هاشم عبده هاشم

** لم يكن ما حدث في اليمن مفاجئاً لأحد..

** كما لم يكن مستبعداً حدوثه في أي لحظة..

** وإن لم يكن ذلك بمثل هذه السرعة.. أيضاً..

** فلقد كان الاحتمال الأقوى.. هو تطور الأوضاع من مناوشات بين السلطة والقبيلة.. ربما يطول مداها.. وتزداد تأثيرات تداعياتها وانعكاسها على الوضع الأمني العام في البلاد..

** لكن أحداً لم يكن يتوقع ان تتطور الأوضاع إلى التصفية الجسدية المتبادلة بين رجال القبيلة.. ورموز السلطة..

** والأخطر من هذا.. أن اليمن أصبح مرشحاً بعد اليوم لانهيار حقيقي بتصاعد وتيرة المواجهة وصعوبة السيطرة عليها..

** فالقبيلة وإن بدت متفقة في الآونة الأخيرة على مواجهة الرئيس..

** والمعارضة وإن حاولت أن تظهر شيئاً من الاتفاق والتجانس فيما بينها..

** والشعب في الميادين العامة.. وإن صعَّد مطالبته برحيل النظام..

** والقوات المسلحة والحرس الجمهوري وإن اتفقا على مساندة النظام والوقوف خلفه.. الا أن الحقيقة تقول..

** إن الانقسام يكاد يكون صفة مشتركة تجمع الكل.. وتؤكد أن اليمن مقبل على ما هو أخطر..

** وعندما لا يكون هناك حد أدنى من الوفاق بين أبناء البلد الواحد - وذلك هي حال اليمن في الوقت الراهن - فإن الوضع يصبح أشد خطورة.. وأكثر تعقيداً.. وأصعب على الحل.. من أي وقت مضى.. لأن الكل بات يعيش حالة خوف وقلق من المجهول (!!)

** تلك هي الحالة في اليمن الآن..

** وذلك هو التحول الكبير الذي قد ينتقل إليه اليمن في أي لحظة.. لاسيما بعد الشلل التام الذي أصاب النظام.. بعد استهداف رموزه.. بدءاً بالرئيس وانتهاء بالحرس الشخصي له ، ومروراً برئيس الوزراء ونائبه ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الشورى.. وعشرات غيرهم..

** هذا التحول .. سيقود اليمن إلى وضع (مخيف).. وغير آمن.. ولايمكن التنبؤ بما قد ينتهي إليه..

** ومن أبرز التداعيات المحتملة له هي .. الفوضى العارمة.. وبروز النزعة (الانفصالية) في بعض أجزائه.. وسيطرة القوى المحلية على الوضع في كل مدينة وقرية.. في ظل غياب سلطة الدولة.. وعدم توفر الحد الأدنى من الأمن والسلامة في أرجائه.. فضلاً عن احتمالات تعرض مؤسساته المالية والاقتصادية للنهب والتخريب.. جنباً إلى جنب تصاعد الاشتباك المسلح بين قواه المتمنطقة بمختلف أنواع السلاح كما هي طبيعة الشعب اليمني..

** كل هذا بات وارداً.. ومخيفاً..(!)

** لكن ما يُتوقع أيضاً هو انهيار اليمن ككل.. نظاماً.. ومجتمعاً.. ومؤسسات.. وقبيلة.. فلمصلحة من يتم هذا؟

** إن الوقت الآن ليس وقت حساب.. ولا وقت ملامات.. ولا وقت تأمل.. وتردد.. لأن الوضع لا يحتمل الانتظار أكثر..

** وإذا لم يقتنع الجميع بضرورة التوقف عن التصعيد.. باللجوء إلى الحكمة.. وايقاف عمليات تصفية الحسابات.. فإن الكل سيدفع الثمن.. والكل سيفقد كل شيء.. والكل سينتهي نهاية مأساوية.. ولن يكون - في النهاية - هناك كاسب واحد..

** وإذا تخيل أي طرف أنه قد انتصر.. أو أن الأحداث تجري لصالحه.. أو أن لحظة التغيير الشامل قد حانت.. فإنه يتوهم كثيراً..

** ذلك أن الحقيقة تقول إن ما حدث يوم الجمعة .. هو بداية دخول اليمن في وضع لا أخطر ولا أصعب منه.. وأن الحل هو أن يرفع الجميع أيديهم عن (الزناد)، ويتوقفوا عن (القتل) ، ويمسكوا عن الاستمرار في المطامع أو العناد الذي قاد اليمن إلى هذه النهاية..

** وإن كنت أشك - مع كل أسف - بأن ذلك ممكن التحقيق .. وأن المأساة ستتوقف.. وبالتالي فإن الخطر قد يمتد إلى خارج اليمن.. وتلك هي المصيبة العظمى..