راجح الخوري

تستطيع المملكة العربية السعودية إعادة إحياء، أو تحريك المبادرة الخليجية لحل الازمة المتفاقمة في اليمن التي سبق ان علًقت، وخصوصاً الآن بعدما توسعت عمليات القتال بين السلطة ورجال الشيخ صادق الاحمر.
وفي الواقع يشكل اليمن quot;شأناًquot; سعودياً بكل المقاييس تقريباً. ليس منذ الازمة الراهنة بل قبل ذلك بزمن بعيد. فهناك مئات الكيلومترات التي تربط حدود البلدين في اطار طبيعة جبلية قاسية يصعب ضبطها، وخصوصاً بسبب الفلتان الامني على الحدود الشمالية لليمن، وما تشهده من تهريب للاسلحة وعمليات تسلل، يحاول دائما رجال تنظيم quot;القاعدةquot; القيام بها. اضف الى ذلك المحاولات الحوثية لاختراق الحدود السعودية بدفع سافر من ايران. ثم ان الاستقرار والهدوء في المنطقة يشكلان هدفاً دائما في السياسة السعوديةً طالما سعت الرياض الى تحقيقه.
منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس علي عبدالله صالح شكلت الرياض غرفة طوارئ لمراقبة التطورات في اليمن ووضع الخطط، التي تهدف الى منع انزلاق الامور نحو حرب اهلية قبلية تترك وابلاً من المآسي وقد تفضي الى تقسيم البلاد وهو ما يؤسس لنزاع طويل ومؤلم.
وليس سراً ان مبادرة مجلس التعاون الخليجي لحل الازمة بين علي صالح والمعارضة، تمت بدفع سعودي، كان هدفه ولا يزال محاولة انتقال هادئ للسلطة، ينهي المشكلة عبر خريطة طريق تؤدي الى اجراء انتخابات يقبلها الطرفان.
لا ندري ما اذا كان اعلان علي صالح اول من امس، موافقته على توقيع المبادرة الخليجية، يأتي بعد ايام من القتال الذي اثبت ميدانياً ان ميزان القوى لا يزال يميل لمصلحته وهو الذي يسيطر على قوات النخبة. وبحسب خبراء الوضع في اليمن، فإنه يملك ما يكفي من اوراق القوة لكي يستمر في التمسك بالسلطة. وليس صحيحاً ان الشيخ صادق الاحمر واللواء المنشق علي محسن الاحمر يقدران على مواجهة علي صالح، الذي يملك قوة الجيش الاساسية وكذلك نفوذاً واسعاً داخل قبيلة quot;حاشدquot; التي يؤيد قسم منها صادق الاحمر، بينما قبيلة quot;بكيلquot; الاكبر عدداً تقف على الحياد!
والمملكة العربية السعودية التي لها كلمة مسموعة مع علي صالح ومعظم القبائل في اليمن، تبقى دائماً الاقدر على ايجاد مخرج ينهي الازمة المتفاقمة، التي تهدد بإغراق اليمن والمنطقة في مسلسل من الحروب والنزاعات لا ينتهي. وفي هذا السياق كان واضحاً ان اعلان الرئيس اليمني المستجد موافقته على توقيع المبادرة الخليجية، إنما جاء موازياً لدفع قوات النخبة في الحرس الجمهوري وقوات مكافحة الارهاب الى المواجهة مع انصار الشيخ الاحمر، وهذا يعني ان علي صالح يفصل بين المتظاهرين الذين يطالبونه بالتنحي وبين الذين شهروا السلاح ضده.
والسؤال: هل يريد علي صالح ان يوقع فعلاً هذه المرة ومن موقع القوة، وهل تسارع الرياض الى دفع الرياح اليمنية في الاتجاه الصحيح؟