لم يكن صالح يتخيّل أنه سيخرج من اليمن مُحمّلاً على سرير العلاج، بعدما أسقطت الجماهير الغاضبة الجزء الأكبر من شرعيته، واعتصمت أكثر من 100 يوم في الساحات والميادين، داعية إياه إلى الرحيل الفوري.


الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قبل إصابته

صنعاء: يسود غموض كبير على رأس الدولة بعد نقل الرئيس اليمني الى السعودية للعلاج، فيما يحتفل الشباب الذين يقودون منذ أشهر انتفاضة واسعة بـquot;هروبquot; علي عبد الله صالح، معتبرين أنه quot;سقوط للنظامquot;.

وأكدت مصادر قريبة من الرئاسة لوكالة فرانس برس ان أحمد نجل الرئيس اليمني وقائد الحرس الجمهوري، موجود في قصر الرئاسة، بينما نائب الرئيس عبد ربه منصور، الذي يفترض أن يدير شؤون البلاد في غياب الرئيس بموجب الدستور، موجود في منزله.

واجتمع نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الأحد، في دار الرئاسة بصنعاء، مع السفير الأميركي جيرالد فايرستاين، وبحث معه ترتيبات المرحلة الحالية التي تمر بها اليمن.

وقالت مصادر حكومية لبي بي سي إن السفير الأميركي بحث مع هادي ترتيبات مستقبلية متعلقة بنقل السلطة سلميًا في البلاد، بناء على ما تم بحثه مساء السبت بين الرئيس الاميركي باراك أوباما وهادي.

وكان اوباما قد تحدث هاتفيًا مع هادي للاطمئنان إلى صحة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وترتيب نقل الصلاحيات إلى هادي، عقب مغادرة صالح الى السعودية لتلقي العلاج. كما اجتمع هادي، الذي يتولى صلاحيات ومهام الرئيس، مع القادة العسكريين وأبناء الرئيس صالح.

واكد المصدر ان اجتماعًا عقد الليلة الماضية ضمّ عبد ربه منصور مع ابناء واخوة وابناء اخوة الرئيس الذين يشغلون ارفع المناصب في المنظومة العسكرية والامنية في اليمن، من دون ان يرشح اي شيء عن هذا الاجتماع. وذكر المصدر ان الاجتماع ضم نائب الرئيس مع اخوي الرئيس علي صالح الاحمر مدير مكتب القائد الاعلى للقوات المسلحة وقائد العمليات العسكرية، ومحمد صالح قائد القوات الجوية.

كما ضم نجله احمد وابني اخيه طارق محمد عبد الله صالح قائد الحرس الخاص، وابن اخيه ويحيى محمد عبدالله صالح قائد الامن المركزي. ولم يصدر اي بيان رسمي بشأن اجراءات ادارة شؤون البلاد في غياب صالح، فيما استمر التلفزيون اليمني ببثّ الاغاني المؤيدة للرئيس.

واكد المتحدث باسم المعارضة اليمنية الاحد ان هذه الاخيرة ستعمل بكل قوتها لمنع الرئيس علي عبدالله صالح من العودة، وذلك غداة مغادرته الى السعودية لتلقي العلاج بسبب اصابته في هجوم.

وقال قحطان لوكالة فرانس برس عبر الهاتف quot;نعتبر هذا بداية النهاية لهذا النظام المستبد الغاشم الفاسدquot;، في اشارة الى مغادرة صالح الى السعودية.

وردًا على سؤال حول ما اذا كان صالح سيعود الى اليمن برأيه، قال quot;بالنسبة إلينا سنعمل بك قوتنا لعدم عودتهquot;، مشيرًا الى ان quot;صفحته السياسية طويت منذ زمنquot;.

الى ذلك، اكد قحطان ان المعارضة مستعدة للتعاون مع نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الا انه يجب على حد قوله إجبار ابناء الرئيس صالح على تسليم السلطة الى هادي، الذي يفترض ان يمسك بزمام السلطة في اليمن، بغياب الرئيس، بموجب الدستور.

كما اكد ان المعارضة ستلتقي quot;في الساعات المقبلةquot; مع السفير الاميركي، الذي التقى صباحًا نائب الرئيس اليمني، ومع سفير الاتحاد الاوروبي.

وقال قحطان لوكالة فرانس برس quot;نحن على اهبّة الاستعداد للتعاون مع عبد ربه منصور، ولكن الصعوبة تكمن في ما اذا كان quot;الاولادquot; (ابناء صالح) مستعدين ليسلموا السلطة اليهquot;.

وكانت مصادر مقربة من الرئاسة اكدت لوكالة فرانس برس في وقت سابق ان نجل الرئيس اليمني احمد موجود في القصر الجمهوري، بينما نائب الرئيس لا يزال في منزله.

وقال quot;لا بد ان يتم اجبار اولاد صالح على تسليم السلطة الى عبد ربه منصور... ومطلوب من الاشقاء والاصدقاء ان يخرجوا من الموقف الرمادي والهادئ الى موقف حازم في عملية نقل السلطةquot;.

وفي الشارع، يحتفل الشباب بـquot;هروبquot; صالح، وبـquot;سقوط النظامquot;. ويهتف عشرات المتظاهرين المتحمسين في ساحة الاعتصام في صنعاء quot;حرية حرية اليوم عيد الحريةquot;، حسبما افاد مراسل وكالة فرانس برس. وهتف آخرون quot;خلاص، سقط النظامquot;، واخرون quot;اليوم يمن جديدةquot;.

اما في تعز (جنوب صنعاء)، فينظم الالاف مسيرة وصلت الى ساحة الاعتصام التي تمكن المحتجون من احتلالها مجددًا، بعد طردهم منها بالقوة في الأسبوع الماضي.

ويشارك في المسيرة الالاف الرجال والنساء الذين يحتفلون بمغادرة صالح. ويهتف المتظاهرون quot;حرية، حريةquot; وquot;يا شباب يا شباب علي عبدالله هربquot;. وأصيب صالح الجمعة في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي ونقل ليل السبت الاحد الى السعودية لتلقي العلاج مع مسؤولين كبار اصيبوا في الهجوم نفسه.

وبعد الهجوم، اعلن مسؤول مقرب من صالح ان الرئيس quot;اصيب بحروق وخدوش في وجهه وصدرهquot; وحالته لا تدعو الى القلق، قبل ان يؤكد صالح بنفسه في تسجيل صوتي بثه التلفزيون اليمني انه بخير.

واكد الديون الملكي السعودي في بيان فجر الاحد ان quot;الرئيس صالح وصل برفقة اخرين من مسؤولين ومواطنين تعرضوا ممن تعرضوا لاصابات مختلفة لاستكمال علاجهم في المملكة جراء الاحداث التي جرتأخيرًا في اليمنquot;.

واوضح البيان ان الرئيس اليمني نقل الى السعودية، بعدما توجه فريق طبي متخصص بأمر من العاهل السعودي الملك عبد الله بن العزيز وquot;استجابة لرغبةquot; اليمن، الى صنعاء.

ويعالج في السعودية أيضًا مسؤولون يمنيون كبار اصيبوا في الهجوم نفسه، ابرزهم رئيس الوزراء علي مجور ورئيس مجلس النواب يحيى الراعي ورئيس مجلس الشورى عبد العزيز عبد الغني ونائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية صادق امين ابو راس ونظيره لشؤون الدفاع والامن راشد محمد العليمي.

وكان صالح اتهم شيوخ آل الاحمر الذين خاضوا مع قواته مواجهات دامية في صنعاء خلال الاسبوعين الماضيين، باستهدافه وتوعد بمواجهتهم ومحاربتهم، الا انهم نفوا ان يكونوا خلف الهجوم.

وميدانيًا، بدا الوضع هادئًا تمامًا في صنعاء في الصباح، بعدما سمعت طلقات نارية متقطعة خلال الليل، وتبدو الشوارع خالية تمامًا من حركة المرور.

وكانت مصادر قبلية اكدت السبت ان الشيخ صادق الاحمر زعيم قبائل حاشد مستعد لهدنة بعد جهود بذلتها السعودية للتهدئة.

من جهتهم، دعا quot;شباب الثورة السلميةquot; الى تشكيل لجان حماية للدفاع عن المنشآت العامة في وجه المخربين واللصوص. أطلقت هذه الدعوة بعدما شهدت تعز، وهي من اكبر مدن اليمن، السبت عمليات نهب وسطو، تكثفت بعد انسحاب قوات الامن من وسط المدينة.

على صعيد آخر، قتل تسعة جنود يمنيين في كمينين نصبهما مساء السبت عناصر من القاعدة في محيط مدينة زنجبار الجنوبية، التي يسطير عليها التنظيم، حسبما افاد مسؤول عسكري لوكالة فرانس برس الاحد.

واعلن المسؤول ان قافلة عسكرية تعرضت مساء السبت quot;لكمين في منطقة دوفس جنوب زنجبار، مما ادى الى مقتل ستة عسكريين آخرين، إضافة الى خسائر كبيرة في العتادquot;.

واوضح ان القافلة قدمت من مدينة عدن (جنوب) لتعزيز اللواء الميكانيكي 25 المحاصر من قبل عناصر القاعدة في زنجبار، عاصمة محافظة ابين.

واضاف المسؤول انه في وقت لاحق quot;تعرضت قافلة اخرى إلى كمين ثان في منطقة الكود (قرب زنجبار)، وادى ذلك الى مقتل ثلاثة 3 عسكريين، واصابة ستة بجروحquot;.

وقتل عشرات العسكريين والمدنيين، اضافة الى عدد من عناصر القاعدة في مواجهات مستمرة بين التنظيم والقوات الامنية منذ السيطرة على زنجبار قبل اكثر من اسبوع.