنوايا هذين الفريقين اللذين أثبتا أن مصالحهما فوق مصالح هذا الشعب وهرولة فتح لتنشيط عملية السلام أو الاستسلام لا يهم وأولوية حماس للتمسك بسيادة غزة وإثبات أحقيتها بقيادة شعب دون وطن يثبتان بأن الروزنامة لكل فريق حول أحقيته في أن يكون رأساً مسموعاً ومتبوعاً ولا يمكن أن أقتنع بأن أحدهما يفكر بالشعب الفلسطيني القابع تحت ثقل حصار بدأ عام 2007 ووحده الله من يعلم متى ينتهي دون أن تفكر فتح برئيسها المفتقر للدولة محمود عباس أو حماس بقيادييها الذين لا حصر لهم أو حتى الدول العربية المتناحرة على السلطة وتعيش أسوأ فترات حياتها من ثورات ومنشغلة بأمورها الداخلية عن فك حصار هذا الشعب الذي أرى أن دوره حان لينتفض على أصحاب الكراسي القديمة حتى وإن بدت ثورتهم صورية باعتبار إن الدولة مفقودة والحكومة موضوعة من قبل الإسرائيليين والأمريكيين ووحده من عليه أن يكتوى بنيران الاحتلال والفقر والعيش الضنك وتناحر السلطويين على حكمه وجره إلى ما نراه اليوم.. عذراً فلست اليوم بنصيرة أحد فقد عودتنا حكومة فتح على الخداع والمراوغة والاستسلام والمتاجرة بأحلام الشعب في السير بخنوع وراء ما يخدم إسرائيل وينال الرضا الأميركي وحماس ليست بمنأى عنها فهي الأخرى تقيم لها وجوداً على حساب اصطياد أخطاء غريمتها فتح وتتاجر بقصد أو بدون قصد بأحلام شعب يكفيه ما هو فيه ولم يعد يتحمل المناوشات والتهم المتبادلة بين الفريقين طوال هذه المدة..أما الغريب حقاً أن يعلن الطرفان تصالحهما في الوقت الذي تثور فيه الأرض العربية بالثورات والانتفاضة التي أطارت ببعض المقاعد الرئاسية بينما تناضل البقية للتشبث بالسلطة حتى الرمق الأخير في صدفة لا تبدو في مجملها صدفة حقيقية باعتبار أن ما يجري تخطيط مدروس لإشغالنا عما يدور حولنا بالإضافة إلى التدخل العسكري على ليبيا والذي جاء قراره سريعاً لمصالح تخدم أميركا وحلفاءها الأوروبيين ولكنه في النهاية جاء التصالح الفلسطيني الفلسطيني لما فيه مصلحة الشعب كما يأمل أبناء فلسطين الذين لا يعلمون حقاً متى يمكنهم أن ينعموا بدولة حقيقية في الألفية الثالثة وسط تردد واضح من أوروبا في الاعتراف بها وتجاهل أميركا ذكرها بينما تتعلق الوعود العربية بتنشيط الذاكرة بالاعتراف بدولة فلسطين حينما تأذن واشنطن لهم بإنعاش الأمل للفلسطينيين في إنهم يمكن في يوم من الأيام أن ينعموا بدولة وعاصمة وجواز سفر وهوية شخصية ومؤسسات لكن mdash; وتعرفون قدر محبتي وعداوتي لحرف الاستدراك هذا mdash; بحدود إسرائيلية وأمن إسرائيلي يسمح لمن يشاء أن يدخل ويمنع من يشاء ألا يدخل.. هذه قصة الدولة التي يتناحر عليها الفريقان!
فاصلة أخيرة:
من المؤسف إنني حينما كتبت عن مقتل أسامة بن لادن وأعلنت غضبي من طريقة دفنه وسكوت بلاده وأهله عن هذه الطريقة المهينة وإنه في الأول والأخير كان مسلماً يوحد الله رأى البعض إنني أدافع عنه وقرأوا مقالاتي من باب (ولا تقربوا الصلاة...) حتى إن أحدهم دعا الله وأرجو أن يكون قد دعاه في قيام الليل إن كان من المصلين والحريصين على ذلك أن يحشرني الله مع أسامة!.. من يدري أيها المدعي المغفل بمآل هذا الأسامة في اليوم الآخر.؟!!.. إن كنت تعلم فأنت في مأزق حقيقي وإن كنت لا تعلم فهذا أفضل لك يا هذا!.