غسان حجار

كان عزمي بشارة بطلاً قومياً تقدمياً، تستقبله دمشق بالأحضان ومعها كل القوى اللبنانية التي تصف نفسها بـquot;الوطنيةquot;. كذلك كانت quot;الجزيرةquot; القناة الأقوى والأكثر تعبيراً عما كان يسمى quot;المعارضةquot; اللبنانية، أي قوى 8 آذار، لكن الأمور تبدلت ما بين ليلة وضحاها. فها هو غسان بن جدو يستقيل من ادارة مكتب بيروت للمحطة ويخرج من صفوف القناة التي quot;تحاملتquot; على النظام السوري، وquot;تراجعتquot; بل quot;تواطأتquot; في الملف البحريني. وها قوى لبنانية تعتصم أمام مقر quot;الجزيرةquot; في بيروت رفضاً لموقفها من سوريا، بعدما كانت قبل أسابيع أيدت الموقف من النظام المصري، وأيضاً من التونسي وكذلك من الليبي.
وها هو عزمي بشارة، النائب السابق في الكنيست الإسرائيلي والذي استقال بعدما اتهم بدعم المقاومة اللبنانية خلال حرب تموز 2006، وبأنه نقل معلومات الى quot;حزب اللهquot; وساعده في توجيه صواريخه الى مواقع اسرائيلية استراتيجية، ها هو المفكر العربي القومي quot;البطلquot; يتحول عميلاً بعدما رفض ممارسات النظام السوري بحق مواطنيه، وقد قرأت عنه بالأمس الآتي: quot;لبس رجل الأقنعة قناع المفكر القومي فأقنع بعضنا بثوريته وعدائه لإسرائيل، احتضنته نخبة الحكام والمثقفين التقدميين، فكانوا كمن يضع الأفعى في حضنه. خدعنا واختار الإقامة في امارة الحاخامات. (والمقصود هنا قطر) وفي الخطة المطلوبة، صهيونياً وأميركياً، بث من شاشة الجزيرة السمومquot;.
هل تبدل عزمي بشارة وصار خائناً لمجرد انه أيد الثورة في سوريا وتحدث عن التوريث في الحكم وعن الفساد المستشري في النظام وقال بأحقية مطالب أهالي درعا وغيرهم بإصلاحات سياسية وبالعيش بحرية؟
وهل هي قطر التي أعادت اعمار قرى الجنوب بعد عدوان تموز 2006، واستقبلت الأحزاب quot;الوطنيةquot; وزير خارجيتها، في قلب الضاحية قبل وصول أميرها وحمله على الراحات في كل قرية ومدينة؟ وهل هي نفسها quot;الجزيرةquot; التي كانت quot;القوى الوطنيةquot; تواجه بها قناة quot;العربيةquot; السعودية والمتهمة بالعداء لسوريا وإيران وquot;حزب اللهquot;؟
ترى ماذا يجري؟ كيف تتبدل المعايير؟ والمواقف؟ انها الريموت كونترول حتماً.


أين بن لادن؟ أو هل مات حقاً؟


ذهب أسامة بن لادن، الى غير رجعة، على ما يثمن كثيرون ونحن منهم، بعدما أباد وقهر كثيرين، وأشبع العالم ارهاباً ودماءً، لكننا على مثال قوم الرسول، نفضل لو نضع الإصبع في الجرح، أي لو نشاهد الجثة لنتأكد من مقتله، اذ ان أعداد المشككين في الأمر أكثر من الواثقين بالإعلان الأميركي.
هذا من جهة أولى، أما في الثانية، فإن الإعلان الأميركي عن رمي الجثة في البحر لأمر يتناقض والقيم التي تنادي بها الولايات المتحدة الأميركية، التي احترمت موتاها ضحايا اعتداءات 11 أيلول 2001، وسلمتهم الى ذويهم من دون اعلام، ولم تعمد الى دفنهم جماعياً تقديراً منها لحرمة الموت التي لا أرى لها شخصياً أي مبرر، ما دام يعني احترام جثة ميتة لم يُحترم انسانها في حياته.
مع هذه المفاهيم الإجتماعية السائدة والمتوارثة، يصبح تسليم جثة بن لادن الى ذويه أمراً مستحباً، ويتناغم مع التصريحات المتكررة بإحترام الإنسان وحقوقه، على رغم عدم احترام القاتل بالمقتول حقوق أحد في حياته، وخصوصاً الحق في الحياة، والحق في الإختلاف، والحق في التنوع... وربما لا يفهم معنى الحق في الإختلاف والتنوع، كما الكثيرين من أمثاله الذين يعملون على إلغاء هذه الحقوق، أملاً في مشاهدة قوتهم عبر المرآة.
في القانون الدولي كان يجب القبض على بن لادن والحكم عليه بنحو 100 حكم اعدام ونحو 1000 سنة من الأشغال الشاقة المؤيدة، فربما يكابد من أنواع الألم والقهر ما تسبب به للآلاف، قبل ان يبلغ الموت.