بركات شلاتوة


لم يفاجئنا رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo; بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأمريكي وهو يعرض على الفلسطينيين سلاماً ليس له علاقة بالسلام، حيث تعودنا سماع قادة ldquo;إسرائيلrdquo; يرفضون حق العودة أو الدولة الفلسطينية أو ldquo;تقسيمrdquo; القدس، لكن طلب نتنياهو من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ldquo;تمزيق الاتفاق مع حماسrdquo; والعودة للمفاوضات مع ldquo;إسرائيلrdquo; يعدّ وقاحة وجرعة زائدة من التدخل في الشؤون الفلسطينية، خاصة أن عباس رد على طلب نتنياهو المتكرر بتأكيد أن ldquo;حماسrdquo; جزء من الشعب الفلسطيني وتمارس المعارضة كأي حركة معارضة في العالم .


إذا كان طلب نتنياهو ليس غريباً، فإن الغريب هو دعم الرئيس الأمريكي باراك أوباما له، لا بل تبنيه، عبر الإعراب عن القلق من المصالحة الفلسطينية .


لم تكمن وقاحة نتنياهو فقط في تدخله في الشؤون الفلسطينية بل تعدتها إلى محاولة تزييف التاريخ من خلال حديثه عن ldquo;كرم وسخاءrdquo; ldquo;إسرائيليrdquo; وrdquo;تنازلات مؤلمةrdquo; للدولة الفلسطينية المقبلة التي أرادها مسخاً ليس لها من مواصفات الدولة إلا الاسم . فعن أي كرم يتحدث؟ هل راهن على نسيان الفلسطينيين والعالم أن فلسطين أرض محتلة؟


وإمعاناً في تزييف التاريخ زعم أن ldquo;إسرائيلrdquo; ldquo;ليست محتلاً أجنبياًrdquo;، رافضاً تشبيهها باحتلال البريطانيين للهند والبلجيكيين للكونغو . صحيح أن احتلاله لا يشبه هذين النموذجين، لكنه أسوأ منهما، ومع ذلك فإن كل الاحتلالات التي عرفها التاريخ انتهت، ومستقبل هذا الاحتلال مثل غيره من الاحتلالات .


المواقف ldquo;الإسرائيليةrdquo; والأمريكية تُظهِر بجلاء أننا أمام معسكر واحد وأن واشنطن ليست - مثلما لم تكن يوماً - وسيطاً نزيهاً، بل هي الوجه الآخر ل ldquo;إسرائيلrdquo; . فأوباما تبنى مواقفها مئة في المئة في خطابيه الأخيرين، وكل ما يشاع عن توتر في العلاقات بين واشنطن والكيان هو كلام للاستهلاك الإعلامي، خاصة أن من يروج لهذا ldquo;التوترrdquo; هي صحف الكيان لإيهام العالم بأن واشنطن لا تناصر ldquo;إسرائيلrdquo; أو تساندها دائماً، لكن ldquo;الفيتوrdquo; الأمريكي الأخير على مشروع إدانة الاستيطان في الأمم المتحدة يكشف التحالف التاريخي والعشق الأبدي بين الجانبين . كيف لا وأكبر المساعدات الخارجية الأمريكية، الاقتصادية منها والعسكرية، تذهب لrdquo;إسرائيلrdquo;، وواشنطن تقف في وجه العالم وتتحداه من أجل ابنتها المدللة، ولا ننسى ذاك المشهد حين صوتت دول العالم على تلك الإدانة، فكانت سوزان رايس هي الوحيدة التي رفعت يدها للفيتو لكنها خفضت رأسها حتى كادت جبهتها تلمس الطاولة التي تجلس عليها لشدة الخجل، لأنها تعلم جيداً أنها تحمي كياناً غاصباً ظالماً يستبيح حياة الفلسطينيين وأرضهم .


ما تقدم يحتّم على الفلسطينيين، بل يجب أن يدفعهم، إلى التمسك بالمصالحة وترسيخ الوحدة الوطنية ووضع استراتيجية وطنية تعيد الاعتبار للمقاومة كأحد الخيارات في مقاومة الاحتلال بعد أن أثبتت المفاوضات مع الاحتلال عبثيتها على مدى أكثر من عقدين من الزمن، حيث لم تحقق شيئاً للفلسطينيين، واستغلتها ldquo;إسرائيلrdquo; للإجهاز على كل ما هو فلسطيني .