علي حماده

هل صحيح ان المجتمع الدولي بدأ يتخلى عن النظام في سوريا بعدما رعى وحمى على مدى اربعين عاما لأسباب شتى اهمها قدرته على تقديم خدمات في كل الاتجاهات الصديقة والعدوة؟
عندما قال الرئيس الاميركي باراك اوباما في خطابه الموجه الى العالم العربي ان على الرئيس السوري بشار الاسد quot;ان يقود التغيير او أن يقف جانباquot;، فإنه كان يرسل الاشارة الاولى الجدية في اتجاه النظام في سوريا في ما يتعلق بالاستمرار في الاعتراف بشرعيته، لا بل ان الحديث الذي وجهه الرئيس الاميركي مباشرة الى الاسد الابن انما كان يضع الكرة في ملعب الاخير، ويحذره من ان التمييز بين شخص بشار الاسد الذي جرى تجنب quot;الاحتكاكquot; به في الاسابيع الاولى لحركة الاحتجاجات الشعبية السورية، يكاد أن يصبح من الماضي، وخصوصا ان حزمة العقوبات الاخيرة التي اقرتها الادارة الأميركية وقعها اوباما بقرار رئاسي تنفيذي شملت بشار الاسد شخصيا! ومع ان العقوبات الاميركية او حتى الاوروبية التي سبقتها، او التي ستليها الأسبوع المقبل لن يكون لها تأثير كبير على اركان النظام السوري، لكن مجرد وقوع الاسد الابن تحت قرار عقوبات اميركي ndash; اوروبي له مفاعيل كبيرة على صعيد شرعية الرئيس نفسه، يحد كثيرا من حرية حركته في الخارج، في حال تمكن من اجتياز الازمة.
في مقابل الموقفين الأميركي والاوروبي يبقى الموقف الروسي بالتحديد حاسما لجهة حماية النظام في سوريا من استهداف دولي يأتي من طريق بناء جبهة دولية لاسقاط النظام. ومع ان موسكو لم تحدد بعد تفاصيل موقفها السلبي في مجلس الامن على اعتبار ان عبارة quot;موسكو لن تؤيد قرارا ضد سورياquot; يحتمل اكثر من تفسير: هل هو تهديد بـquot;فيتوquot; او الوقوف والاكتفاء بعدم التأييد (الامتناع عن التصويت)؟
على مستوى آخر تدرك عواصم القرار الغربي ان تضعضع الصورة بالنسبة الى مستقبل النظام في سوريا، لا يلغي حقيقة ان الحراك الداخلي كبير وعميق، ومستمر بلا هوادة بقوة وعزم، وشجاعة لا توصف، حيث يواجه المواطنون العزل الرصاص بصدورهم العارية. هذه الحقيقة بدأت تترسخ في الاذهان في الغرب. اكثر من ذلك انها تثير الاعجاب الى حد بدأت وسائل الاعلام الغربية تتابعها باهتمام، وعلى خط مواز بدأ الحراك الجدي عبر مجموعات الضغط في اوروبا واميركا في التأثير على مواقف الحكومات.
والحال ان النظام في سوريا دخل في حلقة مفرغة : كلما قدم تنازلات ولو لفظية نزل الناس الى الشارع ضده، وكلما زاد القمع والقتل، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات وساد شعار اسقاط النظام بما فيه رأسه.
قال لي خبير استراتيجي قبل ايام في معرض تحليله لما يجري في سوريا: quot;مشكلة النظام ان الموجة ضده، فإن سبح في اتجاهها جرفته، وان عاكسها كسرته، ومهما فعل ستظل افعاله تنقلب ضده. انه quot;... زمن سيئ جدا للنظامquot;.