جاسر الجاسر

في عصر ربيع الحريات لا مكان للمتشددين والمتطرفين، ولا أمل لهم ولمن يساندهم أن يبقوا أكثر مما بقوا في مراكز السلطة.

هذا ما توصلت إليه دوائر السلطة والمال من ساسة ومفكرين وأحزاب وأصحاب نفوذ في العالم الغربي؛ فقد تأكدوا وهم يتابعون التغيرات التي تشهدها المنطقة العربية أن عرب العقد الثاني من القرن الجديد يختلفون عن عرب القرن الماضي، وأنهم إذ يتمون عمليات التغيير في الأقطار العربية فإنهم لن ينتظروا طويلاً لإحداث التغيير في فلسطين، وأنهم انتظروا طويلاً.. وطويلاً جداً، وأن الجماهير التي أزاحت حسني مبارك وزين العابدين بن علي وتقارع علي صالح ومعمر القذافي وبشار الأسد قادرة على مقارعة بنيامين نتنياهو حتى وإن دعمه باراك أوباما ورفاقه من قادة الدول الغربية الآخرين.

رياح الحرية التي أشعلت ربيع التغيير في المنطقة العربية حتماً ستصل إلى ربوع فلسطين؛ لتقتلع الاحتلال والتعنت.

ولهذا، وفي محاولة لتقليص الخسائر، خسائر المحتلين، أخذت المبادرات ومشاريع السلام تُعلن، وتتزايد دعوات التفاوض رغم التعنت والتصلب اللذين يظهرهما نتنياهو مثل كل الطغاة والمستكبرين.

فالغربيون بخاصة يعلمون القوة الكامنة في رغبة التغيير ورياح الحرية التي تهب بقوة على المنطقة العربية، وأن هذه الرياح ستواصل هبوبها حتى تقتلع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؛ ولهذا وبعد مبادرة أوباما التي أجهضها نتنياهو، وسانده في تخريب المبادرة الكونغرس الأمريكي، الذي يُعَدّ منطقة صهيونية محتلة، تُطلق فرنسا مبادرة أخرى، تتضمن مشروع سلام فلسطيني - إسرائيلي، حدّدت لها قبل نهاية الشهر القادم laquo;تموز - يوليوraquo; موعداً لإطلاقها بالتوافق مع المرجعيات التي حددها الرئيس الأمريكي أوباما في مبادرته الأخيرة.

الفرنسيون يريدون من هذا المشروع استباق توجُّه الفلسطينيين والعرب إلى الأمم المتحدة في شهر laquo;أيلول - سبتمبرraquo;؛ لانتزاع اعتراف أممي بالدولة الفلسطينية، وهدف باريس أن تُعلن الدولة الفلسطينية وفق الصيغة الأمريكية - الغربية بدلاً من أن تُفرض من الأمم المتحدة، أو يتم فرضها من الجماهير العربية التي لن تعجز عن فرض التغيير على نتنياهو بعد أن فرضته على الأعتى منه.