كمال الذيب
أظهرت الأحداث التي شهدتها البحرين ومضاعفاتها الحاجة إلى استنهاض فكرة الوحدة الخليجية أو الاتحاد الخليجي أو الكونفدرالية الخليجية، في مواجهة التهديدات الخارجية والتحديات الداخلية والاستجابة إلى التطلعات والطموحات الشعبية..ولذلك ظهرت مطالبات برلمانية وكتابات ودعوات-غاب عنها السياسيون الرسميون- تنادوا بإحياء حلم الوحدة الخليجية. إن فكرة الوحدة كانت حلماً طالما تغنى به مواطنو دول الخليج العربية حتى قبل نشأة مجلس التعاون الخليجي، ولكن لم يتقدم هذا المجلس نحو تحقيق هذا الحلم بالرغم من توافر جميع مقوماته وتوافر كافة الظروف والدواعي والإمكانات المحفزة على تحقيق الحلم. وبالرغم من ضخامة الأحداث الجسام التي مرت بها المنطقة، بدءاً من الحرب العراقية - الإيرانية التي استمرت 8 سنوات، ومروراً بالاحتلال العراقي للكويت، واحتلال الأمريكان للعراق، ووصولاً لاستمرار التهديد الإيراني اليومي لأمن دول الخليج وتدخلها الفاضح في الشأن البحريني الداخلي مؤخراً، ما يزال موضوع الاتحاد أو الكونفدرالية غير مطروح على أي جدول أعمال رسمي، وحتى ما طرح مؤخراً من فتح الباب أمام كل من المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية للانضمام إلى المجلس، فيبدو كرد فعل تكتيكي ضد التهديد الإيراني المستمر وفي مواجهة العنجهية الإيرانية العسكرية المستخفة بعرب الخليج وبقدراتهم الذاتية للحماية والدفاع عن الذات أو المكتسبات. إن منطقة الخليج العربي منطقة مصالح متشابكة، بما يفرض عليها الحفاظ على مكتسباتها وأمن واستقرار شعوبها، حيث إن دول المنطقة محدودة الإمكانات على صعيد المقومات الديموغرافية والعسكرية وهو ما يغري إيران بالتطاول المستمر عليها.. بما يستدعي اليوم التأكيد مجدداً على أهمية دخول مجلس التعاون مرحلة العمل الجاد من أجل قيام الوحدة بدلاً من صيغة التعاون التي تجاوزتها المتغيرات الراهنة، وفرضت تطويرها بصورة أساسية وجذرية، وذلك بالدخول في مرحلة تدارس قضية الوحدة بين مجموعة دول تتضخم ثرواتها، وتتعاظم مشكلاتها السكانية، وتتعثر خططها وبرامجها السياسية نحو مزيد من الإصلاح الشامل، فضلاً عن عدم تطور مفهوم التعاون الأمني والعسكري الشامل، بما يمكن من قيام قوة عسكرية مشتركة انطلاقاً من تطوير قوة درع الجزيرة وتحويلها إلى جيش خليجي موحد للحماية لأمن المنطقة ودولها، خاصة بعدما ظهرت أهمية قوة درع الجزيرة في مواجهة التهديدات التي شهدتها البحرين مؤخراً، وظهور احتمالات تعرض دول المنطقة لمغامرات مرتقبة، لاسيما في ظل التوجه الإيراني الموجود الآن لإنتاج وتطوير برامج أسلحة الدمار الشامل. إن الوحدة الخليجية باتت إذاً قضية مصيرية لا يجب أن يتقدم عليها أي هم آخر، لأنها تتجاوز في قيمتها وأهميتها مطالب التنمية والديمقراطية معاً، وذلك إذا كنا جادين في المحافظة على كياننا وتأمين مصيرنا المشترك وتحقيق طموحات شعوبنا..فمجموع سكان دول المجلس الست هو لا يزيد حالياً عن 35 مليون نسمة وهو عدد ضئيل قياساً إلى أهمية المنطقة الاستراتيجية، ومقارنة بحجم الأخطار الأمنية المحدقة بها وكذلك حجم المصالح الدولية المتشابكة معها، فما بالك إذا نظرنا إلى الحجم الديموغرافي لكل بلد على حدة، بما يستدعي المسارعة في التوحد بأي صيغة من الصيغ التي تجعل من هذه الدول قوة قادرة عن الدفاع عن مصالحها، وتحقيق حلم شعوبها بمستقبل أفضل يتحقق لها معه الأمن والرخاء والنماء والاستقرار، بدلاً من أن تظل هدفاً للأطماع ولسياسات الابتزاز والاستفراد بها باتخاذ كل دولة قرارات قد تتعارض في بعض الأحيان مع المصلحة الكلية لدول المجلس.. ولكن لا يمكن تحقيق هذه الوحدة واقعياً إلا بتعزيز الوحدة الوطنية على صعيد كل بلد. أرقام.. في حال تنفيذ مشروع الاتحاد الخليجي في الأوضاع الراهنة. فإن المساحة الجغرافية لهذا الاتحاد ستصل إلى 8,2 مليون كم مربع، وسيكون عدد سكان الاتحاد الخليجي 35 مليون نسمة، وسيكون المخزون النفطي يقارب 468 مليار برميل، ويمدد بعده الزمني إلى ما لا يقل عن 100 سنة، والإنتاج المتوقع للضخ ما يقارب 15 مليون برميل يومياً، وتزداد القوى الدفاعية إلى ما يقارب 350 ألف جندي في المنظور الحالي.
التعليقات