فايز رشيد

الفرق بين نتنياهو والبعض الآخر من السياسيين الصهاينة أنه هو الأصدق بين كثيرين من سياسيي ldquo;إسرائيلrdquo;، فهو يقول الحقيقة كما هي، مع قليل من الرتوش، بينما أولئك مثل رابين وبيريز وأولمرت وتسيبي ليفني لهم نفس القبضات الحديدية، وذات الرؤى من التسوية مع الفلسطينيين والعرب، لكنهم يحاولون تغطية أياديهم بقفازات حريرية، حيث يصدّق بعضنا ما يظهرونه من لين وحرص على ما يسمى بالسلام . فيبدأ هذا البعض بتفضيل هذا عن ذاك في الانتخابات التشريعية التي تُجرى في ldquo;إسرائيلrdquo; .

من ناحية ثانية، فإن اليمين الصهيوني يزداد رسوخاً في الدولة الصهيونية، هذا ما تبينه النجاحات المتزايدة في عدد المقاعد التي يحققها في انتخابات الكنيست بين دورة وأخرى، إلى الحد الذي لا تستطيع فيه حكومة ldquo;إسرائيليةrdquo; لا الآن ولا في المستقبل القريب: تجاهل مطالب الأحزاب الدينية واليمينية الفاشية في الدولة الصهيونية، حيث تشهد تدخلاً تدريجياً متصاعداً في الحياة السياسية ldquo;الإسرائيليةrdquo;، وكذلك في الحياة الاجتماعية في الشارع ldquo;الإسرائيليrdquo; . هذا ما تبينه نتائج استطلاعات الرأي بين اليهود في الدولة الصهيونية أيضاً .

تبين نتائج آخر استطلاع للرأي بين اليهود في ldquo;إسرائيلrdquo; أجراه معهد ldquo;داحفrdquo; بطلب من المركز (المقدسي للشؤون العامة والسياسية) برئاسة د . دوري غولد أحد أكبر معاوني نتنياهو، بالنسبة إلى ما أسماه بالفحص (النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني) ونشرته الصحف ldquo;الإسرائيليةrdquo;، تبين أنّ 77% من ldquo;الإسرائيليينrdquo; لا يوافقون على انسحاب ldquo;إسرائيلrdquo; من خطوط 67 مع تعديلات حدودية طفيفة، حتى وإن جلبت مثل هذه الخطوة اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وإعلان الدول العربية عن إنهاء ldquo;النزاعrdquo; مع ldquo;إسرائيلrdquo; . إن 85% يؤيدون بقاء القدس المحتلة موحدة تحت حكم ldquo;إسرائيليrdquo;، وإن 75% من المستطلعين يعارضون نقل المسجد الأقصى إلى سيطرة فلسطينية، حتى لو بقيت ldquo;إسرائيلrdquo; هي المسؤولة عن الأمن في إطار اتفاق(سلام) يُبقي حائط البراق في يد ldquo;إسرائيلrdquo; . وفي سؤال حول الاستعداد للتنازل عن أماكن أخرى، مثل قبر راحيل قرب بيت لحم (مغارة الماكفيلا)، الحرم الإبراهيمي في الخليل وإبقاء البراق في القدس وحده بيد ldquo;إسرائيلrdquo;، أجاب 72% من المستطلعين بأنهم لا يوافقون على ذلك .

كما فحص الاستطلاع أهمية غور الأردن بالنسبة إلى الأمن ldquo;الإسرائيليrdquo;: ففي سؤال عن الاستعداد لإعادة غور الأردن إلى الفلسطينيين أجاب 75% بأنهم بالتأكيد لا يوافقون، أو يميلون إلى ألا يوافقوا على ذلك . معدل مشابه من المستطلعين أجاب أيضاً بشأن الانسحاب من المستعمرات في الضفة الغربية .

الجدير بالذكر أيضاً القول، إن استطلاعاً آخر للمستوطنين اليهود في ldquo;إسرائيلrdquo; أجرته جامعة حيفا في شهر مايو/أيار الماضي تبين فيه أن قوة الأحزاب الدينية واليمينية الفاشية ldquo;الإسرائيليةrdquo; ستتزايد في السنوات القريبة المقبلة، حيث ستشكل في عام 2030 ldquo;إذا ما بقيت ldquo;إسرائيلrdquo; حتى ذلك الوقت!!rdquo; من 62%-65% من (المجتمع ldquo;الإسرائيليrdquo;) .

الاستطلاعان السابقان ldquo;إضافة إلى استطلاعات أخرىrdquo; يبينان بما لا يقبل مجالاً للشك:

* أولاً: أن الشارع ldquo;الإسرائيليrdquo; يتجه بتصاعد إلى اليمين والتطرف والمظاهر الفاشية، وهذا ما يشي به واقع الحال في الدولة الصهيونية، فعام 2010 وحتى اللحظة (منتصف العام الحالي) يؤكد هذه المسألة، فالأحزاب الدينية واليمينية الفاشية هي جزء أساسي من الائتلاف الحكومي الحالي، كما أن الفترة المشار إليها شهدت أكثر القوانين عنصرية سنها الكنيست بالمقارنة مع مراحل زمنية ldquo;إسرائيليةrdquo; أخرى، وعلى سبيل المثال لا الحصر: قانون منع العرب من الاحتفال بذكرى النكبة، قوانين متعلقة بإمكانية سحب الجنسيات من العرب في منطقة ،48 ومن مواطني الضفة الغربية والعرب الآخرين (المصريين) الذين حازوا الجنسية بعد زواجهم من ldquo;إسرائيلياتrdquo; (المقصود من عربيات في منطقة 48)، إضافة لقوانين عنصرية أخرى استهدفت العرب .

* ثانياً: هذا سيكرس الشهية الصهيونية للقيام باعتداءات عدوانية عسكرية على الفلسطينيين والدول العربية، بكل ما يرافق ذلك من مذابح ستقترفها ldquo;إسرائيلrdquo; بحقهم على شاكلة مجزرة غزة في عدوان 2008-2009 ومجازر العدوان على لبنان في عام 2006 .

* ثالثاً: سنشهد بالتأكيد دعوات ldquo;إسرائيليةrdquo; متزايدة للمطالبة بما يسمى ب(أرض إسرائيل الكبرى)، بعد خفوت امتد طويلاً، وجرى استبداله بالهيمنة الاقتصادية ومن ثم السياسية ldquo;الإسرائيليةrdquo; على المنطقة، ومطالبةً من الشارع ldquo;الإسرائيليrdquo; بأن يكون الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين .

* رابعاً: سنشهد مزيداً من التداعيات الأخرى تتمثل في المزيد من التشدد والرفض تجاه الحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية، المزيد من تدخل اليمين في الحياة السياسية، وضمناً العسكرية في ldquo;إسرائيلrdquo;، تراجعاً ملحوظاً لحزبي العمل وكاديما وغيرهما في مقابل ترسيخ حزب الليكود، وإمكانية بقاء نتنياهو وحزبه في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات التشريعية المقبلة وغيرها من المظاهر باتجاه تطوير المظاهر العنصرية ضد عرب 48 .

هل ندرك ما يعينه كل ذلك على الصراع العربي-الصهيوني، وعلى أهمية إيجاد استراتيجية فلسطينية وعربية تجاه هذا الصراع؟